ابو النصر يكتب : الأردنيون غير
22 الاعلامي – بقلم م. بسام ابو النصر
تداخلت في المظاهرات التي إرتفعت وتيرتها لأجل غزة حول السفارة الاسرائيلية في عمان وما حولها بعد شتم إحدى السيدات رجال الأمن، وبلغت مداها بوجود عدد من صانعي الفتنة بين صفوف المتظاهرين، وبعدها قام عدد من الكتاب بوصف هذه الأعمال بمحاولة مشابهة ما حدث في سوريا إبان الثورة السورية عندما قام عدد من الشبان بالكتابة على الجدران ما أجج أقلام السلطة التي تجاوبت مع هذه الافعال ودفعت النظام الى مقاومة المظاهرات السلمية التي تغير خطابها لتطالب بقلب نظام الحكم والتي انتهت بكثير من الاستنزاف في الموارد والبشر وخروج سوريا من خانة القوة الفاعلة في المنطقة إقتصاديا وسياسيا وعسكريا.
هذه السيدة لا تمثل الشعب الأردني بمجموعه أو بعينة صغيرة منه وما قامت به حين شتمت الأجهزة الأمنية لم يمثل الا نفس السيدة والقليل جدًا من أبناء وبنات الشعب الأردني، ممن يتصيدوا الهدوء والوقفة الشجاعة للأردن مع الإشقاء في غزة والضفة الغربية، ولذلك لا يمكن الوقوف على هذه المواقف أو إعتبارها حالة عامة أو منظمة حتى تقوم الدنيا ولا تقعد، ولم نعد نفرق بين الفئات الضالة والمضللة، والفئات التي تنتصر لأطفال غزة ونسائها ولشيبها وشبابها.
إذن كيف ألسبيل للخروج من عنق الزجاجة حتى نستطيع معرفة الغث والسمين خاصة ونحن على بوابة إستحقاق دستوري يتطلب تظافر الجهود وحماية المكتسبات التي تعبنا لأجل تحقيقها، وهل سيتباطأ الاردنيون في التعاطي مع الخارجين عن نهجنا القادم بحجة حالة الحزن الذي خيم على بيوتنا وقلوبنا.
وبالمجمل لم تقم دولة عربية واحدة ما قامت به الأردن إتجاه غزة وفلسطين قبل السابع من إكتوبر وبعده، فالنشامى يعرفون الطريق الى غزة ويعرفون كل هذه المناطق التي عرفتها الدنيا بعد طوفان الأقصى، والأردن سبق الجميع في إقامة مستشفى ميداني في غزة وفي دعم الغزيين بالمؤن والمساعدات في كل ما حصل معهم عبر العشرين عامًا الماضية، والأردنيون وحدهم قدموا حين رفض الكثير تسهيلات لأشقائنا الغزيين على مدى خمس وخمسين عامًا ولا نمن عليهم فهم شركاءنا في الدم والمصير والتاريخ، ولا نمن لأنهم يتشاركوا الكثير من الأمكنة في كل المخيمات الأردنية والمدن، وهناك مئات الالاف منهم يعيشون بيننا منذ النكبة،وغزة تجلس بيننا مخيمًا وأسماء طرق وساحات وميادين.
لكننا الاردنيون من يفهمون لغة الحاقدين ويفهمون مفرداتها، ويعرفون كيف يكون الرد باللامبالاة والتسكين من أجهزة الدولة التي طالبت بعلاج السيدة التي تفوهت بأسوأ العبارات على الاجهزة الأمنية، والاردنيون وحدهم يفهمون ان لغة الرد مزيدًا من الدعم والمساعدات لأهلنا في غزة، ومزيدًا من الفعل السياسي لأجل وقف النزيف ووقف المجازر، والأردن الرسمي طلب من سفير العدو الصهيوني مغادرة البلاد مع بداية الطوفان قبل ان يندس الكثير بين الشرفاء للتعبير عن غضبهم، والدولة الأردنية التي رفضت استقبال الرئيس الأمريكي ومشاركته في مؤتمر قمة في عمان، هي ذاتها التي يخرج عليها بعض الذين يصنعون الكراهية بحجة ان هناك مبنى يضم مكتب للسفير الذي غادر منذ ست أشهر أو اكثر.
محبة غزة وشهداءها ومصابها الجلل لا يعالج بإصطناع فتنة في عمان، ليسهل على هذا المحتل الوضيع ان يتسرب من بين التراب، ولعل الدولة الصهيونية هي أكثر المستفيدين من أي فتنة في عمان لصرف الأنظار عما يحدث في غزة والضفة الغربية، ولإنتاج حرب أهلية يكون المنتصر فيها الدولة الصهيونية ويخسر الفلسطينيون أكثر أشقاءهم قربًا وانتصارًا لهم.
وإذا كان هناك الكثير ممن رفع يديه عن الأشقاء في فلسطين، بقي الأردن هو الذي يقف معهم في فلسطين والاردن، وحتى مع غزة التي يقف العدو ذاته حائلًا وحاجزًا وعقبة، إذن من هو الذي يستفيد من اقتلاع الاستقرار الذي ينعم فيه الاردن سوى هذا الكيان الوضيع وبعض الكيانات التي تقف الى جانبه، ويبقى الاردنيون يفهمون “الطابق” ويمرون على قالب الكراهية بنعالهم منذ دُق هذا ” الكيان ” لينتزع سكوننا.