متخصصون: مظاهر الفرح الآمنة تجسد حضارية ووعي المجتمعات
22 الاعلامي- عبر مواطنون عن انزعاجهم من سلوكيات بعض المحتفلين بنجاحهم بعد إعلان نتائج امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة، إذ لا يمكن أن يكون هناك مبرر بنظرهم “للتزمير” والصراخ في مواكب سيارة يخرجون خلالها من نوافذ المركبات بأجسادهم.
وأكد متخصصون تحدثوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) أن الشعور بالسعادة لأجل تحصيل علمي أو لأي مدعاة يجب أن يعكس صورة حضارية ويمارس بطرق أخلاقية ومشروعة خاصة وأن له أوجها كثيرة لا تتسبب للغير بإزعاج أو أذى، مستنكرين في ذات الوقت من أولئك الذين تسول لهم أنفسهم استخدام العيارات النارية على سبيل المثال تعبيرا عن الفرح في مناسباتهم بالرغم من خطورتها وعدم مشروعيتها.
ولفت مفتي العاصمة الدكتور محمد الزعبي إلى دعوة الدين الإسلامي الحنيف للفرح والسرور لقوله تعالى (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)، فالفرح في الإسلام مشروع لكن التعبير عنه يجب أن يكون ضمن ضوابط بحيث لا يؤدي للإضرار بالغير أو إيلامهم.
وذكر في هذا الصدد حديث رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، في إشارة إلى ضرورة مراعاة عدم إزعاج الآخرين، وقوله عليه السلام ( لا ضرر ولا ضرار)، منوهًا إلى أن خروج الناجحين من نوافذ المركبات تصرف خاطئ قد يتسبب بانقلاب الفرح إلى ترح.
وبين رئيس قسم أصول الدين في جامعة اليرموك الدكتور خالد الشرمان، أن على كل من حقق مراده أن يحمد الله ويشكره على ما انعم عليه، لقوله تعالى (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ)، موجهًا لأن يكون التعبير عن الفرح بما يرضي الله وبما لا يزعج ولا يؤذي أحدًا.
واستغرب أن لا يعرف البعض طعم الفرح إلا بإيذاء الآخرين، كأن يكونوا مصدرًا للإزعاج أو إغلاق الطرق أو أن يتسبب بالقتل والعاهات المستديمة، فيبكي الناس ويؤلمهم ليفرح هو وهذا ظالم مبين بتقديره.
وحثت أخصائية العلاج السلوكي أمل الكردي الأشخاص أن يعبروا عن مشاعرهم كما هي، بمعنى أن تأخذ أحاسيسهم بالفرح أو الحزن وقتها المناسب، والهدف من ذلك هو التفريغ المنتظم لهذه المشاعر.
واعتقدت أن العادات والتقاليد والموروثات الشعبية التي تشكل ثقافات الشعوب هي المؤثر والباعث الأول لمن يسلكون سلوكا عدوانيا وقت الفرح خاصة، داعية لنبذ هذا السلوك وتغليظ العقوبات في حق مرتكبيه وحثهم للتصرف بطريقة آمنة.
وتنصرف وفق الكردي ممارسات إطلاق العيارات والألعاب النارية، أو القيادة بطريقة متهورة، تحت بند العداء تجاه المجتمع حيث ينتج عنها إصابات خطيرة أو حالات وفاة تحول الأفراح إلى أحزان، مؤكدة على ضرورة إكساب الأبناء منذ صغرهم سلوكيات ومظاهر سليمة أقرب للفطرة البشرية في التعبير عن الفرح والسرور أو الحزن والغضب من خلال التصرف بمسؤولية في تلك الأوقات.
وأما المتخصصة في علم الاجتماع الدكتورة ميساء ألرواشده، أكدت أنه من المفترض لمظاهر الفرح في كل المجتمعات أن تكون آمنة لأن الأمان جزء مقترن به، ومن غير المنطقي أن تمارس سلوكيات سلبية تعبيرا عنه حتى وإن اعتاد أفراد المجتمع عليها.
وعلى النقيض من ذلك بينت إنه من الممكن اجتماع العائلة وتناول الحلويات وتلقي المباركات، كمظاهر للفرح الآمن بعيدا عن ممارسة أي طقس اجتماعي قد يخترق حرية الآخرين ويسلبهم حقهم في الراحة والهدوء.
وأرجعت بعض الممارسات الاجتماعية كإطلاق العيارات النارية في الماضي للأخبار بحدث معين، بيد أن وسائل التواصل الاجتماعي سهلت انتقال الأخبار، مبينة انه من تلك الوسائل الآمنة لإشهار خبر النجاح مثلا هو تعليق الزينة والأعلام، على مداخل البيوت.
وكانت مديرية الأمن العام، نشرت في وقت سابق بيان بينت فيه أنها في صدد التسهيل على المواطنين ومساعدتهم في التقليل من الازدحامات بالتزامن مع إعلان نتائج شهادة الثانوية العامة (التوجيهي)، معلنة أنها ستتخذ إجراءات حازمة بحق مطلقي العيارات النارية، والمواكب، وضبط المخالفين.
وأهابت بالمواطنين الإبلاغ عن أي مشاهدات خطرة كإخراج الأجسام من المركبات، والقيادة بطيش وتهور، داعية إلى الالتزام بالقانون، والتعبير بكل حضارية عن الفرح بعيدًا عن ارتكاب أية مخالفات تهدد حياة الآخرين، وتعطل أعمالهم.
–(بترا)