
22 الاعلامي – رانا النمرات – احتفل آلاف المسيحيين في الأردن، اليوم الأحد، بعيد أحد الشعانين، إحياءً لذكرى دخول السيد المسيح إلى مدينة القدس، وذلك قبل أسبوع من الاحتفال بعيد الفصح المجيد، وانتهاء زمن الصوم.
وأقام النائب البطريركي للاتين، المطران إياد الطوال، قدّاس أحد الشعانين في كنيسة مار إلياس ببلدة الوهادنة في محافظة جرش، حيث كان في استقباله أبناء الرعية وراعي الكنيسة، الأب سلام حدّاد، الذي رحّب بزيارة المطران الأولى بعد سيامته الأسقفية في كنيسة عمّاد السيّد المسيح في المغطس، في كانون الثاني الماضي.
وفي العاصمة عمّان، احتفلت كنيسة قلب يسوع الأقدس في تلاع العلي بالقدّاس، الذي ترأّسه كاهن الرعية، الأب رفعت بدر، مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، بمشاركة جمع غفير من المصلّين.
وقال الأب بدر في عظته: “إنّ أحد الشعانين هو عيد سياسة غصن الزيتون، وفي هذا العام نرفعه وعيننا على عمّان، والعين الأخرى على القدس”.
وأضاف: “نطلب من الله أن يبارك سياسة غصن الزيتون التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني في كلّ محافل العالم، إذ يؤكّد أن هذه السياسة هي الأنجع لتحقيق السلام العادل والشامل، ويريدها عنوانًا لسياسة الأمم المتحدة والأسرة الدولية”.
وعبّر عن التطلّع بعيون الرجاء إلى غزّة، من أجل وقف إطلاق النار وإراقة الدماء، ونشر أجواء السلام، لا سيّما للأطفال والفتيان الذين يتطلّعون إلى قيم العدالة والمحبّة والسلام.
من جهته، قال القس الأب سامر ناصر عازر، إنّ أحد الشعانين هو محطة روحية للتأمّل في رسالة السيد المسيح، التي جاءت لتؤكّد قيم المحبّة والسلام بين البشر جميعًا، وهي رسالة ما يزال العالم يتوق إليها، لا سيّما في ظلّ ما يحيط بالمنطقة من صراعات واضطرابات، خصوصًا في الشرق الأوسط.

وأضاف، لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أنّ هذا اليوم يذكّر بأهمية ترسيخ قيم الحوار والسلام، ونبذ الحروب والاقتتال، لأنّ البشرية بحاجة ماسّة إلى الوئام والرحمة، لا إلى مزيد من العنف وسفك الدماء.
وأكّد أنّ القدس، التي دخلها السيد المسيح حاملًا رسالته، كانت وما تزال رمزًا للسلام والتعايش، وموطنًا لمقدّساتنا الإسلامية والمسيحية، ومصدر إلهام دائم لمعاني الأخوّة والاحترام المتبادل، مهما اختلفت المعتقدات والطقوس.
وأشار إلى أنّ الأردن يمثّل نموذجًا في ترسيخ قيم الحرية الدينية والتعايش، إذ يتمتّع المواطنون من مختلف الأديان بحرية ممارسة طقوسهم وشعائرهم في أجواء من الأمن والاستقرار، بفضل جهود الأجهزة الأمنية التي تحرص على صَون هذا النهج الوطني الراسخ.
وأكّد الأب عازر أن تبادل التهاني بين المسلمين والمسيحيين في المناسبات الدينية، هو انعكاس حيّ لوحدة النسيج الوطني الأردني، مشيرًا إلى أنّ أعياد المسيحيين، مثل أحد الشعانين والفصح المجيد، هي عطلات رسمية في الدولة، ما يعبّر عن الاعتراف بمكانتهم كمكوّن أصيل في هذا الوطن.
بدوره، قال رئيس مجمع الكنائس الإنجيلية الأردني، عماد صليبا المعايعة، إنّ عيد دخول المسيح إلى القدس، والمعروف بعيد الشعانين، هو الأحد السابع من الصوم الكبير، ويُعدّ مدخلًا لأسبوع الآلام الذي يسبق عيد الفصح.
وأعرب عن أسفه لما يشهده العالم اليوم من تكرار لمشاهد تُرفَع فيها شعارات السلام في العلن، بينما تُمارَس أفعال تدعو إلى العنف والدمار.

وقال: “لا يزال هناك من هم أوفياء لرسالة السلام، يحمون المقدّسات ويدافعون عن القيم، وعلى رأسهم جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي يجوب العالم مناديًا بـ‘أوصنّا‘ الحقيقية؛ أي صوت المحبّة والخلاص والدعوة إلى السلام”.
من جانبه، قال النائب السابق قيس زيادين إنّ الاحتفالات المسيحية، منذ تأسيس المملكة وحتى يومنا هذا، تعكس عمق التلاحم الوطني، وقوة الجبهة الداخلية التي تميّز الأردن عن غيره، بفضل قيم التنوع والانتماء.

وأضاف أن الدولة الأردنية، منذ نشأتها، لم تفرّق بين مواطنيها على أساس الدين أو الأصل، بل جمعتهم تحت مظلّة المواطنة، مبيّنًا أن المسيحيين في الأردن هم جزء أصيل من النسيج الوطني، وشركاء فاعلون في بناء الدولة وصَون أمنها واستقرارها.
–(بترا)