مقالات
أخر الأخبار

د.ثروت المعاقبة تكتب: تهميش الكفاءات خطر يهدد المؤسسات

22 الاعلامي – بقلم د.ثروت المعاقبة

يعد تهميش الكفاءات في المؤسسات من المشكلات الجوهرية التي تواجه العديد من الأفراد في مجتمعاتنا اليوم، من خلال إقصاء أو تجاهل الأفراد الموهوبين والذين يمتلكون قدرات عالية في مؤسساتهم أو مجتمعاتهم، ويمكن أن يكون التهميش في عدة أشكال على سبيل المثال عدم إسناد مهام تتناسب مع مهارات وقدرات الشخص، أو تجاهل مقصود لآرائه ومقترحاته، أو حجب فرص التطور المهني عن الأشخاص المتميزين بشكل عام.

وهناك العديد من الأسباب التي تعمل على تهميش الكفاءات بطريقة يمكن أن تكون مقصودة وموجه منها:

  1. الخوف من التهديد بعض المدراء أو صناع القرار قد يرون في الكفاءات تهديدًا لمكانتهم أو نفوذهم داخل المؤسسة، فيحاولون تهميشهم لمنع بروزهم بأي شكل من الأشكال.

2.السياسات التنظيمية الضعيفة التي تفتقر إلى أنظمة فعالة لتقييم الأداء وتقدير الكفاءات، مما يؤدي إلى تهميش الأفراد المتميزين بسبب غياب العدالة والشفافية.

3.المحاباة والفساد والعلاقات الشخصية التي يتعرض لها الأفراد الأكفاء لصالح من لهم علاقات أقوى داخل المؤسسة وهنا نرى الكثير من السخط على بعض القرارات التي تظلم الموهوبين أو الأفراد الذين أثبتوا وجودهم.

  1. عدم الوعي أو الجهل للكفاءات المتاحة، أو عدم قدرة المؤسسة على استغلال هذه الكفاءات بشكل صحيح.

5.التحيز ضد أفراد معينين بسبب جنسهم، أو عرقهم، أو خلفياتهم الاجتماعية إلى تهميشهم رغم كفاءتهم.

التعامل مع تهميش الكفاءات يتطلب قيادة واعية وسياسات تنظيمية شفافة تضمن العدالة وتقدير المواهب، مما يعزز من روح الفريق ويساهم في تحقيق الأهداف المشتركة.
وهناك الكثير من الموظفين في المؤسسات في حالة من الاستياء العام نظرا لوجود التهميش والإقصاء المتعمد وهذا له أثر كبير يهدد المؤسسة ويدق ناقوس الخطر كما يقال ومن هذه الآثار التي تهدد المؤسسة:

  1. شعور الكفاءات بالإحباط والقلق، مما يقلل من دافعيتهم للعمل والإبداع وهذا الأمر يضعف المؤسسة بتراجع الأداء العام لها ويقلل الإنتاجية ويضعف الابتكار داخل المؤسسة ويعزز الثقافة السلبية في المؤسسة.
  2. خسارة فرصًا كثيرة للاستفادة من أفكار وإبداعات الأفراد، مما يعيق التطور والنمو في المؤسسة.
  3. يدفع التهميش الكفاءات للبحث عن فرص عمل في مؤسسات أخرى تقدرهم بشكل أفضل، مما يزيد من معدل دوران الموظفين فتصبح المؤسسات طاردة للعاملين بها وهذا الأمر يشكل خطورة بالغة جدا أمام التنمية المستدامة.

ولتجاوز التهميش، سواء على المستوى الفردي أو المؤسسي، يمكن اتباع عدد من
الاستراتيجيات التي تساعد في مواجهة هذه المشكلة وتحقيق التقدير المستحق لكل موظف يعمل في المؤسسة:
على المستوى الفردي يمكن حل هذه المشكلة من خلال التواصل الفعّال والتطوير المستمر في بناء العلاقات القوية التي تساعد الموظف على الحصول على الدعم والفرص، بالتعبير عن الإنجازات بطريقة مهنية، بالإضافة إلى البحث عن دور أكبر وطلب مسؤوليات جديدة تمكن الموظف من إبراز مهاراته بشكل أفضل متحليا بالمرونة والقدرة على التكيف مع التحديات والتغلب عليها.

أما على المستوى المؤسسي فإن تطبيق سياسات عادلة تضمن تقييمًا موضوعيًا للكفاءات وتعطي الجميع فرصًا متساوية للنمو والتطور بدلاً من العلاقات الشخصية، تطوير ثقافة التقدير بتشجيع الإنجازات والمساهمات الفردية والجماعية داخل المؤسسة وتقديم مكافآت أو حوافز لأولئك الذين يظهرون أداءً متميزًا أو يحققون أهدافًا مهمة، بتوفير التدريب والتطوير مما يساعدهم على تحسين مهاراتهم والارتقاء في أدوارهم، بتعزيز التواصل الداخلي بين الموظفين والإدارة لضمان أن جميع الأصوات مسموعة وأنه يتم معالجة أي تهميش بشكل سريع من خلال الاجتماعات المفتوحة والنقاشات التي تسمح للجميع بالمشاركة الفاعلة، وعلى المؤسسة تشجيع التنوع والشمولية ببناء بيئة عمل تحتضن التنوع والشمولية، حيث يتم تقدير جميع الموظفين بغض النظر عن خلفياتهم أو آرائهم بوضع معايير واضحة تمنع التمييز وتعزز من قيمة المساواة في الفرص، و أخيرا اتخاذ موقف إذا وجد الموظف نفسة مستمرًا في التهميش رغم محاولاته، قد يحتاج الأمر في هذه الحالة إلى اتخاذ قرار بشأن مستقبلة المهني، مثل البحث عن فرص جديدة في مكان آخر يتماشى مع قيمه ويقدر إمكانياته بشكل أفضل.

رسالتي إلى كل مسؤول يتحمل أمانة هذا الوطن، إن الأمانة التي وُضعت على عاتقكم ليست بالهينة، فهي مسؤولية كبيرة تتطلب الحكمة، النزاهة، العدالة، والعمل الجاد من أجل خدمة هذا الوطن ومواطنيه.

فليكن هدفكم دائمًا رفعة الوطن وكرامة المواطن، وليكن ضميركم هو الدليل الذي يرشدكم في كل قرار تتخذونه تذكروا أن المسؤولية ليست منصبًا فحسب، بل هي عهدٌ بينكم وبين كل فرد في هذا المجتمع فإن التهميش والإقصاء يكلف الوطن الكثير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى