22 الاعلامي – الوقت معلم لمن لا معلم له” تمنحنا التجارب والدروس من خلال مرور الأيام والأحداث الكثير من الخبرات المتراكمة، فمع كل لحظة تمر علينا، نتعلم شيئًا جديدًا سواء كان عن أنفسنا أو العالم الخارجي، والوقت كفيل بأن يعلّم الإنسان حتى وإن لم يتلقَ تعليماً تقليدياً، حيث تساهم التجارب والمواقف في البناء المعرفي لدى الشخص، فكلما مر الزمن، تعرض الإنسان لتحديات، صعوبات، نجاحات، وإخفاقات، مشاكل، وكل تجربة من هذه التجارب تحمل بطياتها الكثير، فعندما يخطئ الإنسان، تمنح له الفرصة للتفكير في أفعاله وتصحيحها، مما يجعله يكتسب خبرة ومعرفة جديدة فيبدأ تفكيره بالنضوج أكثر
و يتيح له فرصة التأمل في حياته وأفكاره
فعندما يمر الشخص بمواقف مختلفة في الحياة اليومية سواء في العمل، أو العلاقات الشخصية، أو الدراسة، فهذه المواقف تراكم التجارب وتساهم في تطوير قدراته وفهمه بشكل أكبر، فيجبر الإنسان على مواجهة التغيرات مثل تغير الظروف الاجتماعية، التكنولوجية أو الصحية والتكيف مع هذه التغيرات مما يُعزز من مرونته وقوة شخصيته، ويجعله أكثر تحملا فيتعلم الفرد الصبر مع مرور الوقت، حيث يكتشف أن بعض الأشياء تستغرق وقتًا لتحقيقها وأن التسرع غالبًا ما يؤدي إلى الفشل والإحباط.
إجمالاً، الوقت يعطي الإنسان فرصة للتعلم والنمو من خلال التجارب المتكررة والتفكير فيها، حتى لو لم يكن هناك شخص آخر يعلمه بشكل مباشر.
يعد الوقت مصدر أساسي للتعلم فالتجربة الشخصية تعد برهانا جيدا فإن بعض الدروس لا يمكن استيعابها إلا من خلال التجربة المباشرة، ومع مرور الوقت، ينضج الإنسان فكريًا وعاطفيًا، فالقرارات التي قد تبدو بسيطة في عمر الشباب، تصبح أعمق وأكثر تعقيدًا مع تقدم العمر بفضل الخبرات المتراكمة التي اكتسبها الفرد طيلة حياته، وتتاح له الفرصة التفكير في القرارات التي يتخذها، مما يساعد في استخلاص الدروس وتجنب الأخطاء في المستقبل، فالزمن يجبر الإنسان على مواجهة التغيرات المستمرة في الحياة، من خلال المرور بالنجاحات والفشل، ويتعلم الإنسان كيفية التكيف مع الظروف المتغيرة، وهذه مهارة تُكتسب على مدار الزمن، فالتجارب المؤلمة، سواء كانت عاطفية أو جسدية، تترك بصمة وندب عميقة في النفس، ولكن مع مرور الوقت، يبدأ الإنسان في التكيف مع تلك الآلام واستخلاص الحكمة منها، مما يجعله أكثر قوة وتفهمًا، الإنسان لا يتعلم كل شيء دفعة واحدة؛ بل يحتاج إلى وقت لتجميع المعرفة وتطبيقها في الحياة ففي فجر كل يوم يضاف لنا شيئًا جديدًا وتتراكم المعلومات في مخزوننا المعرفي.
يصبح الوقت معلمًا جيدا عندما يواجه الإنسان شيئًا جديدًا أو غير مألوفا بالنسبة له، سواء كان ذلك تحديًا أو فرصة، يبدأ التعلم الفعلي من التجربة بعد مرور الوقت وتحليل ما حدث، فأوقات الفشل تعد أفضل معلم للإنسان، مما يجعله أكثر حكمة في المحاولات القادمة، وعندما يكون الإنسان في موقف يتطلب منه الصبر، يدرك مع مرور الوقت أهمية الانتظار ويتعلم كيف يكون أكثر حكمة في التعامل مع الأمور التي تحتاج إلى وقت لتحقيقها، فالقرارات الكبيرة في الحياة تُظهر نتائجها مع مرور الوقت. وهذه النتائج تمنح الإنسان دروسًا حول صحة اختياراته وكيفية اتخاذ قرارات أفضل في المستقبل، فإن الوقت يُعلم الإنسان كيفية التكيف والتعافي، ويبدأ الشخص في استيعاب الدرس واكتساب الحكمة مما يجعله أكثر قدرة على فهم الحياة والتصرف بحكمة.
ولا ننسى عندما وقع أبو عزة الجمحي في أسْر المسلمين في غزوة حمراء الأسد، وقف بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم يطلب عفوه مرة ثانية، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتله، وقال كلمته التي صارت مثلاً: (لا يُلدغ المؤمن مِنْ جُحْرٍ واحد مرتين) فهنا يجب علينا التعلم وأن لا نكرر الوقوع في الخطأ، كان الرسول صلى الله عليه وسلم وقتها يعلمنا درسا من أجمل الدروس في التعلم من خلال التجارب السابقة فليس لدينا متسع من الوقت لنكرر نفس الخطأ.