22 الاعلامي – بقلم: د. آلاء سلهب التميمي
بمناسبة اصداري لكتاب “سراب الحقيقة ” وهو بحث علمي وبإشراف أ. د. محمد نجيب الصرايرة، عميد كلية الإعلام في جامعة البترا سابقا ونظراً لأهمية موضوع التضليل الإعلامي في شبكات التواصل الإجتماعي ارتأيت بإصدار مقاله تحاكي موضوع الكتاب.
فقد بين الكتاب ان الإعلام يشكل جزءًا أساسيًا من حياة المجتمعات الحديثة، حيث يلعب دورًا محوريًا في نقل المعلومات، وتشكيل الرأي العام، والتأثير على السياسات والمواقف العامة.
وتعتبر وسائل الإعلام من أهم الأدوات التي تستخدمها الحكومات، الشركات، والمنظمات لتوجيه الجمهور والتأثير عليهم.
وتتجلى أهمية الإعلام بوضوح في عدة مجالات حيوية.
الإعلام هو الوسيلة الأساسية التي يتم من خلالها نقل الأخبار والمعلومات إلى الجمهور.
سواء كانت الأخبار تتعلق بالسياسة، الاقتصاد، الثقافة، أو الترفيه، فإن الإعلام يوفر منصة لنشر الاخبار بسرعة وكفاءة.
هذه الوظيفة الأساسية تجعل الإعلام عنصرًا لا غنى عنه في المجتمعات الحديثة، حيث يتيح للجمهور متابعة الأحداث والتطورات في مختلف أنحاء العالم.
علاوة على ذلك، يلعب الإعلام دورًا بارزًا في تشكيل الرأي العام بشأن القضايا المختلفة.
من خلال التقارير، المقالات، والبرامج الحوارية، يمكن لوسائل الإعلام توجيه اهتمام الجمهور إلى مواضيع معينة، مما يؤدي إلى خلق وعي جماعي حول هذه القضايا.
والإعلام يمكنه توجيه النقاشات العامة وتحفيز الجماهير على التفكير في قضايا قد تكون بعيدة عن اهتماماتهم المباشرة.
إحدى أهم وظائف الإعلام وكسلطة رابعة هي مراقبة الأداء.
فيعمل الإعلام كجهة رقابية مساعدة للسلطات، حيث يقوم بالكشف عن الفساد، الأخطاء، والانتهاكات.
هذا الدور الرقابي يساعد في تعزيز الشفافية والمساءلة في المجتمعات الديمقراطية، ويعتبر من الركائز الأساسية للحفاظ على حقوق المواطنين وحرياتهم.
يقدم الإعلام أيضًا مواد تثقيفية وتعليمية تساهم في رفع مستوى الوعي لدى الجمهور.
من خلال البرامج الوثائقية، المقالات التحليلية، والمواد التعليمية، يمكن للإعلام تعزيز المعرفة والفهم لدى الجمهور.
هذا النوع من المحتوى يعزز من قدرات الأفراد على التفكير النقدي والتحليل المستقل، وهو ما يسهم في بناء مجتمع أكثر وعيًا وتقدمًا.
والإعلام يساهم كذلك في ترسيخ القيم والمبادئ الاجتماعية، الثقافية، والأخلاقية.
من خلال تقديم محتوى يعكس القيم المجتمعية، يمكن للإعلام أن يلعب دورًا في الحفاظ على الهوية الثقافية وتعزيز التماسك الاجتماعي.
هذه الوظيفة تعزز من شعور الأفراد بالانتماء وتساعد في بناء مجتمع متماسك ومتجانس.
لكن، من المهم أن ندرك أن الإعلام ليس دائمًا أداة إيجابية.
فهناك استراتيجيات تستخدمها بعض الجهات الإعلامية للتلاعب بالجمهور وتوجيهه بطرق قد لا تكون في مصلحته.
على سبيل المثال، تعتمد بعض وسائل الإعلام على استراتيجيات لإلهاء الجمهور عن القضايا المهمة عبر تقديم محتوى ترفيهي أو غير ذي أهمية.
هذا التوجيه يمكن أن يحول انتباه الجمهور بعيدًا عن المشاكل الحقيقية ويشغله بمواضيع سطحية، مما يعطل قدرته على التفكير النقدي والتحليل المستقل.
وتقوم بعض وسائل الإعلام أيضًا بخلق مشاكل أو تهديدات معينة لتهيئة الجمهور لتقبل حلول معينة تطرحها جهات محددة.
هذا الأسلوب يمكن أن يؤدي إلى قبول الجمهور لتغييرات أو سياسات لم يكونوا ليقبلوها في الظروف العادية.
كما تستخدم بعض وسائل الإعلام التدرج في طرح القضايا والتغييرات الاجتماعية أو الاقتصادية، بحيث يتم قبولها تدريجيًا من قبل الجمهور، مما يساعد في تهيئة الجمهور للتغييرات الكبيرة بدون إثارة ردود فعل سلبية قوية.
تميل بعض وسائل الإعلام إلى مخاطبة الجمهور بلغة بسيطة وسهلة الفهم، مما يسهل تمرير الأفكار والرسائل بطريقة مباشرة.
وهذا الأسلوب يمكن أن يعزز من تأثير الرسائل الإعلامية على الجمهور، لكنه قد يسهم أيضًا في تبسيط القضايا المعقدة بشكل مفرط، مما يفقد الجمهور القدرة على فهم التفاصيل الدقيقة والتحليل العميق.
استخدام الاستمالات واللغة العاطفية والمحتوى الذي يستثير المشاعر للتأثير على الجمهور هو أيضًا من الأساليب الشائعة في بعض وسائل الإعلام.
وهذه الاستثارة العاطفية يمكن أن تعطل التفكير النقدي وتوجه الجمهور نحو مواقف أو آراء معينة بشكل غير عقلاني.
بالإضافة إلى ذلك، بعض وسائل الإعلام تطرح محتوى يؤدي إلى تراجع مستوى التفكير النقدي والفهم العميق للقضايا المعقدة.
ويظل الإعلام أداة قوية ومؤثرة في توجيه الرأي العام، ونقل المعلومات، وتشكيل المواقف.
ومع ذلك، يجب على الجمهور أن يكون واعيًا بالتقنيات والأساليب التي يمكن أن تستخدمها بعض وسائل الإعلام للتلاعب والتأثير عليهم.
من خلال تعزيز الوعي النقدي والتفكير المستقل، يمكن للجمهور أن يكون أكثر قدرة على فهم وتحليل الرسائل الإعلامية بشكل أكثر فعالية ومسؤولية.