اليرموك ورأس مالها الفكري
بقلم الدكتور زهير الطاهات
تتحمل الادارات الجامعية الاردنية المسؤوليات الوطنية في المساهمة بدفع عجلة التقدم المجتمعي ، والعمل على التطوير والتغيير الجامعي ، وتحقيق الريادة في جودة العمل الاكاديمي بكل تفاصيله . كما انها تشكل حجر الاساس الذي ينطلق منه الاصلاح، ويسند اليه الابداع والتميز الاكاديمي.
وتظل مسؤلة عن مواجهة التحديات التي تعترض طريقها، والعمل على ابتكار الحلول لاشكالياتها ، وتحقيق اعلى مستوى مطلوب من الجودة الاكاديمية والسعي الى تحقيق الاهداف المطلوب تحقيقها .
ويسجل لادارة جامعة اليرموك الحالية ممثلة برئيسها وطاقمه الاداري، قدرتها الادارية على العمل بحرفية فائقة، ومهنية عالية للتغلب على العقبات والاعباء المالية الثقيلة .
وقد قامت بسلسة من الاجراءت والقرارات الادارية الرصينة لمعالجة العجز في الموازنة ، وتقليص النفقات ،والبحث عن مصادر غير تقليدية لتخفيض الميديونية التي اثقلت كاهل الجامعة ،والتي تقدر بخمسين مليون دينار اردني .
ويرى المراقب لاداء ادارة الجامعة منذ تسلم مهامها ، انها استطاعت تشخيص وتحديد التحديات التي تعترض طريقها ،والبحث عن حلول ناجعة لمشكلة مديونيتها، بالاعتماد على الذات والاستثمار في الرأس المالي الفكري ، الذي يشكل موردا حيويا مهما لايقل عن الموارد المالية.
واصبح استثمارها في الرأس المالي الفكري ركناأساسيًا في عملها ، وتم اعتماده كخارطة طريق لتحقيق الاهداف المرجوة حتى غدا منهجا علميا رشيدا، وذلك من منطلق ان القيمة الحقيقية لاي جامعة لا تاتي من خلال المعايير المالية ، بل وعن طريق العوامل البشرية، والتنظيمية، والعلاقاتية التي يعبر عنها رأس مالها الفكري الذي يعد عاملا اساسيا من عوامل تحقيق جودة التعليم الجامعي ، فالجامعة البيئة الحاضنة لرأس المال الفكري ،والمسؤول عن انتاج المعرفة عبر مسار البحث العلمي وتطويره ودعمه باستمرار ، ويساعد هذا الاستثمار تحقيق الابتكارالتقني ضمن اليات كفيلة بتحقيق القدرات الجامعية التنافسية .
وقد تمثلت الخطوة الاولى لادارة اليرموك انها بذلت جهودا كبيرة ومتواصلة ،لاستثمار راس مالها المعرفي ، والقيام باصلاحات ادارية شاملة خلال اعادة هيكلة ادارية ،وتحديد الصلاحيات والمسؤوليات ضمن نظام اداري فعال. للمساهمة في الاستثمار الامثل للرأس المالي الفكري ، وادارة المعرفة كون اليرموك تزخر برصيد هائل من البنية التحتية الاساسية المعرفية المتميزة .
كما قامت ادارة اليرموك باستغلال راس مالها البشري والفكري ، واستثمار الامكانات المتاحة لتنمية وتكوين البناء المعرفي والقيمي للمنتسبين اليها خلال برامج وانشطة موازية تنفذها عمادة شؤون الطلبة .
ويجدر الاشارة الى ان سلسلة الاعفاءات لرؤساء اليرموك ، من الذين لم يسعفهم الوقت من تنفيذ استراتيجياتهم الادارية قد انعكست بشكل سلبي على الجامعة ، وتركت ظلال قاتمة على مسيرتها الاكاديمية والادارية . واستثمارا للوقت بادرت الادارة الجديدة بتكثيف جهودها في مواجهة التحديات المالية والادارية وفق مجموعة من الاجراءات والقرارات ،التي اتسمت بحرفية ادارية رصينة بالحفاظ على توازن الاداء ، واثراء وتطوير البناء المعرفي والاستثمار فيه ، باعتباره اهم المصادر في دفع مسيرة الجامعة ،وتحقيق مراكز الابداع والريادة والابتكار , كونه ثروة حقيقية باصوله المعرفية والفكرية.
ويثمن المراقبون الجهود الناجحة لادارة اليرموك في اداء رسالتها العلمية الرشيدة والمدركة لدورالاستثمار الفعلي والجاد لراس مالها الفكري وتيسير الوصول للمعرفة ، باعتمادها السياسة التشاركية في اتخاذ القرارات ، وتشجيع القدرات الابداعية لمواردها البشرية . وقد حققت نجاحات عملية بقيادة رئيس فريقها الاستاذ الدكتور اسلام مساد ،وذلك بردم كل الفجوات الادارية ،والسيطرة على تخفيف حدة الأعباء المالية من خلال جهود منسقة تسير باتجاه تحقيق اهدافها والسعي لتحفيز الابداع والتنافسية .
ان ركيزة المنهج الاداري في اليرموك هو الاستثمار بالرأس المالي الفكري الذي يشكل خارطة طريق لها للسير بوعي نحو تحقيق استراتيجتها ،التي تتوافق مع اجندات ومتطلبات الالفية الثالثة ، وتتكيف مع طبيعة التحديات العلمية والتكنولوجية المعاصرة لتحقيق رصيد معرفي حقيقي يشكل احد العوامل الرئيسة والحاسمة في حياة الجامعة، وتحاول جاهدة لمواكبة عصر المعلومات والمعرفة .
كما بدأت بجدية متناهية بالاستثماربرأس مالها الفكري الذي يشكل الفائدة الحقيقة والقيمة المضافة للجامعة ، لتحقيق السمعة الطيبة ورسم صورة مشرقة لها لتبقى محافظة على مكانتها المرموقة على مستوى الجامعات العربية والعالمية ، وكذلك لتحافظ على ان تكون دائما مركز استقطاب وقبلة للمتعلمين والاكاديمين ، لذا تعمل بجدية متناهية بتفعيل الحركة العلميةوالثقافية ،والتجسير مع مؤسسات المجتمع المدني ،باقامة الندوات العلمية المختلفة ، والتوسع بالمؤتمرات العلمية ، وتاهيل القوى البشرية المتخصصة ،والاهتمام بالنشر العلمي ،والانتاج المعرفي ،ودعم المشروعات البحثية التنافسية ،ودعم حاضنات الاعمال البحثية .
كما تؤمن ادارة اليرموك ان ابرز مفاتيح التطور والتقدم في اعمال الجامعات هو الاستثمار بالعقل البشري القادر على تحقيق الخلق وتوليد المعرفة واحداث التطوير والتنمية المستدامة ، وملاحقة التطورات التكنولوجية والاستفادة من البيئة المعلوماتية والموارد الفكرية .
ويسجل لادارة جامعة اليرموك ما حققته في برامج الريادة ،والابداع، والجودة رغم التحديات والكوابح التي تواجهها ، لانه لا مكان في هذا العصر لاي مؤسسة علمية تفتقر الى الجودة، مع ضرورة تفعيل دور المراكز العلمية البحثية التي من شانها ان تدفع بالدولة والمجتمع لتحقيق مراكز عالمية متقدمة في مجال الابتكار والريادة والمعرفة .
و نجاح الادارات الجامعية لا يقاس الا بمدى قدرتها على الاستثمار في الراس المال المعرفي الذي يشكل القيمة المضافة للتقدم ، باعتباره من اهم الثروات التي تمتلكها الامم ، ومن اهم مصادرقوتها الاقتصادية .
لذلك برز في الآونة الاخيرة العديد من التصنيفات العالمية التي تحاول اظهار قوة الجامعة ومكانتها العلمية بتحقيقها مجموعة من المعايير المرتبطة بالاكتشافات العلمية، والانتاج العلمي، والمعرفة وتشجيع براءات الاختراع.