الخوالدة يكتب : خطاب العرش السامي… معبرٌ يجمع بين الهوية الوطنية والرؤية الدبلوماسية
22 الاعلامي – بقلم أحمد الخوالدة
في لحظة تستدعي الوقوف والتأمل في مسيرة الأردن، ألقى جلالة الملك عبدالله الثاني خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية لمجلس الأمة العشرين، خطابٌ يعكس مزيجاً من الثقة والعزيمة، ويؤسس لمرحلة جديدة من التحديث السياسي وترسيخ الهوية الوطنية، بينما يضع العالم أمام مسؤولياته الإنسانية والسياسية، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
افتتح جلالة الملك خطابه بالتأكيد على أن الأردن دولة “راسخة الهوية”، تحفظ إرثها الهاشمي وانتماءها العربي والإنساني، في وقت تشهد فيه المنطقة محاولات مستميتة لإضعاف الهوية الوطنية، جاء خطاب الملك حازماً: لا مساومة على هوية الأردن ولا مستقبل يخضع لضغوط تتعارض مع مصالحه ومبادئه.
هذا التأكيد ليس مجرد خطاب سياسي، بل هو رسالة واضحة لكل من يراهن على زعزعة الأردن أو تشكيك الأردنيين بثوابتهم، الأردن الذي كان ولا يزال صخرةً صلبة أمام كل المؤامرات، من مشاريع التوطين إلى المخططات التي تستهدف القدس والقضية الفلسطينية، يثبت مجددًا أنه متمسك بمبادئه وثوابته مهما كانت التحديات.
أعاد جلالة الملك التأكيد على الدور الأردني المحوري في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، قائلاً إن “قدس العروبة” ستبقى أولوية أردنية هاشمية، هذه الوصاية ليست مجرد مسؤولية سياسية، بل هي شرف وأمانة يؤديها الأردن بشجاعة وكرامة، في مواجهة تصعيد إسرائيلي غير مسبوق ومحاولات لتغيير هوية المدينة المقدسة.
خطاب العرش جاء ليضع النقاط على الحروف: الأردن لن يقبل بأي حل يتجاوز حقوق الفلسطينيين المشروعة، ولن يتراجع عن دوره في الدفاع عن القدس، في زمن يسود فيه التطرف والانتهاكات، يظل الأردن صوتاً قوياً للحكمة والعدالة، يقف بجانب أشقائه الفلسطينيين، ليس بالكلمات فقط، بل بالأفعال الملموسة.
في لحظة مؤثرة، أشاد جلالته بالجيش العربي الأردني وأجهزتنا الأمنية، قائلاً إنهم “مصدر فخر واعتزاز لوطنهم وأمتهم”، هذا الإطراء جاء مستحقاً لقوة تحمي الوطن، ليس فقط من التحديات الأمنية، بل من محاولات المساس بهويته واستقراره.
كان حضور الجيش الأردني لافتاً في العدوان الأخير على غزة، جنود الأردن وقفوا بشرف لمعالجة الجرحى وإيصال المساعدات في أصعب الظروف، هؤلاء النشامى، بأخلاقهم العالية، جسدوا المعنى الحقيقي للتضحية والإنسانية، مما يجعل الجيش العربي عنواناً للفخر الوطني ومصدراً للإلهام لكل العرب والعالم وثقة الأردنيين.
على الساحة الإقليمية، أوضح جلالته أن الأردن لا يكتفي بالبيانات، بل يتحرك على الأرض دبلوماسياً وإنسانياً، موقف الأردن من الحرب على غزة والاعتداءات الإسرائيلية في الضفة الغربية جاء واضحاً و حازماً، المملكة ستقف بكل صلابة لوقف العدوان وستواصل الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.
رؤية الأردن ليست مجرد رد فعل على أزمات المنطقة، بل هي استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تحقيق السلام العادل والشامل، في خطاب العرش السامي المفعم بالثقة، أكد الملك أن السلام هو السبيل الوحيد لرفع الظلم التاريخي عن الفلسطينيين، وأن الأردن سيبقى مدافعاً عن حقوقهم بإقامة دولتهم المستقلة حسب قرارات الشرعية الدولية.
اختتم جلالته خطابه بتأكيده أن الأردن سيواصل البناء والتقدم، وأن الإنسان سيبقى محور هذه المسيرة.
بعزيمة وإيمان، سيظل الأردن عنواناً للعروبة، وطناً عصيًا على المؤامرات، ودولة تجمع بين الحكمة السياسية والصلابة الوطنية.
خطاب العرش السامي ليس مجرد خطاب دستوري وكلمات، بل هو وثيقة وطنية ترسم معالم المرحلة المقبلة، هو رسالة للأردنيين وللعالم أن الأردن، بقيادته الهاشمية، وجيشه الباسل، وشعبه الوفي، سيبقى كما كان دائماً درع الأمة الحصين، وصوتها العادل، وحصنها الذي لا تهزه العواصف.