
22 الاعلامي – بقلم : الأديبة رويدة الضمور
مجلة سرى ،مجلة خفيفة الظل ،ومن الفرص السعيدة أن تكون من قرائها أو أحد الأسماء اللامعة بين طياتها .
الناظر و المطلع على المجلة يجد حذاقة في اختيار العناوين وتنويعة رائعة في انتقالك بين صفاحتها وأنت تقرأ شعرًا و نثرًا أو خاطرة أو مقالًا وغيرها من أصناف الأدب الذي يليق بالمتلقي الواعي و المهتم بكافة جوانب الثقافة والفن .
الغلاف تتوسطه امرأة تأسرك ملامحها الشرقية التي حملت من أدوارها الفنية ما يعيدك إلى ما قدمته على الشاشات نفسها التي نقلت لنا صوت العنديلب ليصل إلى قلوب لم تنسه يومًا وإذ هو هنا مجد صوت تسطره لنا المبدعة الصحفية (سهام فودة ) و كأنك في مقهى الفيشاوي تحتسي فناجين شاي اختمرت عبر سطور انتقلت فيها المجلة من الماضي إلى الحاضر بأقلام دخلت لدهاليز النفس البشرية في مقال للكاتبة (راوية المصري ) ،
ومابين الممكن والمستحيل فكرة ينسجها لنا (صهيب المياحي) ، في حين نحن على مقصلة الانتظار كما تقول الكاتبة (رنا الطويل) لتفتح لنا المبدعة (ايمان السعودي) نافذة تطل على إبداع أطفالنا فهو كما تقول و هي وجهة نظرنا أيضًا أن (الفن المرآة التي تعكس العالم الداخلي للطفل).
ثم تكبر فجأة وأنت تقلب الصفحة تلو الأخرى كخطوط تتعرج في لوحة فنان تشكيلي ما بين قواعد العشق الأربعون فتحتاج أن يتغذى قلبك كما فكرك فتغرق في بحر الثقافة و تؤدي تحية الوفاء للذي قدم للأدب ما يجعله حيًا فينا،فكان نجيب محفوظ كتيار ثقافي متجدد في عالمنا الذي نلتقي فيه (تحت ستائر القدر) وهو عنوان تستفزك به الكاتبة (لافا) ،فنفتح عين العمر على (صدر من السعف) كما تقول الكاتبة (سهى الجربي) ونمضي الوقت حلمًا ليقرع جرس الشعر على يد الشاعر(حسين المزود) قائلًا
قد زارني طيف من أهوى فلم أنم
فما أبخل الطيف إن يقدم ولم يقم
وترد الشاعرة (مارينا أربيان )
سكبت عيونك في الفراق مدامعي
والنار فيك تحوم بين أضالعي
كأنها حوارية شعرية في مقهى الفيشاوي
ثالثهما(هدى شحتور )
تترنم وهي تحتسي قهوتها المعتقة بصوت عبدالحليم
خيالك زارني فهتفت أهلا
بمن للنفس قد أحيا وولى
وتمتعنا (مروة قرة)
والليل حولي غارق بسهادي
كم قوبل الجبل العالي بوادي
فينتهي الليل على صوت (سوسن الشوملي )
بسلاف الراح جاء الصباح
خمرة الشوق تملأ الأقداح.
فتمتلئ جعبة الصباح الواسعة حد المدى بالشعر الساحر للكثير ممكن التقوا بمقهى مجلة سرى لتكون مسام جسد لهفة القراءة قد تفتحت ونز منها رغبة لمواصلة التصفح بين طيات لم تنس حتى المراهقين و أفكار كثيرة مابين قصة قصيرة ومقالة كسماء تختار منها ما تشاء من النجوم الملونة
فتذكرنا الرائعة (بلقيس الفارسية) بجذورنا العربية و عروبتنا التي تعيش ألمًا ممتدًا من شرقها لغربها منتشرًا في كل اتجاهات الحياة ، وتبقى حسابات الحياة معقدة و كأننا خارج الزمن حين جمعتنا سرى ما بين دفتي (كريمان الفقي) و الكاتبة ( آية الداوود) فيكون حملنا ثقيلًا لإبداء رأينا حول
كل هذا الإلهام الإبداعي في نموذج مشرف يجعل من الإبداع جوهرة لامعة يعيدك بريقها إلى البداية كلما علوت درجة في سلم الثقافة.
أنهي بقول الشاعرة (فائقة نائل )كاهداء يليق بجهود سرى
أطلقي عنان البوح في قوارب
ولوحي بأنامل استمدت جمال البقاء
دعوة مني ومن كل من يقدر هذه الجهود والاستمرارية والإبداع أكثر فأنتم حقًا يليق بكم هذا وأكثر.
في الختام مجلة سرى لم تخترع شيئًا جديدًا لكنها عرفت كيف تصل إلى حكايا الناس وأرائهم وأفكارهم وربطتها بالقيمة التراثية للغة و مدى تأثيرها في تأريخ أدب يتغلغل في أعماق القراء رغم ما يواجهه العالم من تحديات قد تنسيه لذة الحب و معنى الفكرة و الوصول إلى الهدف .
الفارق هنا أيضًا أنها تنصف الأقلام ، فهنا كتاب من مستوى عال و رفيع و آخرون هواة و مابين ذاك وذاك يجذبك نص لشخص لم يحظَ باهتمام لكنه وجد من يلمسه بقلبه و يراه بفكره حين كشف عنه القائمون بكل حب و تفان على هذه المجلة التي ترعى المثفين من كل صوب .
رعى الله القائمين عليها وسدد خطاهم دائما و كل الشكر والتقدير لهم وأخص بالذكر الأستاذ رئيس التحرير محمود الشبول .
