22 الاعلامي
بقلم فادي زواد السمردلي
في كلمته أمام اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها التاسعة والسبعين، قدم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين تحليلًا عميقًا للأزمات الراهنة التي تواجه المجتمع الدولي، مسلطًا الضوء على الانهيار الحاصل في شرعية المؤسسات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة. كان جوهر خطاب جلالة الملك هو التحذير من التحديات التي تهدد القيم الأساسية للأمم المتحدة، مثل العدالة وحقوق الإنسان والمساواة، في ظل تصاعد النزاعات العالمية والاضطرابات الإقليمية، خاصة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. جلالته استنكر بوضوح العجز الدولي عن حماية المدنيين في غزة والضفة الغربية، مشيرًا إلى أن استهداف الأبرياء وعمال الإغاثة يمثل تهديدًا لمستقبل القانون الدولي وللسلام العالمي.
أبرز ما ركز عليه الملك هو ضرورة استعادة الثقة في المؤسسات الدولية، والدعوة لتحمل المسؤولية في توفير الحماية للشعب الفلسطيني في وجه الانتهاكات الإسرائيلية المتزايدة. جلالته شدد على أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي ليس مجرد قضية سياسية، بل هو اعتداء على القيم الإنسانية والأخلاقية التي قامت عليها الأمم المتحدة. كما نبه إلى خطر استهداف الأردن من خلال الحديث عن “الوطن البديل”، مؤكدًا رفضه القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين إلى الأردن، واعتباره ذلك جريمة حرب.
تحليل خطاب جلالة الملك يُظهر جليًا التزامه بمبادئ القانون الدولي، وحرصه على التأكيد أن السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والسلام هو العدالة المتساوية لكل الشعوب، فلسطينيين وإسرائيليين على حد سواء. دعا جلالته أيضًا المجتمع الدولي للوقوف مع الأردن في إنشاء بوابة إنسانية لغزة، مشددًا على أن المساعدات الإنسانية يجب ألا تكون أداة للحرب. من خلال هذه الدعوة، قدم الملك رؤية واضحة لالتزام الأردن بالقيم الإنسانية وسط الصراع، ما يعكس دوره الريادي في المنطقة والعالم كمروج للسلام والعدالة.
في النهاية، يُعد خطاب جلالة الملك رسالة قوية للمجتمع الدولي، تحث على التحرك الفوري والحاسم لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، والعودة إلى مسار السلام المبني على القانون الدولي، وذلك ليس فقط من أجل الفلسطينيين بل من أجل استقرار وأمن المنطقة بأسرها.