في حضرة الميثاق العربي لحقوق الانسان
22 الاعلامي- بقلم د. فريال حجازي العسا ف
في الثالث والعشرون من عام 2004 تم اعتماد الميثاق العربي لحقوق الانسان من قبل القمة العربية السادسة عشرة التي استضافتها دولة تونس الشقيقة حيث جاء في ديباجة الميثاق الأهداف الأساسية لإبرام هذا الميثاق بين البلدان العربية والتي أتت تأكيداً على ايمان الامة العربية بكرامة الانسان وان الوطن العربي مهد الديانات وموطن الحضارات ذات القيم الإنسانية السامية التي أكدت حقه في حياة كريمة على أسس من الحرية والعدل والمساواة إلى جانب التأكيد على رفض جميع أشكال العنصرية كافة التي تشكل انتهاكا لحقوق الانسان وتهديدا للسلم والامن العالميين وحق الشعوب كافة في تقرير مصيرها والسيطرة على ثرواتها ومواردها وأن تواصل بحرية تنميتها لاقتصادية والاجتماعية والثقافية . كما ويؤكد الميثاق على مبادئ الأمم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان وأحكام العهدين الدوليين للأمم المتحدة بشأن الحقوق السياسية والمدنية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
نصّ الميثاق العربي على ثلاثة وخمسون مادة تضمنت التأكيد على الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية كما وأكدت المادة الأولى منه تحقيق عدد من الغايات الرئيسة تمثلت في وضع حقوق الانسان في الدول العربية ضمن الاهتمامات الوطنية الأساسية التي تمكن الانسان العربي من الارتقاء نحو الأفضل وفقا لما ترتضيه القيم الإنسانية ، إضافة الى تعزيز قيم المواطنة والاعتزاز بالهوية والوفاء للوطن ارضا وتاريخا والعمل على اعداد أجيال مسؤولة في مجتمع متضامن قائم على التلازم بين الوعي بالحقوق والالتزام بالواجبات تسوده قيم المساواة والتسامح والعدالة ثم نص الميثاق عن حق كفالة كل شخص مواطن أو مقيم في أي دولة عربية بالتمتع بالحقوق والحريات الواردة في الميثاق دون أي تمييز كما وأشار الميثاق في نص المادة الرابعة منه على كيفية تطبيقه في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تهدد حياة الامة بحيث أجاز للدول الأطراف في الميثاق أن تتخذ في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع تدابير لا تتقيد فيها بالالتزامات المترتبة عليها بمقتضى هذا الميثاق ؛ بشرط الا تتنافى هذه التدابير مع الالتزامات الأخرى المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي الإنساني . وفي السياق ذاته كفل الميثاق الاعتراف بالشخصية القانونية لأي شخص و حق الأشخاص بمساواتهم أمام القانون والقضاء والحق في ضمانات المحاكمة العادلة واعتبر الميثاق أن كل متهم برىء حتى تثبت إدانته بحكم بات وفقاً للقانون على أن يكفل الميثاق الحق في الحرية والأمان الشخصي وحماية الخصوصية بعدم تعريض أي شخص على نحو تعسفي أو غير قانوني للتدخل في خصوصياته أو شؤون أسرته أو بيته أو التشهير . وقد تناولت المادة الرابعة والعشرون منه حرية الممارسة في الحقوق السياسية والمشاركة في إدارة الشؤون العامة وتقد الوظائف العامة. تعددت وتنوعت مواد الميثاق فقد كفلت الحق في التعليم والحق في الصحة والحق في محو الامية وحقوق الأقليات والحق في الإقامة والتنقل وطلب اللجوء السياسي وعدم معاقبة أي شخص دون جرم يرتكبه لذلك حمت نصوص الميثاق الحق في الحياة وحظرت تعذيب أي شخص بدنياً أو نفسياً أو معاملته معاملة قاسية أو مهينة أو حاطة بالكرامة أو غير أنسانية إضافة الى كفالة عدم الجواز الحكم بالإعدام على أشخاص دون الثمانية عشر عاماً او المرأة الحامل أو المرضع , ثم ذهب الميثاق ليكفل الحق في الملكية الخاصة وحرية الاعلام وحرية الرأي والتعبير والحق في العمل والاجر المناسب والتنمية ومستوى معيشي لائق وكريم واعتبر الميثاق أنّ الاسرة هي الوحدة الطبيعية والاساسية للمجتمع والزواج بين الرجل والمرأة أساس تكوينها كما كفل الميثاق حقوق الطفل العربي وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وعيرها من الحقوق التي نصت عليها الشرعة الدولية لحقوق الانسان .
ثم تناولت آخر عشرة مواد الامور التنظيمية لتنفيذ الميثاق والتي أهمها تشكيل لجنة حقوق الانسان العربية التي تضم في عضويتها سبعة أعضاء تنتخبهم الدول الأطراف في الميثاق لمدة أربع سنوات كما أشار الميثاق الى قيام الدول الأطراف بتقديم تقارير بشأن التدابير التي اتخذتها لإعمال الحقوق والحريات المنصوص عيها في الميثاق على ان يقدم التقرير الأول الى اللجنة أعلاه خلال سنة من دخول الميثاق حيز التنفيذ بالنسبة لكل دولة طرف وتقرير دوري كل ثلاثة أعوام تناقش اللجنة التقرير وتبدي ملاحظاتها وتقدم التوصيات الواجب اتخاذها طبقا لأهداف الميثاق
في الختام ، لا بد من التأكيد انّ الميثاق العربي لحقوق الانسان أحد ا الأدوات الإقليمية التي اتخذتها الدول العربية لإعمال حقوق الانسان على الصعيد العربي أسوةّ بأدوات اللجان التعاهدية وغير التعاهدية على المستوى الدوليّ.