مقالات

” الأرض تصرخ اختناقاً ” هل من مجيب؟

عن تلك التغيرات المناخية الحادة و الإحتباس الحراري الذي يتزايد بشدة و يصيب سكان الأرض بأضرار بالغة ، و الذي عقد علي إثره عدة قمم دولية كان آخرها قمة باريس التي خرجت بعدة تعهدات التزمت بها الدول الصناعية الكبري دون أي تنفيذ حتي يومنا هذا إذ انعقدت هذا العام القمة ٢٦ للمناخ في جلاسجو  باسكتلندا بمشاركة مصر ، علي أمل أن تخرج بتوصيات و تعهدات أكثر جدية في التنفيذ . فما زالت الأزمة مستمرة و ما زالت الدول المتكبرة تزداد تكبراً  ولا تفي بوعودها الخاصة بهذا الموضوع الخطير ضاربة عرض الحائط بمن تضرروا كي لا تتنازل عن جزء من أسباب تقدمها و سيطرتها و أموالها  و إن كان علي حساب نهاية حياة أكبر عدد من سكان الأرض و كائناتها الحيوانية و النباتية و التي لم تقترف هذا الذنب الذي فقط تحمل أوزاره في حالة من التجاهل التام لأباطرة الأرض و أصحاب اليد العليا بالكارثة . و حتي بعد أن واجهنا  هذا الهم  الكوني البشري الذي أصاب به الله بني الإنسان  ( الكورونا) لحكمة لا نعلمها ، ليترك خلف ظهره هموماً  بدت له يوماً كبيرة و سرعان ما صغرت و تلاشت . تري هل يسفر  هذا الكابوس المخيف عن جانب آخر  أكثر إشراقاً  بعد أن توحد بني الإنسان لأول مرة بتاريخ البشرية علي هم واحد و حلموا  بحلم واحد و سعوا  نحو تحقيق هدف واحد و هو التخلص من الوباء ؟ هل يتخلي هؤلاء الذين تكبروا في الأرض عن كبرهم  بعد تجربة قاسية ما زلنا ننتظر المزيد من موجاتها و التي ستنقضي برحمة الله ، لتكون عبرة  لمن يعتبر  و موعظة لكل من له عقل برأسه و قلب ينبض بصدره ، أنه ليس لدي الإنسان خيار آخر  عن تصحيح المسار الخاطئ و الإستيعاب الكامل  لحقيقة واحدة أهم  من التفنن في تطوير الأسلحة الذرية و الطاقة النووية لتسن كل دولة أسنانها تحفزاً لإلتهام  الأخري  حال إن استلزم الأمر ، و  يكف داعمي الإرهاب و ممولي الحروب و الخراب و  يهدِئ أصحاب الهيمنة  و التسلط  من تطلعاتهم  الغير محدودة ليقف الكل متأملاً مدركاً من خلال التجربة الموحدة التي اشترك بها  الإنسان بشكل عام  و يكتشف ما هو أهم من كل هذا الهراء الذي لا يثمن و لا يغني عن جوع  بشهادة الواقع و هو :

                                      “كوكب الأرض ”  

هذا الذي فاض و ثار غضبه من شدة انتهاكات البشر  و تطاولها علي طبيعته ، ألم نري التغيرات الحادة بالمناخ  التي قد تودي بسكان الأرض جميعاً  لتكون سبباً مباشراً  بهلاكهم ؟ هل ندرك أن الإهتمام  القادم  يتركز في المحافظة علي سلامة و استقرار هذا الكوكب و حفظ طبيعته و الكف عن انتهاكه ليظل صالحاً لمن يأتي بعدنا من أجيال  تسلبها أطماعنا حق الحياة الآمنة التي كدنا نفقدها  إلي أن يرث الله الأرض ؟ ألم نرى بفترة وجيزة مجرد أشهر قليلة بعد اندلاع الأزمة و اجتياح الجائحة لدول العالم أجمع  أن معدلات و نسب التلوث البيئي قد تقلصت بشكل كبير ، كنتيجة مباشرة لتوقف بعض مسببات هذا التلوث كأبخرة  المصانع و عوادم السيارات بعد فرض الحظر  نصف اليوم فقط و إغلاق عدد من المصانع  الكبيرة ! ألم تتكبر الولايات المتحدة التي تعد الدولة العظمي لترفض اتفاقية المناخ  السابقة و تنسحب منها  يوماً بغطرستها المعهودة  كي لا تتنازل عن سنتاً واحداً  من ثرواتها الإقتصادية  و لو علي حساب تلوث البيئة  و الإحتباس الحراري نظراً لتغيرات المناخ  المتزايدة و التي أضرت بالطبيعة و قلصت نسب الأكسجين و  انقرضت علي إثرها سلالات بعينها من ممكلة الحيوان كما تضررت صحة الإنسان كتبعة من تبعات هذا التلوث ، تلك التي لا يكترث لها جبابرة  الأرض و لا تتبدل مخططاتهم  باستمرار السيطرة و التربح  ، و التي تتزايد و تتضخم  كلما مرض البشر و قتلوا بالحروب لتذدهر  تجارتي السلاح و الدواء ! فقد أطلقت الأمم المتحدة  “صرخة مدوية” لإنقاذ العالم من مخاطر الاحتباس الحراري ،  محذرة من فشل الدول في إبقاء زيادة درجة الحرارة العالمية أقل من 1.5 درجة مئوية هذا القرن فالخطط الحالية لخفض انبعاثات الكربون أقل بكثير مما هو مطلوب لتجنب التغيرات المناخية الخطيرة إذ يتجه العالم إلي ارتفاع درجة الحرارة لحوالى ٧’٢ درجة مئوية قبل نهاية القرن و هو ما يسمي “بكارثة مناخية ” و ما زالت الدول الكبري بالعالم المتسببة بهذة الإنبعاثات التي أدت للاحتباس الحراري و تغير المناخ لا تتحمل مسؤوليتها الحقيقية في تغطية الخسائر و الأضرار التي تسببت بها في العالم و خاصة فيما يتعلق بالدول الضعيفة التي تعاني عواقب هذه التغيرات المناخية ، و هذا تحديدا ما تحدث عنه سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي بكلمته عن دور مصر في الدفاع عن القارة الإفريقية كلها و ما تعانيه من خسائر و ما يجب علي الدول المتسببة فعله للتعويض المادي من ناحية و الإلتزام  بخفض الغازات الكربونية الضارة التي تتركز بكثافة في تلك الدول لتؤذي سكان الأرض كافة من ناحية أخري  . كما أكدت رئيس وحدة التنمية المستدامة بوزارة البيئة أن الدولة تبذل جهود كبيرة علي مستوي كافة القطاعات للتخفيف من الإنبعاثات الحرارية المضرة ، و أكدت أن نسبة هذه الإنبعاثات في مصر قليلة تعد بحوالي ١.٪؜ مقارنة بدول العالم . نهاية :  هل سيظل الإنسان متشبساً بأطماع الدنيا  مستمراً بغيه بعد انكشاف الأزمة و نسيانها كعادته ، أم أن اختبار الكورونا  الذي أرسل به الله رسالة موحدة شديدة اللهجة لبني البشر  سيسفر عن جانب إيجابي مشرق تتحول به الأرض التي لم ينقطع بها صوت الرصاص و القنابل يوماً  إلي المدينة الفاضلة التي يترك فيها البشر أطماعهم  و يتخلوا  عن أنانيتهم  و يتحسبوا جيداً  لأزمات أخري قد تحل كعواقب محتملة لما اقترفت أياديهم ،     ليحفظوا أمن و سلامة هذه الأرض التي يسكنونها  ؟ 

دينا شرف الدين – اليوم السابع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى