مقالات
أخر الأخبار

الزيود يكتب : قبل أن تجلدوا الأحزاب

22 الاعلامي – بقلم : غسان عبد الكريم الزيود
أمين سر المجلس المركزي/ الحزب الوطني الإسلامي

بعد غياب أكثر من ثلاثة عقود تقريبا للعمل الحزبي المنظم عاد السماح بالانتساب للأحزاب السياسية في الأردن عام 1992 بصدور قانون الأحزاب السياسية وكان الانتساب للعمل الحزبي يأخذ شكلين الأول تحت مفهوم النضال الحزبي الذي يعتقد صاحبه أن يمارس شكلا من أشكال بناء الوعي بالأحزاب السياسية لتأخذ دورها بالنضال حسب ايدلوجيا أو منظور كل حزب، والشكل الثاني انخرطت به مجموعة من أصحاب المال والنفوذ فشكلوا أحزاباً سياسية يسبّح بها أعضاء الحزب للقائد الملهم والرئيس الأوحد للحزب طالما هو من يدفع اشتراكات الأعضاء وأجور مقرات الحزب ( إن وجدت) وفواتير الكهرباء والماء وديمومة عمل الفاكس لأهميته القصوى في إصدار البيانات المعلبة الجاهزة التي تحتفظ بالديباجة الرئيسية نفسها التي تنادي بأهمية العمل الحزبي في سبيل النهوض بالوطن ومؤسساته ومحاربة الفساد بأنواعه وصلى الله وبارك على العمل الحزبي آنذاك.
ومع إطلاق رؤية التحديث السياسي مطلع عام 2022 والتي تكلل بتغيير قانون الأحزاب والسماح العلني بممارسة الحزبي والتشجيع عليه وفتح الباب على مصراعيه بأن تنطلق العملية السياسية بقيادة الأحزاب تحت قبة البرلمان فتم تخصص 41 مقعد للأحزاب في الدورة القادمة للمجلس النيابي العشرين يليه تخصيص 65 مقعد حزبي ومن ثم ننتقل للمرحلة الثالثة بتخصيص 91 مقعد للأحزاب في البرلمان ومن هنا لا بد من الإشارة إلى ما يلي:

مقومات نجاح الأحزاب موجودة ولكن علينا ان نتريث قبل الحكم على مجمل التجربة الحزبية الأردنية، ونجاحها مرتبط بقوة المشاركة في الانتخابات المقبلة والدفع بأصحاب الفكر والخبرة واسقاط أصحاب المال الأسود ولكن من خلال الصندوق الانتخابي، وستكون للأحزاب الكلمة الفصل في انتاج أردن المستقبل فرحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة ونحن بدأنا هذه الخطوة وستتبعها خطوات خيرة بإذن الله.

إن تخصيص المقاعد الحزبية غير مرتبط بعدد منتسبي الأحزاب في هذه المرحلة وهذا يشير لجرأة كبيرة عند عقل الدولة لدفع الأردنيين للتخلص من العقلية السابقة التي جمدت الحزبي لسنوات طويلة وبدأت مرحلة جديدة من العمل السياسي المنظم والعلني الذي قد يمكن بعض الأحزاب من الحصول على أغلبية نيابية تمكنهم من تشكيل أول حكومة نيابية حزبية.

تشير الكثير من الدراسات إلى أن عدد منتسبي الأحزاب في الديمقراطيات المتقدمة لا تصل في الكثير من الأحيان إلى 7% كما هو في الولايات المتحدة الأمريكية و 1.5% في بريطانيا، ماذا يعني ذلك .. انه لا شرط في الممارسة السياسية أن تكون منضوياً تحت حزب سياسي معين بل الهدف الأسمى أن تصوت للبرنامج الحزبي وليس للشعار السياسي، وبذلك يكون عموم الشعب مساهم في إنجاح الحزب أو إفشاله ولكن من خلال الصناديق الانتخابية، وهذا يعود لقوة الحزب في صناعة برنامج حزبي واقعي سهل التطبيق وواضح النتائج، وليس الاكتفاء بالجعجعة بلا طحين، مما يزيد ذلك من ضغط الجمهور على الأحزاب بأن تطور عملها من جانب وتقدم برامج واقعية حقيقية تخدم معظم شرائح المجتمع. واعيد وأكرر ليس المطلوب من كل أفراد المجتمع الانخراط في العمل الحزبي والانضمام لأحد الأحزاب بل قد تكون مشارك رئيسي من خلال دعمك لأحدى القوائم الحزبية.

الحياة الحزبية البرامجية مطلب رئيس في نجاح الأحزاب في المرحلة القادمة ولكن علينا التروي قليلا قبل جلد الأحزاب، فبعد اعلان نتائج الانتخابات المقبلة في أيلول 2024 علينا ان نتذكر أن الأحزاب ليس سبباً في مديونية الأردن التي شارفت على الوصول ل 50 مليار دولار وأن نسب البطالة تزيد عن 35%، إذ أشارت النتائج إلى أن 54.9 بالمئة من إجمالي المتعطلين هم من حملة الشهادة الثانوية فأعلى، وأن 44.7 بالمئة من إجمالي المتعطلين كانت مؤهلاتهم التعليمية أقل من الثانوي، وبلغ معدل البطالة بين الشباب في الفئة العمرية 15-24 سنة، نحو 46.1 بالمئة للمجموع (42.1 بالمئة للذكور مقابل 64.1 بالمئة للإناث). وأن الجامعات الأردنية تخرج أكثر من 70الف شاب وشابه للسوق سنوياً ‘ وأن نسب الفقر في ارتفاع مستمر وأن نظام الحماية الاجتماعية غير قادر على حماية الفئات المهمشة، وأن 27% من الأردنيين بلا تأمين صحي، وعلينا ان ندرك الأحزاب غير مسؤولة عن مخزون ديوان الخدمة المدنية الذي يحوي ما يقارب من نصف مليون صاحب طلب ينتظر فرصته بالقطاع الحكومي، وأن الأحزاب غير مسؤولة عن انخفاض الصادرات وارتفاع كلف الإنتاج وابرزها فاتورة الطاقة، وان الأحزاب غير مسؤولة عن 31% من تعداد السكان غير أردنيين (لاجئين) ناهيك عن مديونية البلديات والجامعات وديون الحكومة على المستشفيات والقطاع الخاص والضمان الاجتماعي وغيره.

لا أريد أن أبرر للأحزاب فشلها لا قدر الله قبل أن تبدأ بعملها البرامجي، لكن مطلوب حتماً من الأحزاب أن تفكر خارج الصندوق في البحث عن حلول إبداعية تسهم في تحسين حياة الأردنيين خاصة في قضايا التعليم والصحة والغذاء والسكن والنقل والاستثمار، والبحث عن حلول جذرية للعديد من المشاكل في قطاع الزراعة والتشغيل والإسكان والفقر والبطالة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى