البرلمان الأردني بغرفتيه.. إعلاء شأن الشعب لا تخطئه عين
22 الإعلامي- بشرى نيروخ – لا تشذُّ دولة في العالم عن إعلاء شأن الشعب وممثليه، وتحاجج كل الدول بأن كل صغيرة وكبيرة في نهجها السياسي لا يبتغي الا إنفاذ رغبة الشعب وتحقيق مصالحه، بيد أن العبرة هي في الممارسة التي تنعكس رفاها وحقوقا انسانية، وهي في الأردن لا يمكن أن تخطئها العين.
وارتبط قيام الدولة الأردنية بالبرلمان بغرفتيه: الأعيان والنواب، وهو ما كان لافتا في تلك المرحلة المبكرة في مطلع القرن العشرين، وهو ما حرص عليه المغفور له بإذن الله الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين.
هذا النهج، أسس لوعي جمعي اردني يستند الى مقاربة عميقة جعلت من البلاد ملاذا لكل الباحثين عن الحرية في اصقاع الارض العربية وسواها، ولعل تصفحا سريعا للتاريخ يظهر حقيقة أن العروبة مكون رئيس في قيام الدولة الجديدة التي حملت وما تزال همّ الامة وقضاياها في مشرق العرب ومغربهم.
يشار إلى ان الجمعية العامة للأمم المتحدة خصصت اليوم 30 من حزيران يوما للعمل البرلماني، وهو التاريخ الذي تأسس فيه الاتحاد البرلماني الدولي في العام 1889، إقرارا بالدور الذي يضطلع به البرلمانيون في الخطط والاستراتيجيات الوطنية ولضمان شفافية ومساءلة أكبر على الصعيدين العالمي والمحلي.
أردنيا؛ يؤرّخ مبنى متحف الحياة البرلمانية لاجتماعات المجلس التشريعي في مطلع أربعينيات القرن الماضي، وهو المبنى الذي كان مقرّاً لمجلس الأمة بين عامي (1942-1978)، وشهد المكان إعلان الشهيد الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين استقلال المملكة الأردنية الهاشمية في 25 أيار عام 1946، كما شهد أداء اليمين الدستورية للملك طلال بن عبدالله والملك الحسين بن طلال طيب الله ثراهما.
ولما يتميز به هذا المَعلم بوصفه جزءًا من تاريخ الأردن السياسي والاجتماعي؛ تبنّت وزارة الثقافة مشروع إعادة إحياء مبنى البرلمان القديم وترميمه وصيانته وفق معايير العمل المتحفي؛ ليصبح متحفًا للحياة البرلمانية.
وافتتح المتحف في الثاني من نيسان عام 2016 ضمن احتفالات المملكة بمئوية الثورة العربية الكبرى وتزامنًا مع افتتاح أول مجلس تشريعي عام 1929.
ويسعى المتحف الى تعزيز الهوية والانتماء الوطني من خلال التعريف بتاريخ الأردن العريق وإبراز أهمية الموقع التاريخية، اضافة الى نشر ثقافة الحوار وترسيخ قيم الديمقراطية وتجذير المواطنة والشعور بالانتماء وتقبل الآخر لدى الأجيال القادمة.
يقول استاذ القانون الإداري والدستوري في الجامعات الاردنية الدكتور حمدي القبيلات، ان البرلمانات تعد إحدى السلطات العامة الثلاث في الدولة والتي تعمل معا من خلال منظومة دستورية تحدد مهام كل منها والعلاقة بين هذه السلطات، ويعوّل الكثير على عمل البرلمان باعتباره المعبر عن الارادة الشعبية، من خلال ممارسة مهمتي التشريع والرقابة، ولذلك يقاس نجاح البرلمان في أداء مهامه بمدى قدرته على تحقيق هاتين الوظيفتين.
ويلفت القبيلات الى البرلمان الاردني وتحديدا مجلس النواب الذي مارس هاتين الوظيفتين على مدار دوراته المتتالية، مشيرا الى التشريعات التي أقرها في الآونة الأخيرة والتي طالت الدستور نفسه.
ويشير القبيلات إلى أن نجاح البرلمانات لا يقاس بعدد التشريعات التي تصدرها، وإنما بجودة هذه التشريعات ونوعيتها، وذلك يتحدد على ضوء قابلية هذه التشريعات للعيش والاستمرار لأطول مدة زمنية ممكنة، كما ان نجاح البرلمان لا يقاس بعدد الاسئلة او الاستجوابات التي يوجهها للحكومة واعضائها، وإنما بمدى فاعلية الادوات الرقابية وما تفضيه إليه من مساءلة.
وتعتبر الجمعية العامة للأمم المتحدة انه إذا كان للديمقراطية أن تزدهر فإن على البرلمان – باعتباره حجر الزاوية في الديمقراطيات الفاعلة- أن يكون قويا وشفافا ويمثل الشعوب تمثيلا حقيقيا.
ويقول الأمين العام لوزارة الشؤون السياسية والبرلمانية الدكتور علي الخوالدة لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) ان الوزارة تنهض منذ تأسيسها بعدد من الأدوار والمهام ذات الأثر الكبير في الحياة السياسية في الأردن، فعلى صعيد العمل البرلماني تعد وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية هي حلقة الوصل الأبرز بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، حيث تحافظ على علاقة الشؤون السياسية والبرلمانية .
ويوضح ان الوزارة هي الجهة التي تستقبل كل ما يرد من السلطة التشريعية من مخاطبات موجهة إلى الحكومة سواء اندرجت تلك المخاطبات تحت أداوت الرقابة البرلمانية مثل الأسئلة النيابية والاستجوابات التي يتقدم بها النواب إلى الحكومة، كما تستقبل ما يرد من المجلس من بعض المعاملات التي تتعلق بقضايا المواطنين لدى الجهات الحكومية، مبينا أن الأرقام والإحصائيات تشير إلى أن نسب الإجابة على أسئلة واستجوابات النواب والردود عليها ضمن المدد المحددة دستورياً تجاوزت 95 بالمئة.
وفيما يتعلق بدور الوزارة في تعزيز العمل الحزبي، فإن الوزارة نفذت وما زالت تنفذ العديد من البرامج التوعوية والتثقيفية التي تستهدف تعزيز مشاركة الشباب في الحياة السياسية عموماً والأحزاب السياسية بشكل خاص، وشملت هذه البرامج أعدادا كبيرة من الشباب والشابات من مختلف محافظات المملكة، خصوصاً طلاب الجامعات، كما تنفذ برامج تختص ببناء قدرات الأحزاب نفسها خصوصا قدراتها على الاستقطاب والبناء وتطوير البرامج والسياسات، بحسب الخوالدة.
على صعيد متصل، تنفذ الوزارة سلسلة من البرامج التوعوية المختصة بمخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية خصوصاً، قانوني الانتخاب والأحزاب، وذلك من خلال عقد ورش العمل التوعوية، والتعريفية بهذه المخرجات، بالإضافة إلى انتاج المواد الإعلامية وتنفيذ الحملات التوعوية عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التقليدية.
النائب السابق الدكتور هايل ودعان الدعجة يقول، ان مشروعنا الاصلاحي والتحديثي في مساره السياسي تحديدا، ممثلا بمخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية وما رافقها من اقرار قانوني الاحزاب والانتخاب، إنما يؤكد أهمية العمل البرلماني في تعزيز النهج الديمقراطي على اعتبار أن هذين القانونين يستهدفان تفعيل المشاركة الشعبية وانضاجها عبر البوابة النيابية والتأكيد على دورها في الاصلاح والتطوير والتحديث.
وعملت الدولة الأردنية، بحسب الدعجة، على توفير عنصر الارادة للولوج بالمشروع الاصلاحي الوطني نحو آفاق تحديثية ارحب وأوسع وصولا الى الغاية النهائية منه، ممثلة بإقامه الحكومات الحزبية التي تجسد معنى المشاركة الشعبية في صنع القرار وادارة الشأن العام على ارض الواقع، في تأكيد على اهمية العمل البرلماني في تعزيز النهج الديمقراطي وتفعيله، خاصة عندما يكون مبنيا على اساس العمل البرامجي المؤسسي الكفيل بتأطير مسيرتنا الديمقراطية بأطر مؤسسية برامجية.
ويبين أن العمل البرلماني في المحصلة يمثل آلية من آليات الممارسة الديمقراطية، حيث يعمل على تفعيل المشاركة الشعبية ويضع على عاتق المواطن مسؤولية اختيار من هو اهل لتمثيله والتعبير عن مصالحه، ويعمل على تجديد مؤسسات النظام السياسي، وتأكيد الرقابة الشعبية والبرلمانية على اداء السلطة التنفيذية، ويجعل اداءها محلاً للتقييم والمراجعة من قبل الشعب صاحب السيادة في نطاق النظام السياسي الديمقراطي.
ويرى الدعجة في أن العمل البرلماني من خلال الانتخابات بوصفها مظهرا ديمقراطياً، انما يتيح الفرصة امام المعارضة للتعبير عن نفسها من خلال إدخالها واشراكها في العملية السياسية، إذ أن كل ذلك انما يثبت ويؤكد اهمية العمل البرلماني ودوره في تكريس الديمقراطية وترسيخها في المشهد السياسي للدولة.
(بترا)