مقالات
أخر الأخبار

الشاعر محمد خضير يكتب : هَدْمُ الماضي

22 الاعلامي – بقلم كتبه الشاعر محمد خضير
khudairart@yahoo.com
كثيرة هي المُدن التي عبَرت إلى المستقبل وهي تُرسل عينيها إلى الخلف، بعدما صار عتبة للبدايات التي قدّمت هذه المُدن إلى العالم، فلا مستقبل لمن لا يملكون تاريخهم وأمجادهم، وربما يكون المجد في معمار هندسي، أو روائي، أو شاعر، أو صناعة ما؛ وضعت أصحابها في ريادة الأم.. ولكل مدينة في المعمورة شخصيتها التي تدلل عليها من خلال آثارها وبنيانها وإن كانت حديثة العهد، فهي الهوية التي تسهم في تقديم المدينة للعالم. وثمة أمثلة كثيرة تمتد من مدينة روما وحتى قرطبة، وما مدينة عمّان إلا من هذه المدن التي نضجت هويتها من خلال المعمار الذي منحها الشخصية التي هي عليها، لكن يدًا ما تعبث بهذه الشخصية، وتريد اللحاق بركب الحداثة على حساب الماضي، وأتحدث هنا عن مثال صارخ يتعرض الآن للزوال والاندثار، وهو الشاهد على حقبة الستينات من القرن الماضي، وهو الشاهد “أيضًا” على ميلاد الملك عبدالله الثاني عام 1962؛ وأتحدث هنا عن “مستشفى فلسطين” الذي تم تأسيسه في العالم 1960 قريبًا من دوار “جمال عبدالناصر – الداخلية”. ولا تخفى جمالية المبنى على زوار هذا المستشفى العريق، ولا على رواد المدينة الرياضية المطلة عليه، وأسأل: من المستفيد من غياب هذا الصرح، والإطاحة به، واستبداله؟ وأسأل أيضًا: ألا تستطيع أمانة عمّان الكبرى وضع يدها عليه، وتعويض أصحابه، أملا في تحويله إلى “دار أوبرا” أو “متحف رياضي” أو أي مشروع يساهم في تطوير صورة العاصمة؟!
هدم الماضي، لا يخلف سوى الغبار أمام الصورة الحقيقية للمدينة، وإن كان هناك من يحرص على هذه الشخصية؛ فليعمل على إيصال الرسالة، والإبقاء على نكهة التاريخ القريب، لنقول لأولادنا بأننا كنا نملك تاريخًا جميلًا.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى