مقالات

شخصيات عرفتها.. الكاتب الصحفي فوز الدين البسومي

22 الاعلامي- بقلم :أ.د.تيسير أبو عرجه

فوز الدين البسومي أنموذج الصحفي المثابر الذي بدأ طريقه في الصحافة شابًا صغير السن ‘ عصاميًا ‘يتلمس الدروب التي تصله بأسباب العيش وإثبات الوجود .في ذلك الوقت العصيب الذي أعقب نكبة عام ١٩٤٨ وتشريد الناس عن مدنهم وقراهم التي كانت عامرة بأهلها وكانوا سعداء فيما يملكون من أرض وخيرات وحياة آمنة.
فوز الدين الذي غادر الرملة وكان في سن الثانية عشرة وقد أنهى الصف الخامس الابتدائي في مدرسته.هذا الفتى الذي كان وقئذ نشأ محبًا للتعلم ومحبا للكتابة . وقد عرف طريقه الى الصحف بداية من عمله في تلك السن المبكرة لمساعدة أسرته موزعا للجرائد التي كانت تصدر حينذاك في مرحلة الخمسينيات قبل ان يجد عملًا في احدى الصيدليات ثم في مستودع للأدوية.
وما جرى هو ان هذا الفتى الذي كان. بدأ يكتب للصحف وخصوصا جريدة الجهاد المقدسية التي صدرت عام ١٩٥٢ وتوقفت عن الصدور عام ١٩٦٧ وكان يجد تشجيعًا للنشر مدفوعًا باحساسه بالقدرة على التعبير وحبه للكتابة وشعوره بأهمية النشر خصوصًا بعد معايشته المباشرة لما جرى من ضياع البلاد ومغادرة مدينته ومرابع نشأته في الرملة المدينة العريقة الضاربة جذورها في التاريخ.والتي بقيت ذكرياتها تعيش معه حتى أيامه الاخيرة .تلح عليه للكتابة وبث الأشواق بين السطور.
وقد برع فوز الدين وأجاد في كتابة مقال الخاطرة التي تميل إلى لغة الادب وفيها تشتعل مكامن العاطفة وتحس بنبضات الحروف تنطق بالصدق وتصل إلى القلب والعقل معًا. ولعل مجموعة الكتب التي أصدرها توحي عناوينها بسطوة التذكر والذكريات عليه وهي لا تفارقه خصوصا مع رحلة المعاناة التي عاشها بعد النكبة.ومن هذه الكتب :حكايات عن الارض والانسان.تلك الأيام.من الرملة الى الكرامة.أيام العمر.والنحت في الذاكرة الخ.
ان فوز الدين الذي اشتهر في الأوساط الصحفية الاردنية باسم ابو العبد لا يوجد صحفي معاصر له الا وعرفه عن قرب من خلال نشاطه الجم ومسيرته الطويلة في العمل الصحفي التي بدأت في صحيفة اخبار الاسبوع التي أصدرها عبدالحفيظ محمد سنة ١٩٥٩ أسبوعية في عمان الى حين انتقاله الى بارئه عام ٢٠١٤ .
اما أول معرفة لي بهذا الاسم الكريم فكانت من خلال متابعتي لاعداد صحيفة عمان المساء الاسبوعية في أوائل الستينيات عندما كان يحرر فيها الأخبار المحلية والاجتماعية ويجري المقابلات والتحقيقات الصحفية. الى أن شاء القدر ان نلتقي بعد سنوات طويلة هنا في عمان وتتعدد اللقاءات في اكثر من مناسبة واكثر من محاضرة او ندوة .وتشرفت بزيارته في مكتبه بجريدة الدستور عندما كان يشرف على صفحة القراء التي تهتم برعاية الكتابات الشابة الواعدة التي من خلالها استطاع عديد الشبان أن ينموا قدراتهم ويواصلوا طريق الكتابة والابداع وان يصبحوا صحفيين أو كتابا مبدعين.وكانت الصفحة تهتم بنشر مشكلات الناس واحتياجاتهم وطلباتهم من المسؤولين بالدولة. وقد وجدت ان بعض المواطنين يزورونه في مكتبه ليعرضوا مشكلاتهم التي يرون في هذا الصحفي الكبير إنسانا مخلصًا قادرًا على ان يوصلهم الى تحقيق مطالبهم.
ولمست كم ان ابا العبد الذي عمل في الدستور منذ عددها الاول في ٢٧ آذار مارس ٦٧ ولسنوات طويلة حتى تقاعده ورغم كل هذه النجاحات التي حققها وهو الصحفي العريق كان لا يوفر فرصة للتعلم واكتساب المعارف الجديدة بكل رحابة صدر وقد دل هذا على تواضعه وتوفر الحكمة العالية لديه. ووجدته يشارك في دورة تدريبية مكثفة في التحرير والاخراج الصحفي ويحرص على حضور جلساتها المكثفة على مدار اسبوع كامل .حتى انني قلت له أنا الذي يجب ان اجلس أمامك لكي أستفيد من خبراتك الطويلة ولكنه كان سعيدًا بذلك ومبديا اعجابه وتقديره لكل فكرة أو معلومة يستمع إليها.
وقد حرصت وأنا أتحدث عن أنواع المقال الصحفي في كتابي فن المقال الصحفي أن أشير الى مقال الخاطرة عند فوز الدين البسومي خصوصًا هذه المقالات التي ضمنها كتابه الاخير النحت في الذاكرة والذي كتب مقدمته رفيق عمره الاستاذ عرفات حجازي.
رحم الله فوز الدين البسومي أنموذج الصحفي العصامي المثابر الخلوق البار بأسرته المحب للناس والذي أكد بالممارسة العملية ان الصحافة رسالة مقدسة وان كل حرف فيها يجب ان ينطق بالخير والسمو والأصالة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى