شبابنا في خطر
22 الإعلامي- هدى عبدالله العمارين
مرعب ومقلق جدا ما شاهدناه من حالات عنف بالجملة هزت المجتمع العربي، والقاسم المشترك أن أغلب الضحايا هنً إناث، مشاهد تتكرر كل ساعة وكل يوم وكل شهر وكل عام مشاهد قتل لنساء إما على أيدي عائلات أو أقارب أو زملاء، لأسباب شتى تتمحور جميعها حول شريعة غاب بدأت تتكشف في مجتمعاتنا للأسف.
ما الذي يحدث؟ هل الجريمة في ارتفاع ؟ أم أنها موجودة ومواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في نشرها وأصبحت هذه المظاهر اعتيادية؟ هل الوحشية تتضاعف؟ هل العنف حالات فردية أم ظاهرة مجتمعية بحاجة لتظافر الجهود لمعرفة الأسباب؟ هل التسامح والتساهل في تنفيذ القوانين الرادعة بالإضافة الى عوامل ثقافية واجتماعية ساهمت أيضا في تعزيز العنف؟ هل هناك تواطؤ وتساهل في حل القضايا الجندرية في المحاكم؟ هل تساهم الاسرة والمجتمع في تعزيز ثقافة العنف ضد المرأة؟ .
أسئلة واسئلة بحاجة الى إجابات منطقية، وهنا أعتقد أننا تجاوزنا مرحلة العنف الى مرحلة طرق بشعة تتجاوز طبيعتنا الإنسانية. إن ارتفاع وتيرة العنف في مجتمعاتنا العربية بشكل عام وفي الأردن بشكل خاص له أسبابه واهمها التربية الدينية للأبناء وتعليم الدين كشعائر لا ترتبط بسلوكيات وأخلاق، وللأسف هذا مفقود في طريقة التربية فالكثير يُعلِم الشعائر دون أخلاق والأمثلة كثيرة ولن أخوض في تفاصيلها وهي بحاجة الى مقالة منفردة.
سببٌ آخر لا يقل أهمية وهو مخزون العنف الذي يتراكم في ذاكرة الشباب من الفراغ والساعات الطويلة التي تُستهلك بالجلوس على الألعاب الإلكترونية والتي تشجع العنف وبرمجة عقول الشباب بأن القتل وسفك الدماء هو فقط لعبة بالإضافة للأغاني الهابطة والأفلام التي تتصدر المشهد وتبث العنف في كل مكان.
المخدرات وآثرها السلبي على سلوك الشباب، حيث يعد تعاطي المخدرات من المشكلات التي تواجه الجميع، على الرغم من الجهود التي تبذلها الدول للحد منها الا أنها لا تزال في تزايد مستمر بسبب وجود مافيات منظمة تنشر هذا السم بين فئة الشباب.
وجود أدوار مجتمعية محددة للنساء وأفكار نمطية عنهن في الاسرة، بحيث توفر امتيازات اجتماعية للرجال بناء فقط على نوعهم الاجتماعي. وتنبع هذه الامتيازات من الإيمان بتفوق أصيل لجنس على الآخر، ومن ثم حقه في السيادة، وهو عادة ما يكون الرجل، ينتج هذا المجتمع المكون بيئة ومناخًا متسامحين مع جرائم قائمة على النوع الاجتماعي، مثل التحرش الجنسي، والاغتصاب، وأشكال أخرى من العنف الجنسي والجسدي والنفسي ضد المرأة، وحتى ضد بعض الرجال الذين لا يلتزمون بمقاييس ومعايير المجتمع التي وضعها للرجل.
وبالعودة للمشهد العام فإن جامعاتنا التي كانت تُصَدِر العلم والمعرفة وأغانينا التي كانت تبث الفرح والإيجابية، أصبحنا اليوم مرعوبين مما يحدث، ولا بد من دق ناقوس الخطر من قبل الجميع حكومات ومجتمعات ورجال دين وأساتذة علم نفس وغيرهم للوقوف عند هذه الأسباب مجتمعة وإيجاد حلول .
طريقة التربية والقوانين الرادعة، ومنع بعض الألعاب الإلكترونية التي تملا نفوس الشباب بالعنف والكراهية، وإيجاد آلية قانونية للحد من نشر مواد العنف على مواقع التواصل الاجتماعي( مثل نشر فيديو قتل الفتاة المصرية رحمها الله) والرادع الأول والأخير هو مخافة الله والتعامل بإنسانيتنا وبث روح المحبة والسلام والتسامح ومنع نشر الأغاني الهابطة واستقبال الذين يسوقون للفن الهابط في البلد، إضافة الى تسخير كافة الجهود لدراسة هذه الظواهر وإيجاد مقترحات وحلول، وتوفير فرص حقيقية للشباب للانخراط في العمل والبناء( برامج حقيقية للحد من ظاهرة البطالة)، كل هذا يمكن أن يساهم في التقليل من ظاهرة العنف الدخيلة على مجتمعنا المتسامح المتراحم.