وأد للجريمة في مهدها
عبدالله خازر
فرق شاسع بين فرض القانون بالقوة المفرطة، وبين سيادته وإنفاذه بالحسنى، ففي المعالجة الأولى تزرع الكراهية والضغينة، بينما تحصد في الثانية المحبة والتسامح، ومن حسن الطالع أن الشرطة المجتمعية، أدركت ذلك جيدًا منذ نشأتها، فعملت على نسج علاقة تكاملية بينها وبين المجتمع، الذي يعد في يومنا الحاضر، أساس أي منظومة ناجحة، بمنظورها الشامل.
لذلك، تحرص هذه الشرطة على ترجمة التطلعات، سعيًا لتحقيق الآمال المعقودة عليها، ويظهر ذلك جليًا، من خلال الاستراتيجية الحديثة التي تقوم على تبنيها وتنفيذها، حيث جعلت من الفرد عنصرًا هامًا في سلسلتها، وركنًا جوهريًا في عقيدتها ونظرتها لمفهوم السلم الاجتماعي وركائزه، المستمدة من العادات، والرؤى الوطنية، إلى جانب ديننا الإسلامي الحنيف، مصداقًا لقوله صلى الله عليه وسلم: “من أصبح آمنًا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، كأنما حيزت له الدنيا”.
اليوم، وبعد أن تربعت “ربة عمون” على عرش المدن والعواصم العالمية الأكثر أمنًا، نشعر بأهمية الدور التوعوي الكبير للشرطة المجتمعية، ونجاحها في تنوير الرأي العام ضد الجريمة وتبعاتها، ناهيك عن نجاحها أيضًا في إعادة تطوير الفكر الأمني، وصياغته بنهج تشاركي، يعي الجميع فيه الحقوق والواجبات كذلك المسؤوليات الملقاة على عاتقهم، تجاه أمنهم الشخصي والمجتمعي معًا.
بالطبع، لم يكن ذلك من باب الصدفة المحضة، بل هو نتاج عمل كبير، وجهد جماعي دؤوب، ومتابعة دقيقة للجرائم ودراسة دوافعها ومبرراتها، وصولًا إلى علاج جذري لكافة أشكالها، مما زرع في النفوس ثقة جديرة بأجهزتنا الشرطية، ساعدت على ترسيخ مظلة تفاعلية، جنودها المجتمع بأسره قبل البواسل، الساهرين على أمننا، الذين يتطلعون لأن تكون مؤسستهم في مقدمة المؤسسات إقليميًا وعالميًا، ورائدة في هذا السلك، ومتميزة في الأداء، ونموذجًا يحتذى.
فبناء استراتيجية ناجحة، ليس بالأمر السهل، كما يعتقد البعض، وتصميمها يحتاج لـ (إمكانات هائلة، ودعم متواصل، وخطط مدروسة، وفكر نير، وكوادر مؤهلة، وقادة أكفاء، ومجتمع واع)، وهدمها على النقيض من ذلك تمامًا، لا يحتاج سوى ضرب الثقة المتبادلة بين الطرفين، لذا ركزت الشرطة المجتمعية على إيجاد حاضنة اجتماعية لها، وصنع رأي داعم لرسالتها قبل كل شيء.
وباستعراض سريع لأبرز مهام واختصاصات الشرطة المجتمعية نجدها (تنشر، تشارك، توّعي، تساند، تنمّي، تعالج، تقوّم، تقوّي، تلبي، تعزز، تطور، ترصد، تحارب، توظف، تنسق، تدرس، تسيّر… الخ)، والأهم من ذلك كله، نجدها أيضًا تتعاون وتتواصل مع كافة الجهات والمؤسسات والأفراد، وأبوابها مشرعة، وترحب في الوقت ذاته بالأفكار والاقتراحات، التي تخدم صميم عملها، وتصب في مجال مكافحة الجريمة.
فكسب رضا الجمهور وثقته، هو سر ما نعشيه اليوم من أمن وأمان، جعل دولتنا محط الأنظار، ومحل التقدير والإعجاب، والشكر في ذلك يعود بعد الله عزوجل إلى مجتمعنا، وإلى إدارة الشرطة المجتمعية، التي تعمل بتناغم وكفاءة وحرفية، وتبذل جهودًا حثيثة في سبيل توعيته، بما يخدم رؤية وتوجهات وزارة الداخلية وسياساتها.
إذن عزيزي المواطن (أنا وأنت، وهو وهي، وهم ونحن)، شركاء أساسيون فيما حققناه، فلنحافظ عليه، ولنتكاتف ونواصل العمل سويًا، لننعم جميعًا ومن خلفنا، بمزيد من الرفاهية والرخاء ورغد العيش، في دولة تحترم حقوق الإنسان وتكفلها للجميع.
مستشار إعلامي
News_1977@hotmail.com