الفرص الواعدة للشباب في قطاع التدريب المهني والتقني
22 الاعلامي – بقلم: م. أحمد نضال عواد
إنّ فرص العمل المتاحة بأسواق العمل المحلية والدولية تعتمد على المهارات والخبرات التي يمتلكها الشباب المتقدمين لها، خاصة في ظل التطور التكنولوجي المتسارع بالعالم و حوكمة الإجراءات ورقمنتها بالمجالات التنموية كافة.
ومن القطاعات التي تعتبر مولدة لفرص العمل الجديدة للشباب قطاع التدريب المهني والتقني الذي يعتبر عماد للتنمية المحلية وتوفير المهنيين القادرين على تغطية احتياجات السوق المحلي والدولي، وإذا نظرنا لتجربة ألمانيا وهي دولة صناعية متقدمة فإن 70٪ من الشباب على الأقل يتجهون نحو التعليم والتدريب المهني والتقني نظراً لأهمية العمالة المهنية في النمو الاقتصادي، في حين نسعى بالأردنّ إلى رفع النسبة لتصبح 20٪ للعام 2023، و أكثر من 50٪ في العام 2033 وهذا ضمن الخطط الاستراتيجية التي تتطلب تكاتف جهود جميع المؤسّسات التنموية والشبابية بالقطاعين العام والخاص و مؤسّسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام والمنظمات الدولية العاملة بهذا المجال بهدف توفير البيئة الحاضنة المتميزة والفاعلة للشباب والشابات بجميع محافظات المملكة وتوفير الحوافز التي تسمح لهم بالاندماج بأسواق العمل أو البدء بمشاريع التشغيل الذاتي المولدة لفرص العمل الجديدة لهم و لأقرانهم وأهمية اعتماد مبدأ الاستثمار الاجتماعي بديلاً عن القروض، و تسريع العمل على فتح المسارات الأكاديمية للمهنيين.
وحيث يولي جلالة الملك عبداللّه الثاني ابن الحسين المعظم – حفظه اللّه ورعاه- ، وسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني المعظم – حفظه اللّه ورعاه -، الإهتمام والتوجيه الكبير المستمر للارتقاء بمنظومة التدريب المهني والتقني وجعلها جاذبة ومتوافقة مع المهارات المطلوبة لدى سوق العمل وفقاً لمتطلبات الثورة الصناعية الرابعة وما تشمله من تحول رقمي وذكاء اصطناعي وتدريب عبر الواقع الافتراضي وغيرها من التكنولوجيا الحديثة ومهارات المستقبل المطلوبة لدى أسواق العمل.
وإنّني وقد تشرفت بالعمل خلال الخمسة سنوات الماضية (شباط 2018- شباط 2023)، بالتدريب في المعهد الأردني الكوري للتكنولوجيا ثم في إدارة مؤسّسة التدريب المهني التي تعتبر حاضنة التدريب الأولى المعنية بتمكين الشباب بالمهارات المطلوبة لدى أسواق العمل المحلية والدولية؛ فكان لزاماً أن أخصها بالحديث هُنا و أنقل الصورة الحقيقية لأهمية استمرار وجودها و مواصلة تطويرها ودعمها واعتبارها فرصة نوعية واعدة لتوفير الفرص للشباب الذكور والإناث بمحافظات المملكة كافة وإمكانية استثمارها لتحقيق شراكات عربية ودولية تنموية مستدامة، حيث تأسست المؤسّسة في عهد الملك الباني الحسين بن طلال – طيب الله ثراه- كأحد المشاريع التنموية في الخطة الخمسية (1976 – 1980) بهدف التوسع في إعداد القوى العاملة المدربة و تسليحها بالمهارات النوعية المطلوبة لدى سوق العمل، حيث باشرت أعمالها عام 1977، ولديها حالياً 35 معهد تدريبي تضم 348 مشغلاً، و 120 برنامجاً معتمداً، بطاقة استيعابية 10 آلاف متدرب بالدفعة الواحدة خلال العام التدريبي، مع إمكانية مضاعفة هذا العدد، وخرجت منذ تأسيسها ما يزيد عن 420 ألف شابـ/ـة ممن لهم بصمات معروفة بالقطاع الخاص المحلي والإقليمي.
و المؤسّسة تعتبر إحدى أهم الحواضن للشباب و الشابات لتمكينهم بالمهارات المطلوبة لسوق العمل من خلال برامجها المتميزة بالعديد من المجالات التنموية ولدى كافة الفئات والتي كان آخرها برنامج “المهندس المهني” بالتعاون مع نقابة المهندسين الأردنيين، وهي ماضية بتطوير المنظومة التدريبية ومواكبة التكنولوجيا الحديثة وضمان جودة التدريب في معاهدها وفقاً للتوجيهات الملكية السامية والخطط الحكومية لمواصلة النهضة بالعقول الشابة المتميزة والبناء على ما تم إنجازه خلال العقود الماضية برؤية الملك المعزّز وسمو ولي العهد ثم بتوجيهات مجلس إدارتها وفريق عملها المتميز المتواجد بالمحافظات كافة لتوفير الفرص النوعية من خلال خطة المؤسّسة الإستراتيجية للأعوام 2022-2025 والتي تم تطويرها العام الماضي على أساس الشراكة الكاملة مع القطاع الخاص وغرف الصناعة في المملكة لتوفير فرص التدريب المنتهي بالتشغيل، و استحداث مراكز التميز بالقطاعات الواعدة المطلوبة لدى أسواق العمل بالشراكة مع القطاع الخاص والجهات المانحة، و رقمنة العمليات التدريبية والإدارية فيها والعمل على تطوير الكادر وتأهيله بالمهارات المتميزة، إضافة للتميز المتحقق لديها بمجال السلامة والصحة المهنية على المستويين المحلي والإقليمي.
وإذا أردنا التوسع بالحديث حول البرامج المهنية فلا بد من توأمة البرامج مع المؤسّسات الإقليمية والدولية الرديفة لها للإسهام بشكل واضح في توفير العمالة المهنية ذات الكفاءة العالية، إضافة لأهمية دورها التنموي الاجتماعي الأمني ومساهمتها بالحفاظ على السلم والتماسك المجتمعي ونبذ العنف والتطرف بشكل غير مباشر، فلا بد من إعادة النظر وإجراء حوار موسع يشارك فيه ممثلين عن فريق عمل المؤسّسة المتواجد بالمحافظات كافة والذي يصل لأكثر من ألف موظف/ـة، وإشراك كافة أصحاب المصلحة من خريجي المؤسّسة و المؤسّسات الشريكة التي تعنى بقطاع التدريب المهني والتقني وتوفير الدعم الكامل اللازم لتطويرها وكوادرها البشرية، بل بالإمكان جعل المدارس المهنية تابعة لها مما يساهم في توفير منظومة متكاملة قابلة للتطور ومواكبة احتياجات أسواق العمل وانعكاس ذلك على معالجة البطالة، وهذا لا يمنع بأي حال جعل المظلة العليا لتنظيم ذلك هي وزارة التربية وتنمية الموارد البشرية المنوي استحداثها وفقاً لخطة تحديث القطاع العام التي نأمل جميعاً كمواطنين أن نلمس التغيير الإيجابي عند تنفيذها وحوكمة الإجراءات الحكومية من خلالها وتوفير المرونة والرقمنة والشفافية والتكاملية بين مؤسسات الدولة مما يساهم بتوفير الاحتياجات ومعالجة التحديات وفي مقدمتها “البطالة” والتي ينبغي أن تتكاتف جميع القلوب مع العقول لمواجهتها و أخطارها وتوفير الخطط التنفيذية الفاعلة المرتبطة بمؤشرات قياس الأداء الواضحة للتقليل و الحد منها، حيث الشباب والشابات بالمحافظات الأردنية كافة يستحقون الأفضل دائماً ولديهم المهارات اللازمة للمنافسة على وظائف المستقبل المحلية والدولية ولا بدّ من توفير البرامج الحاضنة لتنمية هذه المهارات واستثمار القدرات المتاحة جميعها وتعزيز ثقافة الريادة والابتكار والإبداع على نحوٍ يساهم بالتنمية الشاملة وتوفير نموّ اقتصادي مستدام مُحفِّز للاستثمار.