منوعات

علماء الآثار يكتشفون أدلة هائلة على الصيد في عصور ما قبل التاريخ عبر الصحراء العربية

22 الإعلامي- قامت مجموعة من علماء الآثار باكتشاف مهم في الصحراء العربية، ما يوفر أدلة على الصيد في عصور ما قبل التاريخ وتغير المناخ في المنطقة.

واستخدم علماء الآثار في كلية الآثار بجامعة أكسفورد صور الأقمار الصناعية لتحديد ورسم خرائط لأكثر من 350 مبنى صيد ضخم يُعرف باسم “المصائد الصحراوية” عبر شمال المملكة العربية السعودية وجنوب العراق، لم يتم توثيق معظمها من قبل.

وبقيادة الدكتور مايكل فرادلي، استخدم فريق من العلماء في مشروع علم الآثار المهددة بالانقراض في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (EAMENA) مجموعة من صور الأقمار الصناعية مفتوحة المصدر لدراسة المنطقة المحيطة بصحراء النفود الشرقية بعناية، وهي منطقة تمت دراستها قليلا في الماضي.

وكان لدى النتائج المفاجئة للدراسة المنشورة في مجلة The Holocene، القدرة على تغيير فهمنا لارتباطات ما قبل التاريخ وتغير المناخ في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

وتتكون هذه الهياكل، التي أطلق عليها الطيارون البريطانيون في الحرب العالمية الثانية اسم “الطائرات الورقية الصحراوية”، كونها تتضمن أشكالا تشبه طائرات الأطفال الورقية، من جدران حجرية منخفضة تشكل سياجا رئيسيا وسلسلة من الجدران الرئيسية، التي يبلغ طولها أحيانا كيلومترات، ويُعتقد أنها استخدمت لتوجيه الحيوانات.

ويُعتقد أنه تم استخدامها لتوجيه طرائد مثل الغزلان إلى منطقة يمكن أن يتم أسرها أو قتلها فيها. وهناك أدلة على أن هذه الهياكل قد تعود إلى 8000 سنة قبل الميلاد في العصر الحجري الحديث.

ولا يمكن ملاحظة “الطائرات الورقية الصحراوية” بسهولة من الأرض، ولكن ظهور صور الأقمار الصناعية التجارية ومنصات مثل Google Earth أتاح إمكانية استكشافها حديثا.

وفي حين أن هذه الهياكل كانت معروفة بالفعل من شرق الأردن والمناطق المجاورة في جنوب سوريا، فإن هذه النتائج الأخيرة تأخذ التوزيع المعروف على مسافة تزيد عن 400 كيلومتر شرقا عبر شمال المملكة العربية السعودية، مع تحديد بعضها أيضا في جنوب العراق لأول مرة.

وقال الدكتور فرادلي: “الهياكل التي وجدناها أظهرت دليلا على التصميم المعقد والدقيق. ومن حيث الحجم، يمكن أن يكون عرض رؤوس الطائرات الورقية أكثر من 100 متر، لكن الجدران التوجيهية (خيوط الطائرة الورقية) التي نعتقد حاليا أن الغزلان وغيرها ستتبعها إلى رؤوس الطائرات الورقية، يمكن أن تكون طويلة جدا. وفي بعض هذه الأمثلة الجديدة، يمتد الجزء الباقي من الجدران في خطوط مستقيمة تقريبا لمسافة تزيد عن 4 كيلومترات، وغالبا ما تكون فوق تضاريس متنوعة للغاية. وهذا يوضح مستوى مذهلا من القدرة في كيفية تصميم وبناء هذه الهياكل”.

وتشير الدلائل إلى أنه كان لابد من تنسيق موارد كبيرة لبناء وصيانة وإعادة بناء الطائرات الورقية على مدى أجيال، جنبا إلى جنب مع الصيد وإعادة الرفات المذبوحة إلى المستوطنات أو المخيمات لمزيد من الحفظ.

ويقترح العلماء أن حجمها وشكلها المبالغ فيهما قد يكونان تعبيرا عن المكانة والهوية والإقليمية. ويشير ظهور الطائرات الورقية في الفن الصخري الموجود في الأردن إلى أنها احتلت مكانا مهما في المجالات الرمزية والطقوسية لشعوب العصر الحجري الحديث في المنطقة.

ومن تصميم رؤوس الطائرات الورقية إلى المسارات الدقيقة للجدران التوجيهية على مسافات طويلة، تتناقض هذه الهياكل بشكل ملحوظ مع أي دليل آخر للهندسة المعمارية من فترة الهولوسين المبكرة. ويقترح الباحثون أن بناة هذه الطائرات الورقية سكنوا في هياكل مؤقتة مصنوعة من مواد عضوية لم تترك أي أثر مرئي على بيانات صور الأقمار الصناعية الحالية.

وتشير هذه المواقع الجديدة إلى مستوى غير معروف سابقا من الاتصال عبر شمال شبه الجزيرة العربية وقت بنائها. وتطرح أسئلة مثيرة حول من بنى هذه الهياكل، ومن كان الهدف من لعبة المطاردة هذه (المصائد الورقية الصحراوية) إطعامه، وكيف تمكن الناس ليس فقط من البقاء على قيد الحياة، ولكن أيضا الاستثمار في هذه الهياكل الضخمة.

وفي سياق هذا الترابط الجديد، يوفر توزيع الطائرات الورقية على شكل نجمة الآن أول دليل مباشر على الاتصال عبر صحراء النفود (في السعودية) وليس حولها. وهذا يؤكد أهمية المناطق التي أصبحت الآن صحراوية في ظل ظروف مناخية أكثر ملاءمة لتمكين حركة البشر والحياة البرية.

ويُعتقد أن المصائد الورقية الصحراوية بُنيت خلال فترة مناخية أكثر رطوبة وخضرة تُعرف باسم فترة الهولوسين الرطبة (بين نحو 9000 و4000 قبل الميلاد).

ويشير غياب آثار الدفن في وقت لاحق من العصر البرونزي إلى أن التحول إلى فترة جفاف يعني أن بعض هذه المناطق أصبحت هامشية للغاية لدعم المجتمعات بمجرد استخدام هذه المناظر الطبيعية، مع احتمال استبدال أنواع الصيد أيضا بسبب تغير المناخ.

وما إذا كانت أنماط بناء المصائد الورقية الصحراوي عبر المكان والزمان تمثل حركة الأفكار أو الأشخاص، أو حتى اتجاه تلك الحركة، تظل أسئلة يجب الإجابة عنها.

ويقوم المشروع الآن بتوسيع أعمال المسح الخاصة به عبر هذه المناطق القاحلة لتطوير فهمنا لهذه المناظر الطبيعية وتأثير تغير المناخ.

 المصدر: phys.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى