22 الاعلامي – بقلم الدكتوره رايه خليفات
تُعدّ فئة الشباب من أهم الأصول التي تمتلكها أي أمة، حيث يُنظر إليهم على أنهم محرك رئيسي نحو التغيير والنمو. وفي سياق الأردن، يمثل الشباب أكثر من نصف سكان البلاد، مما يجعلهم في قلب كل نقاش يتعلق بالمستقبل الوطني والاقتصادي والاجتماعي. ومن هنا، تبرز ضرورة تعزيز جهود هذه الفئة الحيوية في سبيل تحقيق أردن افضل .
حيث يمر الأردن بتحديات اقتصادية كبيرة، بدءًا من معدلات البطالة المرتفعة وصولاً إلى الضغوطات المالية والاقتصادية الناتجة عن الأزمات الإقليمية والعالمية. وفي هذا الإطار، يمكن للشباب أن يلعبوا دوراً بارزاً في تحفيز النمو الاقتصادي من خلال الابتكار وريادة الأعمال. مع تزايد فرص العمل في القطاعات التكنولوجية والرقمية، يستطيع الشباب أن يكونوا القوة المحركة خلف الصناعات الجديدة التي قد تساهم في تحفيز الاقتصاد المحلي وفتح أسواق جديدة.
يعد دعم برامج ريادة الأعمال، وإنشاء بيئة محفزة للاستثمار في المشاريع الشبابية، خطوة هامة لتعزيز هذا الدور. على الحكومة والشركات والمجتمع المدني أن يعملوا معًا لتوفير الأدوات اللازمة للشباب كي يحققوا أفكارهم، مثل التدريب على المهارات الفنية والقيادية، وتوفير التمويل الميسر لرواد الأعمال الشباب.
لا يمكن تجاهل النظام التعليمي في الأردن يشهد تطورًا، ولكن لا يزال هناك الكثير من التحديات التي تتطلب تضافر الجهود من جميع الأطراف. يجب على الشباب أن يكونوا أكثر وعيًا بضرورة اكتساب المهارات التي تتناسب مع متطلبات سوق العمل الحديثة. ولكن التعليم ليس عبئًا يقع فقط على المؤسسات التعليمية؛ بل هو مسؤولية مشتركة بين الشباب أنفسهم، والحكومة، والمجتمع.
يجب أن يُشجّع الشباب على التوجه نحو التعليم المهني والفني، والذي يمكن أن يقدم لهم فرص عمل حقيقية ويساهم في تقليص معدلات البطالة. كما ينبغي تعزيز التعليم الرقمي والتكنولوجيا كجزء من التعليم الأساسي، مما يمكن الشباب من مواكبة تطورات العصر.
إن تمكين الشباب في المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية أمر بالغ الأهمية. فالشباب هم فئة قادرة على التأثير بشكل إيجابي في صنع القرار، ليس فقط على مستوى الانتخابات، بل أيضًا في صياغة السياسات العامة التي تؤثر في حياتهم اليومية.
على الدولة أن تُشجّع الشباب على المشاركة في الأنشطة السياسية والمجتمعية من خلال منحهم منصات للتعبير عن آرائهم، ودعم القيم الديمقراطية، وتعزيز ثقافة الحوار والمشاركة. كما أن فتح المجال أمامهم للعمل في المنظمات غير الحكومية وفي المؤسسات العامة يساهم في تطوير القيم المدنية والمجتمعية لديهم.
رغم إمكانياتهم الكبيرة، يواجه الشباب الأردني تحديات عدة مثل البطالة، نقص الفرص التعليمية المتطورة، وصعوبة الحصول على تمويل للمشاريع. إضافة إلى ذلك، تؤثر الظروف الاجتماعية والاقتصادية بشكل سلبي على قدرتهم على تحقيق طموحاتهم.
لذلك، من المهم أن يكون هناك تكاتف بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني لتوفير حلول مبتكرة للتحديات التي يواجهها الشباب. يجب أن تضع السياسات العامة في الاعتبار احتياجات الشباب وتُعزز من فرصهم في سوق العمل والمشاركة
الشباب هم الأساس الذي يمكن أن يقوم عليه المستقبل الوطني، ويجب أن يتمتعوا بوعي ثقافي وتاريخي يعزز من هويتهم الوطنية. تشجيع الشباب على الانخراط في الأنشطة الثقافية والتراثية يعزز من تعلقهم بالأرض والوطن، ويجعلهم قادرين على المساهمة في بناء مجتمع قوي متماسك.
في هذا السياق، تلعب وسائل الإعلام والمناهج التعليمية دورًا كبيرًا في تعزيز هذه القيم، كما يجب أن يُمنح الشباب فرصة للتفاعل مع التراث الأردني من خلال الفعاليات الثقافية التي تساهم في تعزيز الوعي الوطني.
إن تعزيز جهود الشباب في الأردن ليس خيارًا بل ضرورة ملحة من أجل بناء مجتمع قوي ومزدهر. فالاستثمار في قدرات الشباب وتنمية مهاراتهم يوفر قاعدة صلبة للنمو والازدهار على جميع الأصعدة، ويُسهم بشكل مباشر في بناء أردن أفضل. علينا أن نعمل معًا، كمؤسسات وأفراد، لدعم هذه الفئة الحيوية وتوفير البيئة المناسبة لها كي تساهم بشكل فعال في رسم ملامح المستقبل.
بقلم الدكتوره :رايه خليفات