مقالات

شيرين .. حزينون حد انتهاء الكلام

22 الإعلامي- نيفين عبد الهادي

حزينون حدّ الصمت .. حدّ القهر.. حدّ فقر اللغة .. حدّ انتهاء الكلام، حزينون علي شيرين أبو عاقلة التي ارتبط اسمها بنهاية تقارير صحفية واعلامية صادقة مهنية عميقة، لتخطّ صباح أمس آخر تقاريرها بدمها الطاهر عندما اخترقت رصاصات الاحتلال الإسرائيلي رأسها وتحديدا أسفل الأذن وهي المنطقة التي لا تغطيها الخوذة، مما يشير إلى أن هذه جريمة قتل متعمدة وواضحة، ونقلت لمستشفى ابن سينا ولكن تم الإعلان عن استشهادها.. هي جريمة واغتيال لا يمكن تفسيره بغير ذلك.

نعم شيرين أبو عاقلة لحقت بزميلنا طارق أيوب وبرَكب من الصحفيين والاعلاميين الشهداء ممن قدّموا الحقيقة على حساب أرواحهم وحياتهم وعائلاتهم، ولم يروا في الموت والشهادة سوى نهاية يعززون بها حقيقة الارهاب والعنف والظلم، ويؤكدون أن الحق لن يضيع ووراؤه باحث عن الحقيقة وكاشف لجرائم العدو والارهاب والعنف، لتكبر دائرة الثأر لدماء هؤلاء الشهداء من أجيال تتلاحق لم ولن تنسى أن الحق يجب أن يعود لأصحابه مهما طال الزمن، وابتعدت المسافة مع البدايات.

شيرين «يرموكيّة» الدراسة والتي يحتفظ جيل بأكمله بالكثير من الذكريات معها فقد كانت حاضرة في جامعة اليرموك كحضورها الاعلامي الذي ارتبط بقناة الجزيرة منذ بدايات انطلاقة القناة، تنهي اليوم رسالتها ليكملها من بعدها زميلاتها وزملاء في الأراضي الفلسطينية، ففي اغتيالها تكبر عين الحقيقة وتتسع دائرة تسليط الضوء على جرائم الاحتلال الاسرائيلي، ويزداد عمق الإيمان بالقضية وضرورة إحقاق الحق، فرسالة شيرين لم ولن تتوقف في اغتيالها فالاعلامي والصحفي الفلسطيني ماض في مسيرته نحو توثيق ورصد وكشف جرائم الاحتلال، وإن ظنّت اسرائيل أن الحقيقة ستغيب بغياب شيرين فهناك ألف شيرين وأكثر سيواصلون المسيرة بعزيمة وإصرار أكثر.

شيرين رحمك الله، كم نامل أن يحرّك دمك ساكن العالم تجاه الانتهاكات والجرائم الاسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، أن يمنحوا لما يحدث في فلسطين جزءا من وقتهم ومن استنكاراتهم، ومن رفضهم، ومن ردود فعلهم، ففي دمك رسائل موجعة على الجميع التقاطها، فقد اغتالتك يد الاجرام وأنت تقومين بعملك بكل مهنية وسلم، لكن اجرامهم لم ير سوى أنك تكشفين حقيقتهم، فظنّوا أن الحقيقة ستقف عندك، نعدك شيرين نحن أبناء جيلك ومهنتك أننا سنسعى بكل قوانا المهنية أن نمضي في دربك في كشف حقيقة الاحتلال الاسرائيلي وانتهاكاته وجرائمه وسندعم ونقف مع زملائنا في فلسطين بكل ما أوتينا من عشق لفلسطين وايمان بعدالة القضية، وسيبقى الصوت والقلب والجسد الأردني مع فلسطين عملا لا قولا.

لم يكن يوما عاديا للصحفيين الأردنيين أمس وعبّروا، فكان الوجع كبيرا بحجم حبّنا لشيرين وانتظارنا لتقاريرها التي لم تكمل آخرها، فقد أعلنت أنها تتجه لجنين لتقرير هو المداهمات الاسرائيلية لكنها لم تكمل التقرير، ربما نحن نكمله هذه المرّة شيرين، إذ بدت الصورة واضحة أكثر من أي مرة، نكمله بأن الجريمة الاسرائيلية مستمرة وتزداد عنفا وظلما واجراما، نكملها اليوم بصورتك وصورة زملائك وهم يحاولون انقاذك ولم يتمكنوا للأسف!! شيرين.. طلبت الشهادة ونلتها، واخترت نهايتك ونلتها، رحمك الله وليس لنا سوى أن نقول حسبنا الله ونعم الوكيل، فأنت اليوم ترقدين بجانب والديك وفي مكان حتما هو الأفضل لكِ رحمك الله، ونعدك أنكِ باقية في قلوبنا وستبقي أيقونة اعلامية وثّقت وقدّمت لفلسطين الكثير، فقد دفعت ثمن الحقيقة والمصداقية روحك وجسدك.

نعدك شيرين أن تبقى تقارير فلسطين دون نهايات ، تبقى مفتوحة تزداد اضافات وتوثيق ورسائل وحقائق، إلى حين نيلها حقها في الحرية وأن تكون دولة روت أرضها بدماء أبنائها.

(الدستور)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى