22 الاعلامي – بقلم مهدي الشوابكة
بعد اجتماع جلالة الملك عبدالله الثاني مع رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب وإعطائهم التوجيهات من أجل إجراء الانتخابات النيابية ، وبعدها أصدرت الهيئة المستقلة للانتخاب قرارها بأن الانتخابات النيابية سوف تجري في العاشر من أيلول القادم، هذه الإرادة الملكية التي كانت بمثابة رسالة لكل العالم بأن رغم كل المشاريع الساخنة في المنطقة كالتوسع الايراني الصفوي الملالي وهلالهم اللذين يسعون لجعله بدرًا، والمشروع الصهيوني والمشروع الامبريالي وغيره ورغم كل هذا المحيط الملتهب إلا أن الأردن حافظت على سيادتها الداخلية وملتزمة بالاستحقاقات الدستورية، وتؤكد مدى الالتزام بالنظام الدستوري مما يعكس جدية الإرادة الوطنية والقرار السياسي الأردني في تعزيز مبادئ الديمقراطية ذاهبين إلى مرحلة جديدة يجب أن يكون ركيزتها الأساسية مشروعًا وطنيًا قادرًا على مواجهة كل التحديات ويكون أولويته الأولى هي المملكة الاردنية الهاشمية ومصالحها العليا وهويتها الوطنية ووحدتها الوطنية والمواطنة الصالحة، هذا النهج الذي لطالما تحدث به جلالة الملك مرارًا وتكرارًا خلال لقاءاته المباشرة وتوجيهاته السامية، وأيضا عبر أوراقه النقاشية، رؤيته لبناء نظام سياسي ديموقراطي ينتهج الشفافية ويعتمد بشكل أساسي على تعزيز وتعميق الحياة الحزبية كسبيل وحيد للمشاركة الأوسع وضرورة إجراء إصلاحات
تشريعية تضمن ذلك.
سريعاً ما بدأ مباشرةً الشارع الأردني للتحرك وبدأت ملامح المترشحين سواء على القائمة الوطنية أو على القوائم المحلية في الظهور ..و سريعاً ما بدأ الإعلاميون والصحفيون في الذهاب للميدان لجس نبض الشارع ” هل ستقوم بالتصويت في الانتخابات المقبلة” معظم الاجابات كانت تأتي ” لا بكل تأكيد ، صوتي ما بأثر ، الانتخابات تقوم على المال الاسود …. وغيره الكثير من الاحباط للعملية الانتخابية القادمة التي لن تنجح طالما ابتعد كل المواطنين عن صناديق الاقتراع، يجب أن نسعى جاهدين لتغيير هذا الرأي وأرى بأن على الأحزاب اولاً اقناع الشارع بأهمية مشاركتهم بغض النظر من هو الاسم الذي سوف يضعونه في صندوق الاقتراع ، يجب أن تسعى الأحزاب السياسية لجذب الناخبين الأردنيين من خلال طرح برامج عملية وواقعية، تتجاوز الشعارات الجوفاء وتتخطى ممارسات تبادل القيادات والأحزاب الشخصية.
ينبغي أن تكون هذه البرامج إما تكميلية أو بديلة لمبادرات الحكومة، مما يفتح الباب لتبني نهج “حكومات الظل” كما في الديمقراطيات المتقدمة، ويدعم إقامة نظام رقابي متوازن يسهم في تطوير نمطًا سياسيًا يلبي آمال وتطلعات الشعب الأردني. من الأهمية أن تكون هذه البرامج هي العلامة المميزة للحزب والحافز للانضمام إليه والعمل من أجل تحقيق أهدافه، بدلاً من التركيز على شخصية الأمين العام أو المؤسسين، هذا من شأنه أن يضمن استمرارية النشاط الحزبي المبني على البرامج ويؤدي إلى تقليص عدد الأحزاب السياسية، مما يعكس بوضوح التوجهات اليمينية واليسارية والوسطية.
انتخابات العام 2024 تأتي بعد صدور قانون أحزاب جديد وقانون انتخاب جديد وتحديث سياسي يشكل حجر الأساس للانطلاق من الوضع القائم وصولاً الى مشروع إصلاحي شامل، قائم على التمثيل الحزبي البرامجي داخل مجلس النواب والحكومة الحزبية التي تأتي بالتدرج ومن خلال ما يعرف بحكومة الظل ، هذه الدورة ستحظى فيها الأحزاب السياسية على 41 مقعدًا، وفي الانتخابات التي تليها سيخصص للقوائم الحزبية نحو 50% من عدد المقاعد، وصولاً إلى حالة يكون فيها معظم التمثيل البرلماني منوطًا بالأحزاب السياسية.
بالتالي عند الحديث عن نسبة اقتراع ما يقارب 30% فهذه النسبة لا تمثل كل الشعب لأن الغالبية الكبرى لم تشارك بالانتخابات وبعدها نبدأ باللوم والإحباط، على كل المواطنين المشاركة في اختيار النخب الوطنية القادرة على الإصلاح والتمثيل الحقيقي واختيارهم على أسس حزبية وبرامجية واقعية قابلة للتطبيق بعيداً عن المناطقية والقرابة والعشائرية وغيره حتى يُفرز لنا مجلس نواب قادر على حمل المشروع الوطني القادم ، كما أنه من واجب كل مواطن أن يتحمل المسؤولية ويساهم في هذا الحدث الدستوري الكبير، من خلال انتقاء المرشح الأمثل الذي يعتبره ممثلاً له في البرلمان، يعبر عن آرائه ومطالبه وآماله. إن اختيار المرشح الصائب يشكل اللبنة الأساسية لبرلمان معافى، خالٍ من النقائص والأخطاء ، يُتوقع من المواطن أن يكون واعياً بالدور الذي يجب أن يؤديه، وبالتالي، فإن التخلي عن المشاركة في الانتخابات ليس بالحل الأمثل الذي يلجأ إليه البعض كردة فعل لعدم وجود مرشح يفي بتوقعاتهم قد يكون هذا صحيحاً في جوهره، لكنه لا ينفي أن المشاركة في الانتخابات هي الطريق الوحيد للتغيير ولإيجاد الشخص المناسب في المكان المناسب، القادر على تحقيق آمال وتطلعات المواطنين.