دين و دنيا

ثيوفيلوس الثالث : بدء الإعمار الهاشمي لترميم كنيسة القيامة

ثيوفيلوس الثالـث: «الوصاية الهاشمية» مفتاح السلام والأمان
كنائس الاراضي المقدسة حاجز الصد المنيع أمام الاستهداف الصهيوني للانسان والمكان والتاريخ، تقف صامدة جنبا الى جنب مع المساجد، كما تتراص المقدسات الاسلامية والمسيحية، تحت رعاية الهاشميين الذين يحملون لواء حمايتها بعدل وأمانة، وأن الوصاية الهاشمية لجلالة لملك عبد الله الثاني اليوم على المقدسات الإسلامية والمسيحية في الأراضي المقدسة، وحصرية حقوق إدارة الحرم القدسي الشريف لدائرة الأوقاف الإسلامية في القدس والتابعة لمديرية المسجد الأقصى في وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية، هي صمام الامان لصون هذه الاماكن من غدر الجماعات الاستيطانية ومخططاتها.
الوجود المسيحي بات مستهدفا بوضوح في الأراضي المقدسة وخاصة مدينة القدس من قبل الجمعيات الاسرائيلية المتطرفة، حيث تقلص عدد المسيحيين في القدس من 30 الفاً في خمسينيات القرن الماضي ليبلغ اليوم حوالي 10 الاف نسمة، بالرغم من أن الكنائس والمؤسسات المسيحية، تُقدم حوالي ثلث الخدمات الخيرية في الاراضي المقدسة فتضاؤل العدد لم يؤثر على الانتماء للارض المقدسة المسلوبة.
هذا ما اكده البطريرك ثيوفيلوس الثالث بطريرك المدينة المقدسة وسائر اعمال فلسطين والاردن الذي ما زال يرفض بشدة محاولات الجمعيات الاسرائيلية المتطرفة التأثير على هوية القدس، والمساس بالوضع القائم فيها، وأعلن معركة الدفاع عن الوجود المسيحي في القدس منذ اليوم الأول لانتخابه بطريركاً للقدس عام 2005.
البطريرك ثيوفيلوس اقتراب ليلة عيد الميلاد المجيد بحسب التقويم الشرقي في السابع من كانون الثاني، تاليا نصه:
كيف تقرأ اهمية الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس؟..

  • البطريرك ثيوفيلوس: الوصاية الهاشمية العادلة والأمينة على مقدساتنا المسيحية في القدس هي مفتاح السلام والامان لنا كمسيحيين في هذه الارض واننا نعلم ان وجود هذه الوصاية تسبب ارقا لدى الجمعيات المتطرفة التي تسعى بلا كلل لتنهي الوجود المسيحي في الاراضي المقدسة، لان لصاحب الوصاية الهاشمية الملك عبد الله الثاني دورا لا يخفى على العالم باسره، فهو كان وما زال وسيبقى السند الأول للقضية الفلسطينية والحامي الأمين لعقاراتنا ومقدساتنا الإسلامية والمسيحية، والوريث الوحيد للعهدة العمرية، كما ان للهاشميين مساعي واضحة وجهودا موصولة لتثبيت استمرارية وجود المقدسيين عامة والمسيحيين على وجه الخصوص، وان لهم اهتماما واضحا في دعم البطريركية الأُرثوذكسية المقدسية ومواقف تعكس الحرص والاهتمام بما تقوم به الكنائس، ليجسد الهواشم وهم أهل الوصاية وحماة المقدسات انموذجًا حيا للعلاقة بين المسلمين والمسيحيين يجذّر قيم العيش والتآخي والحوار بين أَتباع الأديان.
    كان لجلالة الملك عبد الله الثاني مكارم عديدة في ترميم المقدسات والكنائس المسيحية ومنها كنيسة القيامة، هل بدأنا المرحلة الثانية من الترميم فعليا؟.
  • البطريرك ثيوفيلوس:نعم، نحن اليوم بصدد بدء المرحلة الثانية من الترميم والاعمار في كنيسة القيامة، وهي للبنية التحتية بعد ان اتممنا بدعم هاشمي من صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني المرحلة الاولى والمتعلقة بترميم القبر المقدس، حيث تبرع جلالته بترميم كنيسة القيامة على نفقته الخاصة، ويأتي التبرع السخي اليوم بعد عامين من الانتهاء من ترميم القبر المقدس في كنيسة القيامة التي كان جلالته تبرع لها على نفقته الخاصة، وسبق ذلك مساهمات جلالته الشخصية في دعم ترميم موقع عمّاد السيد المسيح، وكنيسة الصعود ومواقع مسيحية كثيرة في الاراضي المقدسة.
    ان هذا التبرع جاء تنفيذًا لوعد جلالته خلال خطاب تسلمه جائزة «جون تمبلتون» حيث قال: «يتوجب علينا جميعًا المحافظة على القدس الشريف، بتاريخها العريق المبني على تعدد الأديان، كمدينة مقدسة تجمعنا وكرمز للسلام.ولجائزة تمبلتون جزيل الشكر على الاسهام في دعم هذه الجهود، إذ سيتم تخصيص جزء من قيمة الجائزة لدعم مشاريع ترميم المقدسات في القدس ومن بينها كنيسة القيامة».
    وما خطى جلالته هذه الا تطبيق حقيقي للوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ويعكس التزام جلالته الشخصي الحقيقي تجاه أمن ومستقبل المدينة المقدّسة.
    لقاءات كثيرة جمعتك بجلالة الملك عبدالله الثاني، وخاصة في المناسبات الوطنية ومعايداته للكنائس بالاعياد المجيدة.. ماذا حمل اللقاء الاخير بجلالته؟.
    البطريرك ثيوفيلوس: جاء اللقاء الاخير مكللا بالفرح العميق، حيث انعم جلالة الملك على بطريركية المدينة المقدسة للروم الأرثوذكس بوسام مئوية الدولة الأولى، كما انعم ايضا بذات الوسام على مجلس رؤساء الكنائس في الأردن، وهو ما اعتبره شخصيا تكريما لكل مسيحيي الاراضي المقدسة، وهو ليس بالشيء الغريب عن النهج الهاشمي بتبيث الوجود المسيحي والاعتراف الدائم بان المسيحيين هم جزء اصيل من هذه الارض، وايضا هي ليست المرة الاولى التي تحظى بها البطريركية بالكرم الهاشمي المعهود بالتكريم وبالاوسمة الملكية التي تعني لنا الكثير.
    ولن ننسى التواجد الاردني المستمر في قداس منتصف الليل في بيت لحم، حيث نحتفل سويا بميلاد السيد المسيح، ميلاد رسالة المحبة والسلام بوجود دائم لمندوب عن جلالة الملك عبد الله الثاني ووفد كريم مرافق له.
    ما هي التحديات التي تهدد الوجود المسيحي في الأراضي المقدسة؟.
  • البطريرك ثيوفيلوس: ان انعدام الاستقرار وغياب بوادر تحقيق السلام العادل والشامل في الأراضي المقدسة، يجعل من المسيحيين أكثر استهدافاً من غيرهم من قبل الجهات المتنفذة وعلى رأسها الجمعيات الصهيونية المتطرفة التي ما زالت تمارس جرائم ارهابية مكثفة خاصة في الحي المسيحي من البلدة القديمة بالقدس، وتجاه كافة الكنائس ورجال الدين وحتى أصبح المواطنون هناك يشعرون بأنهم في خطر بداخل منازلهم التي توارثوها عن ابائهم وأجدادهم منذ مئات السنين.
    وهذه الجرائم الارهابية يتم ارتكابها في مداخل الحي المسيحي في البلدة القديمة، وهو الطريق التاريخي الذي يسلكه الحجاج في زيارتهم الى المدينة المقدسة، كمنطقة باب الخليل التي تعد أهم مدخل للبلدة القديمة، عدا عن المضايقات بحق المواطنين ورجال الدين العُزل التي يقوم بها الصهاينة المتطرفون الذين يعتقدون بأن لهم حق التصرف الحصري في المدينة المقدسة، ويبنون اعتقادهم المغلوط على ايديولوجية غير سوية، كجمعية «عطيريت كوهانيم»، التي يدينها عدد كبير من الاسرائيليين انفسهم والمجتمع الدولي.
    إن الخطر الذي يواجه المسيحيين في الأراضي المقدسة وخاصة في مدينة القدس هو التهجير الذي ادى الى تناقص مطرد للمسيحيين من اراضيهم، فقبل قرن من الزمان بلغ عدد المسيحيين 12 % من سكان الأراضي المقدسة، اما اليوم يقترب الرقم من 1 %، فالخطر الحقيقي على المسيحيين عدا عن الاوضاع السياسية والامنية العامة، وضيق الحال الاقتصادي وشح الموارد وفرص العمل التي يعاني منها جميع أبناء المدينة، هي الجمعيات الصهيونية المتطرفة التي تلاحقهم للاستحواذ على عقاراتهم وهويتهم وسرقة تاريخهم، فهناك جهد استيطاني منظم وواضح لتقليص أعداد المسيحيين في القدس.
    فرضت المحاكم الاسرائيلية مؤخرا غرامات مالية تقدر بـ 13 مليون دولار فيما يتعلق بقضية اراضي رحافيا، وتوارد اخبار مغلوطة ومزيفة حول الموضوع، هل توضح حقيقة ما جرى؟..
  • البطريرك ثيوفيلوس: قضية أراضي رحافيا تعود بداياتها لاكثر من مئة عام تقريبا حين قامت بطريركية الروم الارثوذكس بشراء 582 دونما من الاراضي لتوفير فرص عمل للمواطنين في مجال الزراعة خاصة بعد فترة معاناة طويلة بلغت ذروتها بسبب الحروب العالمية، وهذا ما تم فعلا حتى عام 1948 حيث تُركت هذه الاراضي بسبب عمليات اللجوء والهجرات.
    وفي عام 1951 وعام 1952 تم تأجير هذه الاراضي الى الصندوق القومي للشعب اليهودي في صفقة غريبة جداً تمنح المُستأجر حق التمديد التلقائي لعقد التحكير لمدد بلا سقف وفق مبالغ تحددها جهة اسرائيلية، ببنود عقد مجحفة جدا للبطريركية صاحبة الأرض، وباقتراب نهاية القرن الماضي، وفي عهد البطريرك ثيوذوروس، تم الادعاء بانه تم تمديد عقد التحكير لهذه الاراضي بعقود مختومة بلا تواقيع، ومن قدموا نفسهم على أنهم شهود على ذلك تراجعوا عن شهادتهم لاحقاً.
    لكن صعوبة المعارك على هذه الاراضي الاستراتيجية تكمن في احتوائها على مبنى الكنيست ومكاتب حكومية هامة في قلب القدس، وحين يكون الخصم جهة متنفذة جداً، تتعقد الامور، ودخلت البطريركية في معارك قانونية طويلة ومتعبة، كادت أن تُكلف البطريركية خسارة عقارات أكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية والدينية مثل أراضي مار الياس التي تصل القدس وبيت لحم، فقررنا في المجمع المقدس انقاذ هذه العقارات الأكثر أهمية عن طريق عملية تسوية شاملة لعقارات الكنيسة التي عليها اشكاليات مالية تُهدد عقارات أخرى في أماكن ذات اهمية دينية واستراتيجية، ومن ضمن هذه العقارات كانت أراضي رحافيا، هذا الأمر أغضب الصندوق القومي للشعب اليهودي، والسكان الاسرائيليين هناك وأعضاء في الكنيست وبعض الاشخاص الذين آزروهم، وأفضى هذا الغضب الى اصدار قرار محكمة بتغريمنا مبلغ 13 مليون دولار في قضية رفعها الصندوق ضد البطريركية.
    ** الدستور: ونحن في زمن الميلاد المجيد، ما هي رسالتك للاردن ملكا وشعبا؟.
  • البطريرك ثيوفيلوس: سنبقى نصلي من اجل ان يمن الله الواحد على الاردن والاردنيين بوافر خيره ونعمه، وأن يحفظهم متحدين في السراء والضراء مسلمين ومسيحيين تحت لواء الراية الهاشمية بقيادة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني الوصي الأمين والحامي للمقدسات الإسلامية والمسيحية.
    ولن ننسى اننا على بعد ايام فقط من مناسبات اردنية عزيزة لا يسعنا فيها الا ان نكون جزءا من هذه الاسرة الكبيرة لنرفع الى مقام جلالة الملك عبد الله الثاني جل الامنيات بالعمر المديد وان يمده الله القدير بالقوة والحكمة والصحة، فنحن على مسافة قليلة من عيده الميمون، ومسافة اطول قليلا من يوم الوفاء والبيعة، لنستذكر مع ابناء الاردن الغالي سيرة الملك الباني الحسين بن طلال بكل معاني الفخر والبطولة لقائد ملهم وملك انسان، اختار ان يترك طيب عطره يعبق بالارض كلها، وها نحن نطيب بجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، الملك الذي شهد العالم له ولمواقفه، وتركت بطولاته بصمة على عتبات القدس بمسيحييها ومسلميها، كيف لا وهي المدينة المقدسة الحاضرة دائما في ضمير الهواشم وقلوب الأردنيينَ جميعا، فللهواشم حضور لن يغيب ومواقف سيذكرها جيل بعد جيل.
    الدستور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى