البطّال
22 الإعلامي- إسماعيل الشريف
«أكبر نجاح حققته البشرية في التاريخ هو الذكاء الاصطناعي،ولسوء الحظ قد يكون الأخير»، ستيفن هاوكنج (عالم فيزياء).
انتظم أولادنا في الجامعات، مع وعد من الحكومة بتوفير مليون وظيفة في السنوات العشر القادمة!
كان الله في عون أبنائنا، يعيشون زمنًا صعبًا للغاية؛ من ارتفاع الأسعار الجنوني، والخشية من حرب عالمية، ثم هنالك التغير المناخي الذي تزداد وتيرته بشكل متسارع سيقلب حياتهم رأسًا على عقب،ولم يتعافَ الاقتصاد بعد من آثار كورونا،والظلم يملأ العالم، والمحتل يقتل يوميًّا شبابًا في أعمارهم، ويقضون وقتًا طويلًا خلف الشاشات التي تزيد من وحدتهم وكآبتهم.
فالعالم الذي عرفناه قد أصبح وراء ظهورنا.
قد تكون كل هذه المشكلات على صعوبتها سخيفة مقارنةً بالقادم القريب، فالعلماء يتحدثون أن ربع وظائف العالم ستختفي خلال العقد القادم!
يرى الشعراء والكتّاب أن الحب هو أجمل شيء في الحياة؛ فهو ما يشعرنا بأننا على قيد الحياة، والسياسيون يدّعون بأن الانتماء هو الأهم؛ فهو يؤدي إلى الارتباط ، وأنا العبد الفقير إلى الله أقول تبًّا للحب والارتباط إذا كنت عاطلًا عن العمل، فالعمل هو ما يوفر احتياجاتنا الأساسية، ويؤمّن أسرنا، ويجعل لحياتنا معنى وهدفا،العمل سيعطينا ثقة بأنفسنا، وسيشعرنا بأننا مفيدون؛وسنساعد الآخرين، ستحبنا زوجاتنا، وسيحترمنا أبناؤنا.
ما أصعب أن يفقد الإنسان عمله مبكرًا وهو في عنفوان عطائه، سيشعر بالفشل والإحباط والقلق!فما بالك في القريب عندما تصبح نصف القوى العاملة بلا وظائف، وتصبح لدينا طبقة سميكة جدًّا من «العواطلية»، هذه الطبقة مع الوقت ستكون أكبر وأهم طبقة، ستشكل الأولوية القصوى والتحدي الأكبر في التعامل معها،وإذا لم يتم توظيفها بشكل صحيح وتوفير احتياجاتها الأساسية واستغلال طاقتها فستشكل خطرًا على السِّلم الاجتماعي.
ولعدم وجود قوة شرائية لديها، وتمركز المال في أيدي أقلية، ستتأثر القوة الشرائية الإجمالية، وستتسلل فئة منهم للانضمام إلى الجماعات المتطرفة أو الجريمة المنظمة أو غير المنظمة.
تنبهت الدول للخطر الوشيك، فبدأت بتطبيق سياسات الحد الأدنى من الدخل لكل مواطن،وأول من كتب عن هذه الفكرة توماس مور في العام 1516، ويؤيدها كبار المنظرين الرأسماليين؛ ففي إسبانيا بدأت تجارب لإعطاء 85 ألف شخص دخلًا ثابتًا،وإذا اعتقدتَ بأن ذلك سيجعل الناس أكثر كسلًا وسيعفيهم من البحث عن وظيفة، فأنت محق، ولكن لن يكون هنالك مفر من تطبيق الحد الأدنى المضمون من الدخل حمايةً للمجتمعات.
ومن التحديات الأخرى ستكون توفير التدريب المستمر للطبقة العاملة لإدماجها في وظائف جديدة،أو استمراها في وظائفها، وستواجه مشكلة كبيرة بأن الكثير من كبار السن سيفشلون في استيعاب التكنولوجيا، وسيضافون إلى طوابير العاطلين عن العمل،وتتحدث الدراسات أنه خلال السنوات القليلة المقبلة فإن 62 % من الموظفين بحاجة إلى إعادة تأهيل وتدريب.
وبدأت أصوات اقتصاديين مهمين تطالب بزيادة الضرائب على شركات التكنولوجيا، وفرض ضرائب دخل مرتفعة على الروبوتات «الرجال الآليين» والذكاء الاصطناعي، وتوجيه هذه الضرائب في مشاريع لمساعدة الطبقة العاطلة عن العمل، منها إدماجهم في أعمال لمساعدة أفراد المجتمع.
فيما يبدو أن المجتمعات ستهجر الرأسمالية وستعود الشيوعية التي سوّق لها ماركس.
قرأت مرة أن أسعد الناس هم الأكثر أشغالًا، وأتعسهم هم «العواطلية»، فهل بدأنا الاستعداد لما هو قادم في وقت تُصنَّف الأردن بثالث أكبر دولة عربية في نسبة البطالة؟!