مقالات
أخر الأخبار

د. حسام العتوم يكتب : الجديد في العلاقات السعودية – الروسية

22 الاعلامي – بقلم : د. حسام العتوم

السعودية – المملكة ، و روسيا الاتحادية قطبان كبيران  لدرجة العملقة ، ولكل قطب منهما  ميزات خاصة به تجعله كبيرا أو أكبر ، ولكل

موقع استراتيجي و جيو سياسي أهمية خاصة ، أحدهما يمثل الوطن العربي ،و الثاني المعسكر الشرقي ، و الأول السعودي منفتح على الشرق و الغرب ، وعلاقات متميزة خاصة مع الصين ، و ايران ، و أمريكا ، و روسيا  . و الثاني الروسي يقود عالم متعدد الاقطاب بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، و انطلاقة العملية العسكرية الروسية الخاصة  تجاه الاراضي الأوكرانية الشرقية السابقة التي حررتها ،وتستكمل تحريرها ، و يمثل شرق و جنوب العالم  و يبقي الباب مواربا تجاه الغرب . والعربية السعودية تمتلك مركزا دينيا متميزا يمثل زعامة العالم الإسلامي ،و أكبر احتياطي نفط (268 مليار برميل ) ،  و غاز (4 ، 324 تريليون متر مكعب ) في العالم ، إلى جانب العديد من المعادن الثمينة و النادرة التي يصعب تعدادها و حصرها هنا . و مساحة تقارب 2 مليون كلم2 تحسب من مساحة الوطن العربي ثاني أكبر مساحة في العالم بعد روسيا الاتحادية ( أكثر من 14 مليون كلم 2 مقابل أكثر من 18 كلم2 ) . وتعداد سكان يفوق ال 32 مليون نسمة من أصل حوالي 500 مليون نسمة تعداد سكان الوطن العربي .

و روسيا الاتحادية – قطب شرقي يتفوق مساحة ،و في السلاح النووي و التقليدي العسكري و البحري ، وفي الاقتصاد على مستوى أسيا و على اليابان ، وتعداد سكانه يقارب ال 150 مليون نسمة . و علاقة جيوبولوتيكية وطيدة مع السعودية ،ومع مختلف دول العالم رغم تراجع وهجها بعد الحرب الأوكرانية 2022 / 2025 ، المفترض أن تسدل الستارة عنها هذا العام على أرض المملكة العربية السعودية بعد لقاء أمريكي يقوده الرئيس دونالد ترامب و روسي يقوده الرئيس فلاديمير بوتين في القريب العاجل ، وكما ذكرت الانباء   . و الرئيس ترامب متفهم لكواليس الحرب الأوكرانية أكثر من سلفه بايدن ، فهو من ينصح الرئيس الأوكراني – رئيس دولة (كييف ) ، فلاديمير زيلينسكي بالتوقف عن خوض معركة سرابية مع دولة عظمى مثل روسيا ، و يلفت الانتباه إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تصرف على الحرب أكثر من دول ” الناتو ” مجتمعة ” ،وهو المرهق لخزينة الدولة الأمريكية حسب اعتقاده ، و صرح ترامب ذات الوقت بأن أمريكا هي التي تحمي ” الناتو ” و ليس العكس ، و بأنه ليس من حقق ” الناتو ” التمدد شرقا بمحاذاة روسيا ، و تصريح لزيلينسكي حديث يؤكد فيه خدعة الغرب له بشأن دخول أوكرانيا ” الناتو ” مطالبا ذات الوقت بتحرير المناطق الشرقية المحتلة حسب قوله لقبول عضوية ” الناتو ” . و اعلان لوزير خارجية روسيا سيرجي لافروف أكد فيه اعتراف ترامب بأن من أسباب الحرب الأوكرانية محاولة جر” الناتو” تجاهها، وطالب أوروبا بدفع تعويضات لأمريكا جراء ارسال ذخائر قيمتها 200 مليار دولار . و بالمناسبة “الناتو” لا يقبل دخول أوكرانيا أو غيرها ،وهم في حالة حرب .   

 . و تمنى ”  ترامب ”  على  كييف ”  قبول ما حررته روسيا من أراضي في الجانب الشرقي من أوكرانيا في المقابل ، ووعد بوقف الدعم المالي للناتو ، و طالب  زيلينسكي بتزويد أمريكا  بالمعادن النادرة الثمينة  المتوفرة غرب أوكرانيا لاستعادة ما صرفته أمريكا على حربها التي بدأت من طرفهم جماعة  .

وفي المقابل  اعتبر الرئيس فلاديمير بوتين بأن الحرب الأوكرانية ستنتهي فور رفع ” الناتو ” يده عنها ، و بأنه ليس من حق زيلينسكي حضور جلسة السلام الروسية – الأمريكية حول أكرانيا في السعودية بسبب انتهاء ولايته الدستورية ، و عدم أحقيته توقيع السلام مع الجانب الروسي ، بينما يحق ذلك لرئيس البرلمان – فيرخوفنايا رادا . و المعروف هو بأن اتفاقية انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 نصت على ضرورة التزام  الدول المستقلة بالحياد ،وعدم دخول تحالفات عسكرية معادية . و حسب الرئيس بوتين ، كان الأصل أن يلتقط زيلينسكي اشارة شرق أوكرانيا التي صوتت للإنضمام  لروسيا و رفضت التعامل مع نظام  ” كييف. و تحدث الرئيس بوتين أيضا  عن مقتل حوالي 30 صحفيا  روسيا ، و صحفي أمريكي تم تعذيبه و قتله .

وثمة انسجام و توأمة بين الموقفين السعودي و الروسي بشأن ملف القضية الفلسطينية العادلة المرتبطة أركانها بمخرجات قمة بيروت عام 2002 التي طالب فيها الأمير / الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله إسرائيل بالإنسحاب الكامل حتى حدود الرابع من حزيران لعام 1967 مقابل سلام شامل معها ، و هو الذي رفضته إسرائيل ، و لازالت ترفضه حتى الساعة ، و طورت رفضها له بالمناداة و بالتعاون مع أمريكا – ترامب بتهجير المواطنين الفلسطينيين طوعا و ليس قسرا فقط  . وهي خديعة تمررها إسرائيل عبر أمريكا  لتملك الأرض الفلسطينية لاحقا و بعد زمن  ، تاركين التوسع و الاستيطان لليهود الرحل ،و لتوراتهم المزورة ، وهم من عرض عليهم عام 1950  الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين التوجه لبناء إسرائيلهم في إقليم القرم على شواطيء البحر الأسود ، أو إلى سخالين الروسية على حدود اليابان ، لكنهم ، أي اليهود و معهم حاخامات صهاينة مؤتمر بازل عام 1897 أصروا على البحث عن هيكل سليمان السرابي الذي لم يجدوا له أثرا حتى الساعة ، ولن يجدوا .

و روسيا الاتحادية تتقدم دول شرق و جنوب العالم بالمطالبة بحل الدولتين ،و بدولة فلسطينية و عاصمتها القدس ،وهو ما نسمعه دوما وسط تصريحات الرئيس بوتين ووزير خارجيته لافروف .

 و تطالب روسيا إسرائيل و رغم الروابط الجيوبولوتيكية بينهما ، و الديمغرافية كذلك ، و الاختلاف في السياسة  بمغادرة الاراضي العربية المحتلة عام 1967 ،و بوقف الاستيطان . وهو موقف عربي أيضا ، ومن أكثر دول العرب وضوحا  كذلك  في مجاله يسجل   للمملكة الأردنية الهاشمية بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله .  و هنا لا يسعني إلا أن أدعو لجلالته بالنجاح و الفلاح في رحلته السياسية الصعبة القادمة تاريخ 11 / فبراير / 2025 ، الهادفة لاقناع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر برنامج  مغاير  للعزوف عن تبني الرواية الإسرائيلية التي تعمل من أجل تهجير الفلسطينيين أصحاب التاريخ الكنعاني العريق عن أرضهم الشرعية التي ولدوا ،و ترعرعوا فيها ، و تحملوا مالم يتحمله شعب غيرهم من مأسي وحروب ،وفقط لأنهم شعب الجبارين المناضل  كما وصفهم الزعيم الراحل  ياسر عرفات ، و في مقدمتها ( حرب الإبادة ) في غزة و التي لامست جنوب لبنان أيضا ، و راح ضحيتها أكثر من 47 الف شهيدا ، جلهم من الأطفال ، والنساء ، و الشيوخ ، وهدم المنازل ،و غيرهم لازالوا تحت الركام.

المملكة العربية السعودية دولة عربية شقيقة نعتز بها و بمواقفها المشرفة تجاه قضية فلسطين. ولقد أعجبتني مداخلة الأمير ولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان ، عندما اعترض خلالها على حديث مترجم الرئيس بوتين أثناء زيارته الأخيرة للرياض بعد قدومه من  الإمارات  عام 2023 بقوله بأن  الاتحاد السوفيتي اعترف أولا بإستقلال السعودية عام 1926 ،  فأجاب الأمير محمد سلمان وقتها ، بأن السعودية لم تكن مستعمرة يوما ، بل وحدت صفوفها تحت  راية السعودية . تجددت العلاقات بين روسيا و السعودية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 ، و حجم تبادل تجاري وصل عام 2024 إلى أكثر من 5 مليارات دولار . والممكن ذكره هنا أيضا بأن حجم المساعدات المالية للشعب الأوكراني بلغت 400 مليون دولار ذات الوقت ، وتقف المملكة العربية السعودية على الحياد وسط الحرب الروسية – الأوكرانية ، و تدعو للحوار بينهما ، و للوصول إلى سلام عادل ، يفضي لسلام دولي خاصة بين روسيا و الغرب ،و العكس صحيح .

ومن الاحتمالات الواردة لعقد لقاء ثنائي بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين و الأمريكي دونالد ترامب أن يكون في دولة الإمارات العربية المتحدة الصديقة لروسيا و لأمريكا و أوكرانيا ، و المصنفة في روسيا بأنها من دول الحياد في موضوع الحرب الأوكرانية التي تدور رحاها حتى الساعة مطلع العام الحالي 2025 . ومساعدات إماراتية  إنسانية للشعب الأوكراني بلغت 1015 طنا من المواد الغذائية و الطبية و الإغاثية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى