22 الاعلامي – من حق من يرى أن قانون الجرائم الالكترونية يحمي المجتمع وأنه ضروري لتنظيم الفضاء الالكتروني الذي ترك أذى كثيرا على الناس واعتدى على خصوصياتهم أن يقف إلى جانب هذا القانون ويدافع عنه، ومن حق من يراه يكمم الأفواه ويحاصر حرية التعبير حسب رأيه أن يقف ضده، لكن ليس من حقه أن يتهم من مع القانون بالرجعية “والتسحيج”، لأن كل واحد حر في رأيه ونظرته للأمور.
قلت في السابق إن القانون ليس له أثرا سلبيا على الحريات العامة، وكثير ممن يرونه عكس ذلك لم يقرؤوا نصوصه بذهن متفتح والأخذ بعين الاعتبار المصلحة العامة للمجتمع الأردني، واتخذ موقفه قبل أن يقرأ نصوص القانون، بناء على سماعه من الآخرين.
النقاش الذي يدور حول القانون هو من علامات الديمقراطية والحرية في بلادنا، ولكن الاستقواء من قبل من هم ضد القانون على الموافقين عليه والمؤيدين له ومحاولة محاصرتهم واتهامهم بالرجعية والتحريض عليهم أمر مرفوض ومستنكر، والأخطر من هذا الاستقواء على الدولة والتحريض عليها من الخارج في محاولة للضغط عليها من أجل إيقاف القانون، وقصة المؤسسات الدولية التي يلجأ إليها هؤلاء باتت معروفة ومعزوفة قديمة، فمن حق كل دولة أن تشرع ما تراه أنه يحمي مجتمعها ويحصنه.
القانون مضى في طريقه الدستوري عبر المؤسسة التشريعية، وتم تعديله حسبما رأى النواب والأعيان بانتظار توشيحه بالإرادة الملكية، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن إقحام الملك بطريقة استفزازية ومحاولة الضغط لتهييج الرأي العام للطلب من الملك رد القانون عمل غير مقبول، لأن الملك هو الذي يقرر بنفسه المصلحة العامة للأردنيين، ولا يخضع قراره للضغط أو الابتزاز، ويعلم أين ومتى يضع توشيحه السامي.
كثيرون من أصحاب الأقلام والرأي مع القانون، لكنهم تواروا خوفا من أصحاب الصوت العالي الذين هم ضد القانون، وهنا يعود السؤال إلى متى ستبقى النخب الأردنية بكل المجالات تخشى أن تقدم رأيها في الظروف الصعبة؟، ويبرز سؤال: إلى متى سيبقى أصحاب الصوت العالي يسيطرون على الساحات العامة ولا يقبلون أن يستمعوا للصوت الآخر؟.
لا ننكر أن بعض الرافضين للقانون لهم رأي محترم بعيدا عن الصراخ “ودب الصوت”، ولكن يجب علينا احترام اللعبة الديمقراطية وشروطها ونتائجها، لا يمكن أن يكون المشرعون الذين وضعوا القانون هدفهم التضييق على الناس، فلم يستطع أحد من الرافضين أن يشير إلى مادة تحاصر حرية الرأي والانتقاد الموضوعي، سوى إشارتهم إلى بعض مواد يصفونها بالفضفاضة، وفي وصفهم هذا تجاوز على حقيقة أن القاضي هو المخول بتفسير هذه المواد للحكم بين المتخاصمين، وهم عندما يرفضون هذا القول فهم لا يعلمون أنهم يسيئون للقضاء، ولا يعطونه حقه بأنه حامي حقوق الناس، ويعطي كل ذي حق حقه، وهو صاحب الولاية الأولى والأخيرة في الفصل بين الخصوم، والقاضي دائما ينحاز إلى تفسير نصوص القانون بما يلبي المقصود من النص ويحافظ على المصلحة الفردية والعامة، وقضاؤنا مشهود له بالعدل والحزم في الحكم بين الناس.
المهم الآن أن تتوقف الاتهامات ويتوقف التجريح فنحن على أبواب الوقت الذي سيكون القانون به أمرا واقعا، فلتنصب الجهود في هذه اللحظة على إعادة ترتيب الأوراق في التعامل مع الفضاء الالكتروني، والتموضع من جديد لتسخير هذا الفضاء للمصلحة العامة والتعبير الإيجابي عن الرأي، فلا يوجد في هذا القانون ما يمنع أحدا من حرية التعبير عن رأيه، شريطة عدم الإساءة للآخرين، وعدم المس بهم بأسلوب مسيء، الأمر الذي عانى منه الأردنيون منذ سنوات طويلة على كل المستويات وفي كل المجالات.
معظم الذين يعارضون القانون يصبون غضبهم على تغليظ العقوبات والغرامات، و لم يسألوا أنفسهم ماذا تساوي آلاف الدنانير أو حتى الحبس مقابل مصير عائلة دمرت وانفرط عقدها نتيجة الإساءة إليها عبر أدوات السوشال ميديا، فماذا تساوي غرامات الدنيا كلها أمام تدمير أسرة ،ثم يأتيك من يطالب بالرحمة للمجرم!..
إن القانون يجرم كل شخص عمل على تدمير الآخرين، ويحمله المسؤولية كاملة، حتى يردع الآخرين من تكرار هذا الفعل.
على البعض أن ينتبه إلى خطورة الدفاع عن الجريمة والمجرم ويدير ظهره لمصلحة الأردنيين.
الاستقواء على الدولة بكل أشكاله مرفوض، كما أن اتهام من هم مع القانون غير مقبول .