22 الاعلامي – بقلم: د. آلاء سلهب التميمي
مرة أخرى، يعيد الاحتلال الإسرائيلي إنتاج سياساته الاستعمارية بإقرار قانون يحظر نشاط وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، بما يشمل القدس الشرقية المحتلة.
وهذا القرار يتجاوز كونه تشريعًا إداريًا ليصبح خطوة مبيتة تهدف إلى طمس معالم القضية الفلسطينية، في محاولة لتجريد اللاجئين من حقوقهم التاريخية، وعلى رأسها حق العودة.
لكنه، مهما بدا مدعومًا بقوة الاحتلال، يظل باطلًا؛ فالأرض تعرف أهلها، والحق يبقى لصاحبه مهما طال الزمن.
وجود الأونروا منذ تأسيسها بعد نكبة 1948 يمثل شهادة حيّة على المأساة الفلسطينية المستمرة.
هذه الوكالة الأنسانية التي كانت ولا تزال تقدم خدماتها لملايين اللاجئين، هي أيضًا رمز للجرح المفتوح الذي لم يلتئم، ووسيلة للحفاظ على الذاكرة الحية لمعاناة أجيال حرمت من ديارها وأحلامها.
قرار الكيان الإسرائيلي بمنعها من العمل في القدس ليس سوى محاولة أخرى لمحو هذه الذاكرة، لكنه في الوقت ذاته يكشف خوف الاحتلال من حقيقة لن تتغير فاللاجئون الفلسطينيون ليسوا أرقامًا تُمحى، بل هم أهل الأرض الأصليون الذين لن ينسوا حقهم في العودة مهما حاولت إسرائيل تغييب هذا الحق.
والقدس، التي تطالها بنود الحظر، ليست مجرد مدينة؛ هي قلب القضية الفلسطينية وروحها.
ويسعى الاحتلال جاهدًا لتهويدها وأسرلتها، لكن القدس كانت وستظل فلسطينية.
زقاقها ومساجدها وكنائسها تعرف أهلها جيدًا، وستبقى شاهدة على هويتهم مهما اشتد الحصار.
والقدس ليست ورقة مساومة ولا مجرد عاصمة؛ هي عاصمة الأمل والكرامة، ولن تقبل غير أبنائها حراسًا لها.
تعطيل خدمات الأونروا يعني المزيد من المعاناة للفلسطينيين، خاصة في غزة والضفة الغربية.
فالوكالة تشكل شريان حياة لملايين اللاجئين، في ظل الحصار والاحتلال.
وحظر التنسيق مع الأونروا ليس استهدافًا للخدمات الإنسانية فحسب، بل هو ضربة موجهة للمجتمع الفلسطيني بأسره.
الاحتلال يحاول، من خلال هذا القرار، إضعاف الفلسطينيين وإجبارهم على الرضوخ، لكنه يغفل أن الفلسطينيين، رغم كل ما تعرضوا له، لا يزالون صامدين، ينهضون من بين الركام كل مرة، متمسكين بحقهم في الحياة والحرية.
إن تجاوز إسرائيل للقوانين الدولية بتمرير هذا القانون يعكس استهتارها المستمر بالشرعية الدولية.
ووفق القانون الدولي، تتحمل إسرائيل باعتبارها قوة احتلال مسؤولية رعاية السكان تحت سيطرتها.
لكن الاحتلال يختار دوماً الانسحاب من التزاماته، محاولًا تحميل المجتمع الدولي عبء جرائمه.
ورغم ذلك، فإن الحق الفلسطيني لن يسقط، وستبقى قضية اللاجئين حاضرة في ضمير الأحرار حول العالم.
الاحتلال، مهما بدا قويًا ومسيطرًا، مصيره الزوال.
وما بُني على باطل سيظل باطلاً. والحق، مهما طال انتظاره، سيعود لأصحابه.
فلسطين ليست مجرد قضية سياسية؛ هي قضية إنسانية وأخلاقية، واللاجئون هم أصحاب الحق الأصلي الذي لا يمكن محوه بقرارات وتشريعات باطلة. الأرض تعرف أهلها، والتاريخ شاهد على أن المحتل لا يدوم.
ستبقى فلسطين في الوجدان، وستقوم كدولة مستقلة قريبًا، بإذن الله، وعاصمتها القدس الشريف.
هذه الأرض التي ارتوت بدماء الشهداء تستحق أن تتحرر، واللاجئون سيعودون إليها يومًا، كما وعدوا أنفسهم ووعدوا أبنائهم.
وفي كل مرة يحاول الاحتلال فرض واقع جديد، نزداد يقينًا بأن الحرية آتية، وأن العدالة ستتحقق، لأن الحق لا يموت.
ولن يسقط هذا القرار في صمت، ولن ينال الاحتلال من عزيمة الفلسطينيين أو من تضامن الأحرار في العالم.
فالقضية الفلسطينية المحورية ليست ورقة تُطوى بمرور الوقت، بل هي قصة نضال مستمرة، ستكتب نهايتها الحرية والكرامة.
القدس كانت وستبقى عاصمة الأمل، وفلسطين ستعود حرة، كما كانت وكما يجب أن تكون.