بأي حال عدت وغزة تحترق؟.. الإعلان العالمي لحقوق الإنسان خيبة أمل بالضمير الإنساني
22 الاعلامي- (بترا) بشرى نيروخ- لم يعد لحقوق الانسان مكان ولا معنى في غزة التي تضيق ذرعا بالاحتلال حيث تلاشت القيم والمعايير والمواثيق والاتفاقيات أمام نيران الاحتلال الذي يصب نيرانه بلا هوادة ولا اكتراث لصرخات الأطفال وأنين النساء وألم ذوي الإعاقة وأوجاع المسنين. أناس ما يزال القصف المجنون يعسف بهم منذ أكثر من ستين يوما ليل نهار، والجوع يفتك ببطونهم الخاوية، وآهات وعويل من جريح وقلوب أمهات انفطرت على فقدان فلذات أكبادهن.
وفي اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يصادف اليوم الأحد تحت شعار “الكرامة والحرية والعدالة للجميع) تزداد خيبة الأمل بالضمير الإنساني العالمي الصامت في وقت يرى ويسمع دون أن يتحرك له ساكن أو ينتفض ويستفيق لوقف الإبادة ونيران الحرب المستعرة على أكثر من مليونين من الآدميين العزّل في غزة ومدن الضفة الغربية الذين فقدوا حقهم في العيش بأمن وسلام، بحسب ما يقول معنيون بهذا اليوم العالمي الذي تاهت الكلمات وتعلثم اللسان حين الحديث عنه، وكأنما أفضل ما يقال فيه “بأي حال عدت وقد أصبحت أجوف من كل معنى يليق بك”.
يتألّف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من ديباجة و30 مادة تحدد مجموعة واسعة من حقوق الإنسان والحريات الأساسية التي يحق للناس كافة أينما وجدوا بالتمتع بها دون أيّ تمييز على أساس الجنسية أو مكان الإقامة أو الجنس أو الأصل القومي أو العرقي أو الدين أو اللغة أو أي وضع آخر. وعلى مرّ السنين، تم قبوله كعقد مُبرَم بين الحكومات وشعوبها وقبلت به جميع الدول. ومنذ ذلك الحين ، شكّل هذا الإعلان الأساسَ لنظام موسع يهدف إلى حماية حقوق الإنسان.
وكان المركز الوطني لحقوق الإنسان في عمان أكد ضرورة استنهاض القيم الإنسانية الواردة في هذا الإعلان العالمي في ظل ما يشهده قطاع غزة وفلسطين من عدوان إسرائيلي، مشيرا في بيان الى أن هذا الإعلان يكتسب أهميةً خاصةً لاعتماد خلاصة التجربة البشرية الحقوقية، باعتبارها أول توافق دوليّ على الحدّ الأدنى من المعايير المشتركة لحماية وتعزيز حقوق الإنسان وحرياته.
وأشار الى أن هذه المناسبة تأتي هذا العام في ظل جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وإبادة جماعية ترتكبها إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال بحق الشعب الفلسطيني في عموم الأراضي الفلسطينيّة، منتهكة كل الاتفاقيات الدولية كافة في مجال القانون الدولي الإنسانيّ والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وأكد المركز أن انتهاك هذه الحقوق من قبل الاحتلال والتي تشكل في مجملها جرائم ضد الإنسانية، تتطلب من الدول كافة وجميع أجهزة الأمم المتحدة النهوض بالتزاماتها الدولية واتخاذ الإجراءات اللازمة للوقف الفوري لهذا العدوان، موضحا أن أن تبنّي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان جاء ابتداءً لتجنيب العالم ويلات الحروب التي قاست منها البشرية، وتطبيق القرار الصادر عن الأمم المتحدة بتاريخ 26 تشرين الأول 2023, الذي جاء بمبادرة أردنية وحظي بتصويت 120 دولة، والذي يدعو إلى وقف الأعمال العدائية والتهجير القسري وتسهيل مرور المساعدات وعدم الاعتداء على المستشفيات والمدارس والأعيان المدنية.
المرصد العربي لحقوق الإنسان دعا المجتمع الدولي إلى تطبيق مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الأمم المتحدة في قطاع غزة والابتعاد عن سياسة الكيل بمكيالين، معربا في بيان عن خيبة الأمل في “أن ضمير الإنسانية قد قُتل مع كل مشاهد القتل المروع التي نشاهدها بحق الشعب الفلسطيني الأعزل دون أن يحرك أحد من المتحدثين عن حقوق الإنسان ساكنا”.
فقد تجاوز عدد الشهداء حتى يومنا أكثر من 17400 شهيد ، بينهم 7112 طفلا وأكثر من 4880 امرأة، وعدد الجرحى حوالي 50 ألفاً، في حين تشير التقديرات الاولية الى حوالي 7600 مفقود تحت الأنقاض، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني الذي أشار الى أن طائرات الاحتلال دمرت 344 مدرسة و 100 مسجد بشكل كلي و193 مسجد بشكل جزئي، و 7 كنائس وتضررت 305000 وحدة سكنية إلى اضرار بشكل جزئي منها 52000 وحدة لا يمكن إصلاحها وأصبحت غير صالحة للسكن.
مدير دائرة التدريب والمناصرة الجماهيرية في الهيئة المستقلة لحقوق الانسان في فلسطين إسلام التميمي، قال بينما يحتفل العالم بمرور 75 للإعلان العالمي لحقوق الانسان يواجه الشعب الفلسطيني وتحديدا في قطاع غزة حرب إبادة جماعية تشنها اسرائيل بلا هوادة بموازاة جريمتي العقوبات الجماعية والتطهير العرقي.
وأشار الى الكارثة الإنسانية الهائلة وغير المسبوقة المتمثلة بانهيار شامل لكل الخدمات الصحية والإنسانية بصورة لم يسبق لها مثيل، والأسوأ أن شعبنا الآن في قطاع غزة يعاني انقطاعا شبه كامل للمياه والغذاء، لافتا الى أن مئات الآلاف يحتشدون الآن في منطقة رفح بدون أي مأوى.
وأضاف، تأتي هذه المناسبة في ظل خيبة أمل وفقدان الثقة بالمنظومة الدولية لحقوق الانسان التي اخفقت وفشلت في توفير الحماية لأطفال ونساء غزة الذين أصبح معظمهم في هذا اليوم الذي يحتفل العالم به إما شهيد أو جريح أو مفقود تحت انقاض المباني او يتيم أو فقد ذويه ومعيليه.
الأمين العام للاتحاد الفلسطيني العام للأشخاص ذوي الإعاقة مجدي مرعي اكد ان ما يعانيه الاشخاص ذوو الاعاقة الفلسطينيون في ظل الحرب التي تتعرض لها فلسطين خاصة في قطاع غزة هو انتهاك صارخ لأبسط حقوقهم بالرعاية والحماية، بل إن هذه الحرب أضافت الى ذوي الإعاقة أعدادا ضخمة جراء الإصابة بالقصف المستهدف أو انهيار المساكن.
وطالب مرعي العالم بتجاوز الشعارات الى الفعل على الأرض إذا كان صادقا باحترام حقوق الانسان، والعمل على ايقاف الحرب وانهاء احتلال الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني ودعم مطالبه بالحرية والاستقلال.
امينة سر الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية منى الخليلي، قالت إن ما نتعرض له هو حرب مفتوحة بحق الانسانية، مشيرة الى أن النساء في المجتمع الفلسطيني من أكثر الفئات تضرراً من هذا العدوان، سواء كان بالاستهداف المباشر لهن، أو من خلال تحمل المسؤولية عن الأسرة بعد استشهاد رب الأسرة.
وأشارت الخليلي الى ان مدير مكتب نيويورك للمفوضية السامية لحقوق الانسان كريغ مخيبر قدم استقالته من منصبة احتجاجا على تعاطي الهيئات الاممية مع الوضع في قطاع غزة، مشددا على ضرورة تحمل المنظمة لمسؤولياتها، في حين شخص الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش الحرب العدوانية على غزة بقوله، “ان الجولة الحالية للقتال لم تأت من فراغ، وانما لأن الفلسطينيين تعرضوا لاحتلال خانق على مدى 56 عاما”، مؤكدة أن الشعب الفلسطيني يشعر بالصدمة المزدوجة إزاء إبادته على مرأى ومسمع العالم.
الرئيسة التنفيذية لمنظمة إنقاذ الطفل العالمية أنجر آشينج، قالت، “نفد الكلام ولا يمكننا وصف الرعب والخوف الذي يحيط بأطفال غزة الذين تم إجبار معظمهم على مغادرة منازلهم وتهجيرهم، محرومين من الاحتياجات الأساسية للبقاء، ومن أبسط المساعدات الإنسانية.
وأضافت آشينج في بيان بالمناسبة، “الذين نجوا حتى الآن من القصف يواجهون خطر المجاعة والأمراض. فريقنا في الميدان يخبرنا عن خروج الدود من جروح المصابين، وأطفال يخضعون لعمليات بتر دون تخدير.. في غزة يتحمل الأطفال رؤية أفظع المشاهد، في حين يكتفي العالم بالنظر من بعيد”.
وكان أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اكد في رسالة له بمناسبة هذا اليوم أن “تلك الفاتحة الشهيرة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان لا تقل أهميةً اليوم عمّا كانت عليه عندما اعتُمدت قبل 75 عاما خلت”، مشيرة الى أن هذا الإعلان هو بمثابة خارطة طريق لإنهاء الحروب ورأب الانقسامات وتعزيز العيش بسلام وكرامة للجميع”.
–(بترا)