في ذكرى الكرامة، وعبر أثير إذاعة الجامعة الأردنيّة الأمير الحسن بن طلال: مشاعر العرب موحّدة، وعلينا أن نبني تكاملًا عربيًّا يمتدّ من الخليج إلى مصر وما بعدها
22 الاعلامي – أخبار الجامعة الأردنية (أ ج أ) – في مقابلة خاصة، استضافت إذاعة الجامعة الأردنيّة عبر برنامجها “ضمّة ورد، صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال للحديث عن ذكرى معركة الكرامة الخالدة.
وقال الحسنُ، الذي أجاب عن جوانب مختلفة تخُصّ معركة الكرامة وأثرها التاريخي والحالي على الأردنّ والمنطقة وما يترتّب على ذلك الأثر من علاقة مع دولة الاحتلال، إنّ جيله يُعدُّ الجيل الذي اتصل بالأحداث الكبيرة من باب الواد واللطرون وجدار القدس، ومعركة الكرامة بمآلاتها المختلفة، مؤكّدًا أنّ للخارجية الأردنية الحقّ في إدانة اختراق الاحتلال للنواميس الدولية المُحصّنة بآلاف قرارات الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية.
وتحدث كذلك عن خُلُق الصراع، مستعيدًا اللحظة التي كان فيها الصراع متعلّقًا بالقضية السورية التي ابتدأت عام 1919، آنَ دخول فيصل الأول إلى دمشق ليدعو في وقتها لأكثر دستور جامعٍ للمعاني، مشيرًا إلى أنّ الكرامة ليست مجرّد حدث، بل دلالة على وقوفنا على أرجلنا حين دافعنا عن هذه الأرض الطيبة.
ولفت إلى أنّ الأوان قد حان لنفهم أن الحروب في أصلها تُشكّل نوعًا من المختبرات لدولٍ صنعت المجسّات والطائرات من غير طيّار والأسلحة الحديثة ليجرّبوها على شعوب العالم، وكذلك كان الأمر في معركة الكرامة، حيث استخدم العدوّ مجسّات صوتيّة حديثة، مشيرًا إلى أنّ الأمر ذاته يتكرّر في الحرب الروسية الأوكرانيّة، إذ يمتلك الطّرفان عددًا من المعدّات الحديثة التي يجرّبانها في الصراع الدائر.
وأشار إلى أنّنا في المشرق العربي، أردنيًّا وفلسطينيًّا وسوريًّا ولبنانيًّا وعراقيًّا، مميّزون في التصدي لكلّ ما يعبر من دولة الاحتلال بكلّ قوّة، مُطالبًا بالتفكير هذه الفترة في الدراسات العديدة التي نحتاج إليها ليلتئم الأخدود الكبير الذي يمتدّ من تركيا إلى مدغشقر، هذا الأخدود الذي يمرّ بمشرقنا العربي وكلّ من يجاورنا بحسن نيّة، إذ آن الأوان أن ندرك أنّ العمل الجمعي هو الأمر الوحيد الذي يجب أن نتحدّث عنه.
وأكمل الحسن، بالقول إنّه أقبل على البحث في مجال البنية التحتية وعلاقتها بنهضة الأمّة العربيّة، مشيرًا إلى أنّ المطالبة ببناء السكك الحديدية في المنطقة تنطلق من كونها جزءًا من حلم النهضة الأولى، الأمر الذي تباحثه خلال زيارته الأخيرة لدولة البحرين الشقيقة، والذي يأمل أن تُجهَّز القمم العربيّة له وفق فهم حقيقيّ للنهضة العربيّة، وأن نبني على ذلك، لنصل إلى تكاملٍ عربيٍّ يمتدّ من الخليج إلى مصر وما بعدها، كي تُدرك دولة الاحتلال وغيرها، أنّ مشاعر العرب موحّدة.
وتطرّق سموّه إلى مسألة حوار الأديان، موضّحًا أنّ العقائد لا تتحاور، أمّا التحاور في هذه المرحلة فيُبنى على استمراريّة الأخلاق الجامعة، والتغيير المبني على رغبتنا في أن يكون لنا دور تحت الشّمس بوصفنا عربًا مشرقيّين، كما إنّ الحوار يتعلّق بالمواطنة، بأن نصبح مواطنين دوليّين، موضّحًا أنّه حين يزور أيّ معهد عالٍ للدراسات في البلدان الغربيّة، يسأل العرب “متى تعودون؟”، ليردّوا بأنّ الإجابة تكمن حين يصير السؤال”ماذا نعرف، لا من نعرف؟”، ومن هنا، بينّ الحسن، تأتي الحاجة لبناء نموذج جديد للإنسان في وطننا العربيّ.
وعن متانة العلاقات الأردنيّة العُمانيّة، قال سموّه إنّ كلا البلدين وسطيّان بامتياز، بإدراكهما لما حولهما وأولويّات التكامل المشتركة بينهما، وحين نتحدّث عن دور الوسيط، يتّصف البلدان بالحكمة في توسّطهما في الأحداث العربيّة، كما الوضع اليمني، مؤكّدًا أنّ الوقت قد حان لتحويل أي مبادرة علميّة اقتصاديّة إلى بوتقة من التفكير المشترك، ضاربًا المثال بتقدّم الإخوة الُعمانيّين بمقترح للهيدروجين الأخضر، الذي بادلهم به بمقترحٍ خرج من لقاء نظّمته جامعة الحسين التقنيّة حول مستقبل العالم وعلاقته بالطّاقة الشمسيّة، متوقّفًا عند سؤال ينبغي أن نسأله أنفسنا؛ يتعلّق بإمكانيّة وصول هذه المبادرات والخدمات إلى المُهمّشين في أرجاء الوطن العربي، في غزّة وصنعاء وغيرها من المدن، وما إذا كُنّا نستطيع وقف الارتحال القصري الجاري عبر البحر الأبيض المتوسّط؟
وختم سموّ الأمير كلامه بالتساؤل عمّا إذا كان ممكنًا أن نستعيد وتيرة الشورى بيننا في مدننا الإسلاميّة الرئيسة كمكّة المشرّفة التي تأتي رأس الهرم، إذ بات لزامًا تغيير صورة العربي لدى الآخرين، بوصفه إنسانًا عربيًّا مسلمًا يقوم بالخير خدمةً للغير.