
22 الاعلامي – بقلم : اسامة صقور
يعد العنف المدرسي من القضايا التي تؤثر على البيئة التعليمية وتحد من قدرة الطلبة على التحصيل الأكاديمي والنمو النفسي والاجتماعي السليم. ورغم الجهود المبذولة من قبل المدارس للحد من هذه الظاهرة، إلا أن مسؤولية التصدي لها لا تقع على عاتق المدرسة وحدها، بل تتطلب تعاونًا وثيقًا بين الأسرة والمؤسسات التعليمية، وفي مقدمتها وزارة التربية والتعليم.
الأسرة.. اللبنة الأولى في بناء شخصية الطالب
للأسرة دورًا جوهريًا في الحد من العنف المدرسي، إذ إنها المحيط الأول الذي يتشكل فيه سلوك الطفل وقيمه. فعندما يتربى الطفل في بيئة تسودها المحبة والتفاهم والاحترام، ينعكس ذلك على سلوكه في المدرسة. في المقابل، فإن العنف الأسري، سواء كان لفظيًا أو جسديًا، يزيد من احتمالية تبني الطفل سلوكيات عدوانية تجاه زملائه. لذا، من الضروري أن يتبنى الآباء والأمهات أساليب تربوية قائمة على الحوار وتعزيز الثقة بالنفس، بدلاً من العقاب القاسي والتوبيخ المستمر.
التواصل الفعال بين الأسرة والمدرسة
لا يمكن تحقيق بيئة مدرسية آمنة دون وجود قنوات تواصل فعالة بين أولياء الأمور والمعلمين. فمن خلال اللقاءات الدورية واجتماعات مجالس أولياء الأمور، يمكن للأسرة الاطلاع على سلوكيات أبنائها داخل المدرسة والتعاون مع الكادر التدريسي لمعالجة أي مشكلات سلوكية قبل تفاقمها. كما أن تعزيز العلاقة بين البيت والمدرسة يساعد في تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للطلبة، مما يقلل من شعورهم بالإحباط أو الحاجة لاستخدام العنف كوسيلة للتعبير عن مشاعرهم.
دور وزارة التربية والتعليم في الحد من العنف المدرسي
إدراكًا لأهمية معالجة العنف المدرسي، تعمل وزارة التربية والتعليم على تنفيذ العديد من البرامج والأنشطة التي تهدف إلى توجيه سلوك الطلبة نحو القيم الإيجابية وتعزيز ثقافة الحوار والتسامح. وتشمل هذه الجهود:
- البرامج التوعوية والإرشادية: حيث يتم تنظيم ورش عمل ومحاضرات حول مخاطر العنف وأثره على البيئة التعليمية، بمشاركة مختصين في علم النفس والاجتماع.
- الأنشطة اللامنهجية: مثل الرياضة والفنون والمسرح، والتي تسهم في تفريغ طاقات الطلبة بشكل إيجابي وتعزز لديهم مهارات التعاون والعمل الجماعي.
- غرف الإرشاد النفسي والاجتماعي: حيث توفر المدارس مرشدين مختصين لمساعدة الطلبة في التعامل مع ضغوط الحياة المدرسية والاجتماعية، وتشجيعهم على التعبير عن مشاعرهم بطرق سليمة.
- تعزيز ثقافة الحوار: من خلال برامج تدريبية للمعلمين حول كيفية التعامل مع السلوكيات العدوانية بأساليب تربوية قائمة على الحوار والتوجيه، بدلاً من العقوبات الصارمة التي قد تزيد من حدة العنف.
ختامًا.. المسؤولية مشتركة
إن الحد من العنف المدرسي مسؤولية مشتركة تتطلب تكاتف جهود الأسرة والمدرسة والمجتمع بأكمله. فكلما كان هناك وعي أكبر بأهمية التربية السليمة وتعزيز القيم الأخلاقية لدى الطلبة، كلما قلت مظاهر العنف داخل المدارس. ومن هنا، فإن بناء جيل متزن نفسيًا وسلوكيًا يبدأ من الأسرة، ويستكمل في المدرسة عبر البرامج التربوية الهادفة، ليكون لدينا بيئة تعليمية صحية تساهم في إعداد أجيال قادرة على بناء مستقبل أكثر أمنًا واستقرارًا.