22 الاعلامي –نَــظـَــرِيَّـــة الــفَــراشَــة والــقِــنــديـل
صَباحي اليَوم مُختَلِف جِدًّا عَن كُلّ صَباحات الآخرين ، فَشُعوري بِأَنّ الشَّمس تُشرِقُ لِرُؤيَتي يَتَعمَّق عِندي يَوماً بَعدَ يَوم ، وبِأَنّ هذه العَصافير اجتَمَعَت لِتَملَأ الدُّنيا زَقزَقَة لِتَتَحاوَر وتَتَناقَش في كَيفِيَّة إِسعادي ونَسمَة الهَواء اللَّطيفَة تَختار المَكان الذي أَتَواجَد فيه لِتَهُبَّ حَولي وتَتَلَمّسني .. شُعور جَميل جِدًّا .. استَيقَظتُ وكُلِّي حَماس وسَعَادَة فَأَنا أَخلق لِنَفسي جَوًّا مِن السَّعادَة التي أَحياها ، ولِمَ لا ؟! فالعُمر يُعاشُ مَرَّة واحِدَة ، لِمَ لا نَحياه ونَحنُ سُعَداء حَتّى لَو بِعالَم افتِراضي .. تَوَجَّهتُ نَحوَ سَيّارَتي مُسرِعاً مُنطَلِقاً بِكُلّ حَماس لِعَمَلي ولا أَدري لِماذا أَشغلتني الطَّريق ولَم أَستَطِع الاستِماع لِسيِّدَتي فَيروز .. وَصلتُ مَدرَسَتي ودَخَلتُ مَكتَبي بَعدَ أَن أَلقيتُ تَحِيَّة الصَّباح على زُمَلائي وذَهَبتُ لِأَختار أُغنِية لِفَيروز وتَرَكتُ الجِهاز يَختار عَشوائِيًّا لِأَرى ماذا سَيختار وأَثناء ذلك كان صَديقي فِنجان القَهوَة يَشقّ الطَّريق نَحوي وبِنَفسِ الوَقت صَوت فَيروز ..
يا قلبي لا تتعب قلبك ..
وبحبك على طول بحبك ..
بتروح كتير .. وبتغيب كتير..
وبترجع عَ دراج بْعَلْبَكْ ..
يا قلبي لا تتعب قلبك ..
نَظَرتُ نَحوَ فِنجاني الذي بَدَا وَجهُه مُقفَلا تَمامًا بِدون أَيّ مَلامِح ولا تَستَطيع قِراءَة أَي شَيء مِنه ..
رَشَفتُ الرَّشفَةَ الأُولى .. والتي تَكون عادَة أَشبَه بالقُبلَة أَو بالعِناق .. الله ما أَلَذّ طَعم القَهوَة اليَوم ..
ولا أَدري لِماذا شَعَرتُ بِأَنّ القَهوَة ما زُرِعَت ولا حُصِدَت ولا حُمِّصَت ولا طُحِنَت ولا غُلِيَت إِلّا لِأَجلِ أَن أَحتَسيها أَنا .. مَن يَشعُر بالقَهوَة هُوَ فَقَط مَن يَتَذَوَّق طَعمَها ويَستَمتِع بِرائِحَتِها ويَسرح في بُخارِها ورُسوماتِها وتَحَرُّكاتِها ويَقرأ وجهها .. نَعَم شرب القَهوَة لا طَعمَ لَه بِدون خَيال ومَشاعِر..
نَظَرتُ إِلى سَطح القَهوَة وكانَ عِبارَة عَن تَكَتُّلات قَهوَة تَتَخَلَّلها فَراغات وهُيِّئَ لي بِأَنّها تشبه العاصِفَة الرَّمليّة ولا أَدري لِماذا ما تَخَيّلتُ أَنّ العاصِفَة رَمزٌ لِتَضارُب الأَفكار فَعِندَما تَقول مَجموعَة مِن الأَفكار عَصَفَت بِذِهني أَي أَنّني تشتَّتُ وضِعتُ ولَم أَستَطِع لا تَحديد الاتّجاه ولا اتِّخاذ القَرار فَعِندَما تَكون في وَسَط عاصِفَة رَملِيَّة تَنعَدِم الرُّؤية ولا تَستَطيع تَحديد الاتّجاه وبالتّالي يَضيع اتّجاهك ولا تَصِل لِهَدَفِك إِلّا بَعدَ هُدوء هذه العاصِفَة وكذلك إِن كُنتَ في عاصِفَة بَحرِيَّة تَتَخَبّط بزورقك الصَّغير في ذلك المُحيط الكَبير فَتجدّف عَبَثاً في كُلّ الاتِّجاهات دونَ تَحديد اتّجاه لَك ولكنّك تُجدّف مُحاوِلاً النّجاة ..
وكذلك الذي يغرق في مُشكِلَة كأَن يغرق في الدّيون أَو المَشاكِل الإِجتِماعِيَّة أَو السِّياسِيَّة تَراه كالعالِق وَسط عاصِفَة لا يُحَدِّد وِجهَته لانعِدام الرُّؤية .. وهُنا لا بُدَّ مِن مُنقِذ ، قَد تَكون في مَكان ما هي أَخذ المَشورة مِن الأَكثَر خِبرَة .. ( ما خابَ مَن استَشار) . وأَحياناً بِحاجَة للمُساعَدَة ممن تَربطنا بِهم عَلاقَة وَثيقَة ، ولكنّني أَقول أَنّ علينا اجتِياز هذه العاصِفَة بِقُوّتِنا وخِبرَتِنا وثَباتِنا لِأَنَّنا ومِنَ المُؤكَّد أَنَّنا وبَعدَ مُرور هذه العاصِفَة سَنَكون أَشخاصًا آخرين لَن يكسرنا شيء ولَن نَحتاج لِأَحَد لِأَنَّنا اعتَمَدنا عَلى أَنفُسنا فَقَط أَنت فقط من وقفت في وجه العاصفة وهزعت الرّياح العاتية لذلك ستكون أَقوى وأَكثر خِبرَة لذلك فالشّعوب المُعتَمِدَة عَلى نَفسِها شُعوب حُرَّة والشّعوب المُعتَمِدَة عَلى غيرِها في أَيّ شيء هُيَ مستعمرة لِتلك الدّول .. وكذلك الذي يَسير وَراء رَغباته هُوَ عَبد لتِلكَ الرَّغبات وأَسير لَها ولَيسَ حُرٌّ أَبدًا .. ورَجعتُ لِفيروز ..
يا قلبي لا تتعب قلبك .. فالحَبيب هُوَ القَلب الأَوّل الذي تَطلُب مِنهُ بِكُلّ حُبّ وتَضحِيَة أَلّا يَشغَل بالَه ولا قَلبَه فَهيَ تُحِبّه عَلى طولِ العُمر وطولِ الوَقت .. فَمَهما غاب أو سافر فَلا بُدَّ أَنّ حُبّهما ثابِت كَأَدراجِ قَلعَة بِعَلبَك الأُسطوريَّة في كُلِّ شَيء في ضَخامَتِها وكِبَر أَحجارِها ولُغز مِن بَناها هَل هُم بَشَر أَم كائِنات فَضائِيَّة؟! فأَحجار هذه القَلعَة لَم تَتَمَكَّن لِغايَة الآن أَيّ آلة مِن رَفعِها أَو بِنائِها بهذه الدِّقّة ! فَهيَ أَقرَب للأُسطورَة فَحبّنا يا حَبيبي ثابِت كَثباتِ هذه القَلعَة الأسطورِيَّة لا بَل حُبّنا أُسطوري فَلَقد التقينا صُدفَة ، واندَمجنا وطِرنا بقلوبنا ومشاعرنا وتجاوزنا السّماء فحبّنا أسطوري وقِصَّة يَجِب أَن تُخَلَّد لذلك لا تَفتَح الباب للشَكّ وأَوصد الأَبواب أَمام عَواصِف أَفكارك ولا تَجعلها تَسحبك لِدَربِ الضّياع ..
وَتُدَندِن فَيروز ..
ماشي والقمر ماشي .. تبْعَتْ مَرَاسيلْ
يا قلبي الْـ متل فراشِة .. حَوْل القناديلْ
لا بتعرف وَهْج النار .. ولا بتكَفّي المشوارْ
وملبَّك بالحبّ ملبَّك
وتروح وترجع عَ بْعَلْبَك
ماشي والقَمَر ماشي تبعت مَراسيل .. كَم نُرسِلُ رَسائِل لا يَستلمها أَحَد وكَم تُرسَل لَنا رَسائِل لا نَستَطيع اسِتِقبالَها ، فَأَحياناً تُقدّم النّصح لِأَحدهم حَولَ مَوضوع ما ولكنّه لا يَأَبَه لذلك فَتَكون النَّتيجَة كَما توقّعتها أَنت وعكس ما يَرغَب هُوَ ، وكَم تَمّ تَحذيرك وأُرسِلَت لَك رَسائِل مُباشرة وغير مباشرة لِتَنهاك عَن القِيام بِعَمَل ما ولكنّك كُنتَ كالفَراشَة التّي يَجذبها ضوء القَناديل تَطيرُ باتّجاههم باحِثَة عَن النّور والدِّفء ظَنًّا مِنها أَنّ بِقُربِ الضّوء يوجَد الأَمان والخُلود وجَهلاً مِنها بِأَنّ هذا الضّوء يُخفي وَرائه حَرارَة تَقوم بإِحراقِ أَجنِحَتِها الرَّقيقَة فتهوي حَريقَة فَلا هِيَ نالَت الخُلود ولا الاستِمتاع وإِنَّما كانَت نِهايتها في الهَدَف الذي سَعَت إِليهِ بِكُلّ ما أُوتيَت مِن قُوَّة ، فَكَم مِن هَدَف قَتَل صاحِبه !
وكَم مِن رَغبَة أَودَت بِحاملها ! قِصَص كَثيرَة تَدور في ذاكِرَتي كَدورانِ الفَراشَة حَولَ الضّوء مَن هؤلاء الذينَ قتلهم طُموحهم أَحياناً وطَمَعهم أَحياناً أُخرى وتَهوّرهم أَحياناً أَو قَلبهم في مُعظَم الأَحيان !
فالطّيبَة الزّائِدَة تَقتُل كَما القَسوَة الزَّائِدَة ، والكَرَم المُبالَغ فيهِ يَقتُل صاحِبه كَما البُخل الشَّديد ، فَكِلا النَّقيضَين يوديان بِصاحبهما لِذا إِبقَ في الوَسَط فَخير الأُمور وسطها والوَسَط هُنا لا يُعني المُنتَصَف وإِنَّما الاعتدِال في كُلّ الأُمور وهُوَ يوصل صاحِبه للقِمَّة فَلا إِفراط ولا تَفريط وبالتّالي يَصِل الإِنسان لِقِمَّة وَعيِه وإِدراكه ، وفَسَّر ذلك عُلماء الرّياضيات بِأَنّ الوَسَط في جدول التَّوزيع الطَّبيعي هو قِمَّته ، فلكي يَصِل الإِنسان لِقِمَّة تَوازُنِه النَّفسي يَجِب أَن يَكون وَسَطيًّا في نَظرَتِه لِكافَّة الأُمور فالوَسط هُوَ القِمَّة ولَيسَ المُنتَصَف .
نَظَرتُ نَحوَ عاصِفَة فِنجاني التي أَطاحَت بِأَفكاري ورَشَفتُ رَشفَةً أُخرى .. فتقسّم الفِنجان إِلى عِدّة أَقسام بِخُطوط قَسّمته إِلى عِدَّة أَشكال ولا أَدري لِماذا خُيِّلَ لي بِأَنّ كُل قِطعَة مِن هذه القِطَع ما هِيَ إِلّا جَزيرَة عائِمَة وَسط مُحيط والجَزيرَة تُمَثِّل البَشَر فالكُلّ عائِم وًسط مُحيط مِن الأَشخاص كُلٌّ لِه قَوانينه ومَبادئه ونَظَرتَهُ للأُمور وقوانينه التي يُحاكَم بِها الأَشياء وهِيَ التي تحكم رَدّة فعله تِجاه المُتغيّرات . ودِراسَة النَّفسيّة البشريّة مِن أَصعَب العُلوم لا بَل مِن العُلوم المُبهَمَة والتي يَصعُب تَوقُّعها وتَبريرها بالغالِب فذلك الهادِئ قَد يَرتَكِب جَريمَة قَتل ، وذلك القاتِل المَأجور تَجِدهُ يَبكي إِن رأَى مَشهَداً مُحزِناً في فيلم تافِه !
فالمَشاعِر والقُلوب تَتَقلَّب وتَتَغيّر فقاسِ القَلبِ قَد يُصبِح أَرَقّها إِذا ما عاشَ قِصَّة غَراميَّة أَو إٍذا ما رُزِق بِطِفل فَتَجِد ذلك الذي يَهاب بطش يَده الجَميع يَبكي لأُغنية ما أَو عِندَ سَماع خَبَر ما ! أَو عِندَ انتِظاره لِرُؤيَة طِفله.
لِذى سُمِّيَ القَلبُ قَلباً مِن التَّقلّب أَي التّغيّر مِن حال إِلى حال ، فخبر أَو كِلمَة قَد تجعلك طائِراً بين الغمام وكلمة مِن المُمكِن أَن تَقتُل رَغبتَك بالحَياة ! لِذا كُن رَطِب اللّسان واحرِص عَلى مَشاعِر الآخرين في كُلّ الأَوقات وقَلِّل مِن فضولك وتدخّلك في الخصوصيّات ..
وتُكمِلُ فَيروز ..
أنا مين اللي صحّاني .. من عزّ النومْ ..
وصوب عيونك وَدَّاني .. من أوّل يومْ ..
أنا مين وإنتَ مين .. يا نحنا المنسيِّين ..
ودربي تْبَعِّدني عن دربكْ ..
وإنْدَهْلَك يا حبيبي بَحِبّكْ ..
لا شَكّ أَنّه وفي كُلّ مَرحَلَة مِن العُمر يَجِب أَن تَكون هُناك استراحة لتَقييم تِلكَ المَرحَلة ومُراجَعَة القرارات والاستمرار بالصّحيح والعدول عَن الخاطِئ ولكنّ مَن مِنّا قامَ بِفعلِ ذلك ؟! أَو يَقوم بِفعل ذلك ؟
مُعظمنا ( سارحة والرَّب راعيها ) مَن مِنّا يَنتَقِد نَفسَه ويُقَدّم النُّصحَ لَها ؟ مَن مِنّا يُعَدِّل قراراته إِن كانَت خاطِئَة؟ فَهَل هُناك مَسؤول يَعتَرِف بِخَطَئِه ؟! ويكأَنّ الوُزراء كالأَنبياء لا يُخطِئون فَأَخطاؤُهم مُبررة دوماً ! ولا أَدري لِماذا لا يعتَرِفونَ بِأَخطائهم حينما يَجمع كُل سُكّان الكُرَة الأَرضيّة عَلى أَنّهم عَلى خَطَأ ؟!
هَل هِيَ ثَقافَة الأَنا ؟ أَم ضعف الشَّخصيّة ؟ أَم ضياع الهويّة ؟ والحِرص عَلى الكُرسي ؟ ولا يَدري هذا أَو ذاكَ بأَنّه هُوَ وكُرسيه سيُنسون كأَنّهم لَم يَكونوا وبِأَسرَع مما يَتوَقّعون !
فصدقاً لو سأَلتَ مِئَة شَخص عَن اسم وَزير مُعيّن سابق أَنا موقِن أَنّ 90% لا يَتَذَكَّرون اسمه ! إِذاً لِماذا كُلّ هذا الحِرص ونكران الخَطَأ والإِدّعاء بالمثاليّة ! رُبَّما كان الاستخفاف بالآخرين هُوَ السَّبَب ..
( يا جَماعَة أنا ما بحب أَحكي سياسة رَجعوني لفَيروز.. )
يا تُرى ما الذي جعلني أفيق مِن سُباتي قَبل أَن أَشبع من النّوم ففي ذروة النوم أَستيقِظ ولكنّ مَن هُوَ المَسؤول عَن ذلك ؟
( رُبَّما هو وزيرنا المنزّه عن الخَطأ ) لا حَولَ ولا قُوَّة إِلّا بالله يا جَماعَة ما بِدنا سياسة ، كّلا هُوَ ذلك الحَبيب الذي يَغزو أَحلامي وأَقلامي هُوَ الذي يحبسني تارَة برات النوم وتارة أُخرى يسرق النوم وهُنا اليَوم يوقظني مِن أَحلامي لِأَراه أَينما تَلَفَّتُ أَمامي سِواءُ أَكنتُ نائِماً أَم مُستَيقِظاً وأَمامَ هذا الاندِماج وهذه التَّكامُلِيَّة ذابت هَويَّتُنا فَلَم نَعُد شَخصَينِ مُنفَصِلَين وإِنَّما أَصبحنا شَخصاً واحِداً فَلم أَعُد أَعرِف أَنا مين وإِنتَ مين ؟!
ولكنّ ذلك غَير مُهِم لأَنَّني أَنا وأَنتَ ما نَحنُ إِلّا قِصَّةً وُلِدَت عَلى دراج بعَلبَك الخالِدَة كَما مَلايين القِصَص سَتَنسى النّاس أَبطالها ولكنّها ستُخَلَّد أَحداثُها مَع خُلودِ هذه القَلعَة .. وسيتذكّر النّاس بِأَنّ هُناك قَلبَين اجتَمَعا عَلى هذه الأَدراج وأَخلصا في الحُبّ وقَدّسا قِصَّة حُبِّهما لِتَبقَى خالِدَة كَما هِيَ حِجار القَلعَة ..
رَشَفتُ رَشفَةً أُخرى مِنَ الفِنجان .. فاختَلَطَت فيهِ الجُزُر السَّابِقة وتَحَرَّكَت نَحوَ الأَطراف راسِمةً فَوقَ جدران الفِنجان خُطوطاً مُتَّصِلَة ومُتَباعِدَة ولكنّها تَلتَقي في قَعرِ الفِنجان ويكأَنّها تُفَسِّرُ كَلِماتَ فَيروز ..
ودربي تْبَعِّدني عن دربكْ
وإنْدَهْلَك يا حبيبي بَحِبّكْ
مَهما باعَدت الدُّروب بَينَكَ وبَينَ هَدَفَك سَتَلتَقي بِهِ وسَتُحَقِّقُه ما دُمتَ مُخلص النِيَّة .. إِن كانت قِصَّة حُبّ لابُدّ أَنّ نِهايتها سَتَكون البَقاء إِن كانَت دِراسَة فلا بُدَّ أَنَّك سَتَنجَح بِها .. إِن كانَ مَشروعاً فسَتُحَقِّقهُ لا بُدَّ أَن تُحَقِّق ما تَصبو إِليهِ حَتّى وإِن كانَ ظاهِر الأَمر دَرباً بَعيداً إِلا أَنّ مُتعَة الطَّريق أَحياناً تَفوقُ مُتعَة تَحقيق الهَدَف .. حَتّى لَو بَدا الطَّريقان مُتَوازِيان وظاهِر الأَمر رِياضيًّا إِنَّهما لا يَلتقيان ولكنّ المُتوازيان في الحُبّ يلتقيان وفي السّياسَة يلتقيان وفي عِلم الاجتماع يلتقيان فأَنتَ وهدفك ستلتقيان حَتماً ولكن اسعى وابذُل ما بِوسعِك لتَقتَرِبَ رُويداً رُويداً ، ولكنّ حاوِل أَن يَكونَ هدفك مَدروساً مُمكن التّطبيق والتّحقُّق لا أَن يَكونَ سَبَباً لِنهايتك كَقِصَّة الفَراشَة والقِنديل..
نَظَرتُ نَحوَ فِنجاني وقُلتُ لَهُ .. أَنتَ يا صَديقي لا يَختلف اثنان عَلى جمالك وعَلى لَذّة طعمك وعَلى حِكمَتِك وحِنكَتِك ، في كُلّ يَوم توحي لي بِقِصَّة أَو حِكمَة فأَنتَ كالوَحي وَحي جَميل ..
كَم أَنتَ جَميل يا صَديقي ..
ودَندَنتُ لَه ..
يا قلبي لا تتعب قلبك ..
وبحبك على طول بحبك ..
بتروح كتير .. وبتغيب كتير ..
وبترجع عَ دراج بْعَلْبَكْ ..
بِقَلَم :
د. محمد يوسف أَبو عمارة