في الصيام مباحات ومحظورات ..فما هي؟؟
هناك أشياء تخص شهر رمضان قد لانكون على علم بها , أشياء لايصح الصيام بدونها , وأشياء مباحة وأشياء محظورة أثناء الصيام , وأخطاء قد نقع فيها دون علم قد تفسد صيامنا فيضيع أجر الشهر الكريم , هذه الأشياء هي أركان و أحكام ومفسدات الصيام التي سنتعرف عليها من القرآن الكريم ومن سنة نبينا ..
ركني الصيام
(الركن)هو ما يتوقف عليه وجود الشيء وعدمه، أي هو الشرط أو ما لا بد منه لصحة الشيء المراد , والصيام في حقيقته يستند إلى ركنين أساسيين، لا يتصور حصوله بدونهما وهما :
نية الصيام
الركن الأول للصيام وهو ” النية “، ومعناها القصد، وهو اعتقاد القلب فعل شيء، وعزمه عليه من غير تردد، والمراد بها هنا قصد الصوم، والدليل على أن النية ركن لصحة الصيام، قوله صلى الله عليه وسلم في حديث حفصة رضي الله عنها: (من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له) رواه أحمد وأصحاب السنن .
ومحل النية القلب؛ لأنها عمل قلبي لا دخل للسان فيه، وحقيقتها القصد إلى الفعل امتثالاً لأمر الله تعالى، وطلباً لثوابه ، ويشترط في النية لصوم رمضان ” التبييت ” وهو إيقاع النية ليلاً، لحديث حفصة المتقدم، وتصح النية في أي جزء من أجزاء الليل، وينبغي على العبد أن يبتعد عن وسواس الشيطان في النية، فإن النية لا تحتاج إلى تكلف، فمن عقد قلبه ليلاً أنه صائم غداً فقد نوى، ومثله ما لو تسحر بنية الصوم غداً , ويمكن أيضا أن نعقد النية مع بداية أول ليلة في رمضان على صيام الشهر بأكمله .
الإمساك عن كل المفطرات
أما الركن الثاني للصيام فهو “الإمساك” عن المفطرات من طعام، وشراب، وجماع، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ودليل ذلك قوله تعالى: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل} (البقرة:187)، والمراد بالخيط الأبيض والخيط الأسود، بياض النهار وسواد الليل، وذلك يحصل بطلوع الفجر الثاني أو الفجر الصادق؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال، ولا الفجر المستطيل، ولكن الفجر المستطير في الأفق) رواه الترمذي.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم) رواه البخاري ومسلم.
شروط للصائم
وإلى جانب ركني الصيام فهناك شروط ذكرها أهل العلم لا بد من توفرها في الشخص حتى يجب عليه الصوم ، وهي أن يكون مسلماً بالغاً عاقلاً مقيماً قادراً خالياً من الموانع الشرعية , فلا يصح الصوم من غير المسلم، فإن أسلم في أثناء الشهر، صام الباقي, ولا يلزمه قضاء ما سبق حال عدم إسلامه.
ولا يجب الصوم على الصغير غير البالغ لعدم التكليف، ولكنه يصح منه، ويكون في حقه نافلة، ولو أفطر في أثناء النهار فلا شيء عليه، ويعتبر تدريبا له حتى لا يجد صعوبة في الصيام عند بلوغه ، فقد ثبت في الصحيح من حديث الرُبيِّع بنت معوِّذ رضي الله عنها أنها قالت في صيام عاشوراء لما فُرض: (كنا نُصَوِّمُ صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العِهْنِ، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار) رواه البخاري ومسلم.
ولا يجب الصوم أيضا على مجنون, ولو صام حال جنونه, لم يصح منه, لعدم النية، وفي الحديث الصحيح عن علي رضي الله عنه مرفوعاً: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل) رواه أبو داود وغيره
ولا يجب الصوم على غير القادر لمرض أو كبر سن أو نحوه، ولا على المسافر، ولكنهما يقضيانه حال زوال عذر المرض أو السفر لقوله الله جل وعلا: {فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر} – البقرة:184
وكذلك لا يجب الصوم على الحائض والنفساء بل يحرم عليهما ولا يصح منهما، لوجود المانع الشرعي، ولو جاءها الحيض أو النفاس أثناء الصوم بطل صوم ذلك اليوم، ويجب عليها أن تقضي الأيام التي أفطرتها بعد رمضان .
مفسدات الصوم
وهناك أمور وأشياء اذا حدثت أثناء الصيام تبطله ومنها :
الجماع في نهار رمضان فهو أعظم مفسد للصوم، ففي “الصحيحين” عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هلكت، قال: (وما أهلكك؟) قال: وقعت على امرأتي في رمضان…”، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالكفارة , وهذا محل إجماع بين العلماء .
الأ كل والشرب عن عمد , وهو إيصال الطعام والشراب إلى الجوف من طريق الفم أو الأنف أياً كان نوع المأكول أو المشروب، فمن فعل شيئًا من ذلك متعمدًا فقد فسد صومه ,أما من أكل أو شرب ناسيا، فلا يؤثر ذلك على صيامه لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من نسي وهو صائم، فأكل أو شرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه)، رواه البخاري ومسلم.
التقيؤ عمدا وهو إخراج ما في المعدة من طعام أو شراب عن طريق الفم ، وأما إن غلبه القيء وخرج من غير إرادته فلا قضاء عليه؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء فليقض) رواه أحمد وأبو داود، ومعنى ذرعه: سبقه وغلبه في الخروج .
الحيض أو النفاس لقوله صلى الله عليه وسلم في المرأة: (أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم) رواه البخاري , فمتى رأت المرأة دم الحيض أو النفاس فسد صومها سواء كان ذلك في أول النهار أم في آخره، ولو قبل الغروب بلحظة، وأما إن أحست بانتقال الدم، ولم يبرز إلا بعد الغروب، فصيامها صحيح، لأن مدار الأمر على خروج الدم .
إنزال المني باختياره فمن قبَّل أو لمس، أو استمنى حتى أنزل فإن صومه يفسد، لقوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: (يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) رواه أحمد، وخروج المني من الشهوة التي لا يتحقق الصوم إلا باجتنابها , أما إن كان إنزال المني عن غير قصد، ولا استدعاء، كاحتلام، أو تفكير، أو نتيجة تعب وإرهاق، فلا يؤثر ذلك على الصوم .
فحقيقة الصيام ليست مجرد الإمساك عن المفطرات الحسية فحسب ,فإن أهون الصيام ترك الشراب والطعام ، ولكن حقيقة الصيام ما أخبر عنه جابر رضي الله عنه بقوله: “إذا صمت، فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمآثم, ودع أذى الجار, وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك, ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء”.
دعاء اليوم الثامن من رمضان
“اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق أحيني ما علمتَ الحياة خيراً لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي، اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيماً لا ينفد، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضاء بعد القضاء، وأسألك بَرْد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين .”
المصدر: الاهرام