مجلس النواب يسدل الستار على التعديلات الدستورية ويرفعها للأعيان
ساعات وأيام وأسابيع أمضتها اللجنة القانونية النيابية ومجلس النواب في مناقشة وإقرار التعديلات الدستورية لسنة 2021، منذ أن جرت إحالتها للجنة القانونية التي عقدت 14 اجتماعا على مدار 6 أسابيع، التقت خلالها العديد من الخبراء والمختصين وأساتذة القانون الدستوري والقانون الإداري والعلوم السياسية وأعضاء سابقين في المحكمة الدستورية، وممثلين عن جهات وقطاعات مختلفة.
النقاشات داخل اللجنة النيابية شكلت حالة من العصف الذهني لكل عضو ولكل نائب حضر تلك الاجتماعات، ووضعت المقترحات والملاحظات القائمة على النقد المهني والموضوعي بين يدي اللجنة القانونية التي خلصت في نهاية ماراثون نقاشاتها إلى إقرار التعديلات ورفعها لمجلس النواب.
يوم الأحد الماضي كان مجلس النواب على موعد مع مناقشة قرارات اللجنة القانونية بـ”موافق أو مخالف أو ممتنع”، حيث يحتاج كل تعديل لموافقة ثلثي أعضاء المجلس بعد المناداة عليهم بالأسماء، وهو ما تم على مدار 5 أيام بمعدل 9 جلسات متتالية، عُقدت برئاسة رئيس المجلس المحامي عبدالكريم الدغمي، الذي نجح في إدارة الجلسات وترك للنواب التعبير عن مواقفهم دون التأثير على قناعتهم عند التصويت أو محاولة توجيه المجلس بحسب مراقبين للمشهد البرلماني، وبحضور رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة وهيئة الوزارة، وبواقع 8 ساعات عمل يوميا شهدت خلالها قبة البرلمان نقاشات معمقة وموسعة من أعضاء المجلس، وجاءت مؤيدة لقرارات اللجنة القانونية مع تقديم مقترحات بإضافات وتعديلات وافقت اللجنة عليها.
رئيس اللجنة المحامي عبدالمنعم العودات، وبمساندة من وزير الشؤون السياسية والبرلمانية المهندس موسى المعايطة، ووزيرة الدولة للشؤون القانونية وفاء بني مصطفى، لم يتركوا جزئية من مناقشات النواب وانتقاداتهم وملاحظاتهم الا وأجابوا عليها بتقديم الحجة والبرهان وإقناع أكثر من ثلثي أعضاء المجلس.
لم يكن مجلس النواب بمعزل عما طُرح من ملاحظات ومقترحات وانتقادات لمشروع الحكومة، بل تم التوقف عندها بعناية ونقلها لقبة البرلمان والأخذ ببعضها، مخالفا بذلك ما جاء في مشروع الحكومة لبعض التعديلات، حيث وافق مجلس النواب على قرارات اللجنة القانونية بعدم الموافقة على ما جاء في مشروع الحكومة لعدد من مواد التعديلات الدستورية، وتمثلت في المادة 3 من التعديلات بإضافة الفقرة 2 “الملك هو رئيس المجلس الأمن الوطني والسياسات الخارجية”، وكذلك عدم الموافقة على الفقرة “ي” من المادة 4، والمتعلقة بتعيين عضوي مجلس الأمن الوطني والسياسة الخارجية وقبول استقالتيهما وإنهاء خدماتهم من قبل جلالة الملك، وعدم الموافقة على المادة 9 والمتعلقة بتعديل المادة 56 من الدستور بإلغاء كلمة الوزراء الواردة فيها والاستعاضة عنها بعبارة الوزير العامل بحيث جرت مخالفة مشروع الحكومة، والعودة للنص الأصلي في المادة 56 والتي تنص: “لمجلس النواب حق إحالة الوزراء إلى النيابة العامة مع إبداء الأسباب المبررة لذلك، ولا يصدر قرار الإحالة الا بأغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب”. كما صوت المجلس على قرار اللجنة القانونية بعدم الموافقة على مشروع الحكومة في تعديل الفقرة الثانية من المادة 10 من التعديلات والتي نصت عليها المادة 59 من الدستور “للمحكمة الدستورية حق تفسير نصوص الدستور إذا طُلب إليها بقرار صادر عن مجلس الوزراء أو بقرار يتخذه أحد مجلسي الأمة بالأغلبية، ويكون قراراها نافذ المفعول بعد نشره في الجريدة الرسمية”، فيما جاء التعديل بإلغاء عبارة أحد مجلسي الأمة بالأغلبية، والاستعاضة عنها بعبارة “ما لا يقل عن 25 بالمئة من أعضاء أي من مجلسي الأعيان أو النواب”، وهو ما رفضه المجلس والعودة للنص الأصلي.
ووافق المجلس على المادة 13 من التعديلات الدستورية، والمتعلقة بشروط عضوية أعضاء مجلس الأعيان مع إضافة “رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية”، والموافقة على قرار اللجنة في تعديل المادة 22، والإضافة على النص المقترح من الحكومة، والذي نص على “تصدر قرارات كل من المجلسين بموافقة ثلثي أصوات الأعضاء الحاضرين إذا كان القرار متعلقا بالقوانين الناظمة للانتخاب والأحزاب السياسية والقضاء والهيئة المستقلة وديوان المحاسبة والنزاهة ومكافحة الفساد”، حيث تم تعديلها من قبل مجلس النواب لتصبح، وقانوني الجنسية والأحوال الشخصية وموافقة ثلثي أعضاء المجلسين وليس الأعضاء الحاضرين، وهو ما ذهب إليه رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة بدعم الإضافة، وتحصين القانونين، ما ينفي كل الإشاعات التي طرحت عبر مواقع التواصل الاجتماعي من مخاوف انعكاس إضافة لفظ “الأردنيات” على عنوان الفصل الثاني من الدستور على الجنسية والأحوال الشخصية. كما صوت المجلس بالموافقة على قرار اللجنة القانونية بعدم الموافقة على المادة 23 الفقرة 1، والتي نصت على إلغاء عبارة “ولا يحاكم الواردة فيها”، وإلغاء عبارة “أو لمحاكمته أو ما لم يقبض”، والتي تجيز محاكمة النواب أثناء انعقاد المجلس دون توقيفهم، والعودة للنص الأصلي في المادة 86 من الدستور الفقرة 1 “لا يوقف أحد أعضاء مجلسي الأعيان والنواب ولا يحاكم خلال مدة اجتماع المجلس ما لم يصدر من المجلس الذي هو منتسب إليه قرار بالأكثرية المطلقة بوجود سبب كاف لتوقيفه او لمحاكمته أو ما لم يقبض عليه في حالة التلبس بجريمة جنائية وفي حالة القبض عليه بهذه الصورة يجب إعلام المجلس بذلك فورا”.
كما وافق المجلس على قرار اللجنة القانونية بالموافقة على المادة 28 من التعديلات مع إعادة صياغتها “ينشأ مجلس الأمن القومي”، بدلا من مجلس الأمن الوطني والسياسة الخارجية، ويختص المجلس بالشؤون العليا المتعلقة بالأمن والدفاع والسياسة الخارجية ويجتمع عند الضرورة بدعوة من الملك وبحضوره أو حضور من يفوضه وتكون قرارات المجلس واجبة النفاذ حال مصادقة الملك عليها.
ومع انتهاء النواب من مناقشة مشروع التعديلات وإقرارها فإن المجلس يكون قد أسدل الستار على تلك التعديلات ليصار لرفعها إلى مجلس الأعيان الذي سيتخذ القرار إما بإقرارها، كما جاءت من النواب أو التعديل عليها وإعادتها لمجلس النواب ومن ثم بعد التوافقات فإنها تحتاج لتوشيحها بالإرادة الملكية السامية واعتبارها نافذة منذ نشرها في الجريدة الرسمية.
بترا- معاذ البطوش