مقالات
أخر الأخبار

علي القضاه يكتب: المدير الخلوق

22 الاعلامي – منذ عدة شهور خلت وأنا أود أن أكتب عن عطوفة الدكتور بشر العطيوي، ولكن منعني من ذلك كونه كان مديري المباشر، فخشيت أن أوصف بالمتملق الوصولي.
بشر العطيوي المدير الخلوق التقي النقي السريرة، المنصف الحاذق، تأكدت خلال فترة إدارته لتربية قصبة عمان أن ثمة أناس مخلصين لا يزالون يعيشون بيننا، وأن الخير في أمة سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- باق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
أعادني الدكتور بشر العطيوي لتلك الحقبة الذهبية التي كانت تزخر بالرجال الرجال الذين يحبون الله ورسوله ويؤمنون بالانتماء والإخلاص للوطن.
فحينما تراقب أو تتأمل سلوك الدكتور بشر العطيوي تعرف أن الانتماء ليس حبرا على ورق، وإنما سلوك، تعرف أن تقوى الله ليس شعارات تغري وتظلل بها الآخرين وإنما سلوك، حينما تحال قضية أنت أحد أطرافها إليه لا تخشى الظلم أو ضياع الحقوق، وإنما تنتظر الحكم وأنت مرتاح البال مطمئن أنك في أياد أمينة.
من يتعامل مع الدكتور بشر يتعلم منه أن الكرسي والمنصب لا يرفعان مقام صاحبهما، ولكن المكتنز علما وثقافة وأخلاقا هو من يزين الكرسي ويضفي على المنصب هيبة ووقارا.
بشر العطيوي حالة استثنائية في زمن اختلت فيه الموازين، زمن كثر فيه الوصوليون المتشدقون أصحاب المصالح الضيقة، زمن كثر فيه المسؤولون المتكبرون.

كان من يذهب لمقابلة عطوفته لا ينتظر سوى دقائق حتى يؤذن له بالدخول، وكان عطوفته يقوم من خلف مكتبه ويستقبل المراجعين بحرارة وابتسامة دافئة، كنت في حضرته أشعر من تواضعه بأنني أساويه بالمستوى الوظيفي، على الرغم من أنه رئيسي في العمل وأنا المرؤوس، ولكن انسيابية ودفء حديثه وإعطائه الأهمية والانتباه لضيفه تعطي الضيف تلك القيمة التي يستحقها.
كان الدكتور بشر العطيوي مديرا قائدا، وهادئا ورزينا، يخال لك وأنت تحدثه أن في فمه ميزانا يزن الكلام قبل إطلاق العنان له، فثمة وقفة بين الجملة والأخرى؛ هي مرحلة التدبر والفلترة، لذلك كان جليسه يجد في حديثة متعة وتشويقا.
لقد أزعجني خبر إحالته إلى التقاعد؛ إذ كانت فترة إدارته لتربية قصبة عمان فترة عمل جاد وتحسين مستمر من دون فوضى أو ضوضاء أو ضباب.

ستبقى حرائر الأردن ولادات رجال، سيلدن الكثير ممن تنبض قلوبهم بحب الوطن، ويتمتعون بصفات الدكتور بشر العطيوي ابن الطفيلة الهاشمية.

تحية أرسلها إليه من عجلون الأبية تجوب كل محافظات الوطن لتقطف له من كل بستان وردة عطرة، تحية أرسلها إليه محملة بفيض من احترامي وامتناني وتقديري له، لم يكن مجرد مديرا علينا؛ وإنما أبا وأخا وصديقا.
وفقه الله ونفع الأمة بعلمه، وأطال الله عمره ومتعه بموفور الصحة والعافية.

حمى الله الأردن أرضا وشعبا وقيادة، حمى الله مليكنا عبدالله الثاني ابن الحسين، حمى الله الراية الهاشمية.

علي القضاه
مدير مدرسة الأمير راشد بن الحسن ـ عمان ـ ٢٠٢٤/٨/٢٩

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى