الاستقواء على الملك
كتبت : إخلاص القاضي
هذه ليست المرة الأولى التي تتقاطع بها الأخبار المغرضة ضد جلالة الملك والأسرة الهاشمية، فلقد اعتدنا على توقع أي منها في أي لحظة، ولكن هذه المرة كانت الحملة واضحة ومكثفة ومبرمجة وشرسة بتزامن الكشف عن اختراق اتصالات الديوان الملكي، مع كل ما يعنيه ذلك من تهديد ضمني، مفاده ” قادرون على الوصول إلى ما نريد، ومن نريد”، فضلا عن إثارة البلبلة حول الأرصدة المالية لجلالته في الخارج، رغم أنه سبق وأُثير هذا الموضوع، وأوضح الديوان بما خلاصته:”لاعلاقة بأي أرصدة لجلالته بالمال العام للدولة”، مع كل ما يعقب ذلك من عدم تصديق وتنمر من قبل بعضهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ولهذا حديث آخر.
هذا ليس استهدافا للملك فقط بل محاولة فاشلة للاستقواء على جلالته، بتأليب الرأي العام، وتحريض من يقبل على نفسه ذلك، على أن “الملك ينعم بخيرات” فيما شعبه يأن تحت وابل من رصاص الفقر و”كاتيوشا” البطالة، وملفات عالقة بفساد لا ينتهي.
أعتقد أن من يتربص بالملك جراء مواقفه الثابتة، ولاسيما من صفقة القرن والثوابت العروبية، على وشك أن يشهر افلاسه، من أفلام”الاكشن”، وأكاد أجزم، لو أنه يملك اوراقا غير تلك الأسطوانات “المملة” لاشهرها على العلن، وفورا، ولكنها جرعات من سموم جائحة سياسية لا تنضب، يملك الاردني الحر، ضدها اللقاحات اللازمة.
أدرك أن الوقوف صفا واحدا خلف القيادة الهاشمية هو نوع من تحصين الجبهة الداخلية، وأدرك أيضا أنه “شأنك” أيها الكاره للملك وللأردن، أن لا تحب الملك ولا الهاشميين، “فالحب جد من الله ومش غصيبة” ولكن استهدافهم على هذه الشاكلة المستمرة يعني، استهداف الاردن كله، بما فيهم أنت، نعم أنت، من تقرأ مقالي الآن، لانهم يعزفون على وتر الفتنة، والتحريض، وضرب الأمن، ودفع العامة للتململ أكثر، ولعدم الايمان بهذا البلد ووجوده وعزيمته ودوره التاريخي والوطني، يريدون ضرب آخر معاقل الاعتدال في محيط ملتهب، يتمنون النيل من الهوية والوحدة الوطنية، حاولوا ضرب الاردنيين ببعضهم بعضا من خلال: أردني فلسطيني، فيصلي وحداتي، غرب النهر وشرقه، أردني اصلي ولا”متجنس”، من جاء على هذا البلد قبل من، حزبي مستقل، ولا اخواني..الخ، من تناقضات، تسبح بفكرهم الملوث، لكنها تسقط من فضائنا الوطني على أرض صامدة بمن أحبها مجانا ودون أي مقابل، “يا عمي مش زابطة معهم”، والحمدلله.
من قال أن الصحافة العالمية، حيادية؟ ومن قال أن أخبارا تطال سيد البلاد عبر تلك الصحافة لا تخدم أجندة مشبوهة؟ ولكن طالما استخدم الإعلام المأجور نظرية “إكذب أكذب حتى أصدقك”، وهذا ما على كل مواطن أن يعيه، فليس كل “ما يطبع خبرا”، وليس كل ما “يصور حقيقة”، فنحن في زمن”خلط الأوراق”، وخدمة مصالح القوى المتحكمة بالعالم، لكن كل ذلك لا يمنع أن الاردني الذي يتأثر بمثل هذه الأخبار، هو دائما على خطأ، فهو “غير ملام” ومثقل بحال صعبة، من ديون وقروض وسوء معيشة وبطالة وفقر وغياب الأمان الاجتماعي والشعور بالتهميش، وقلة الحيلة.
تحصين الجبهة الداخلية سيدي، لا يكون فقط بالحب المعنوي، فالشعب تواق لمستويات معيشية أفضل، ولحكومات “تفهم على الشعب”، ولفرص عمل برواتب منطقية، ولمحاربة حقيقية للفساد والترهل الاداري والمالي والمحاصصة والمحسوبية والشللية والمناطقية، ولتوزيع عادل للثروات، ولترشيد النفقات الحكومية ومظاهر الترف التي لا تليق ببلد محدود الموارد مثل بلدنا، فعندما تحل كل هذه القضايا الملحة، وبشكل جذري، ويشعر المواطن بالفرق بمعيشته وحياته وكرامته،”ساعتها، لو كل الدنيا كتبت ضد الملك، والاردن، لو كل الدنيا سربت معلومات خاطئة، لو كل الدنيا اجتمعت علينا، كيدا وتجبرا ونكاية سياسية ومصالحية”، ساعتها، كل ذلك، يذوب على صخرة الاكتفاء والقناعة بمستويات معيشية فضلى، ويصبح الانتباه لمثل هكذا افتراءات محض مضيعة للوقت، وهذا لا يعني أننا نزحف على بطوننا، ولكن ابسط حقوق الانسان أن يشعر بالرضا وقليل من السعادة، فكلنا في هذا الوطن رفاق سلاح معركتك في الحفاظ على أردن مستدام ومتطور وعصري واصلاحي ومؤسساتي وديمقراطي فعلي، ولا يهمنا اختراقات ولا شائعات ولا تسريبات ولا “سواليف الحصاد”.