22 الاعلامي
بقلم : ديما المجالي
في ظل التحولات الإقليمية والصراعات الدامية التي تعصف بالمنطقة، يقف الأردن ثابتًا، متماسكًا، ومتحديًا كل محاولات زعزعة أمنه واستقراره. ومع ختام عام 2024، الذي كان عامًا مليئًا بالتحديات، تبرز الهوية الوطنية الأردنية كأحد أهم أسلحتنا في مواجهة هذه المخاطر، فهي ليست مجرد كلمة تُردد في المناسبات، بل هي جوهر وجودنا، ومرآة تاريخنا، والجسر الذي نعبر به نحو المستقبل.
فالهوية الوطنية الأردنية ليست شعارًا مفرغًا، بل منظومة قيم ومبادئ رسختها تضحيات الآباء والأجداد، و صيغت ملامحها بدماء الشهداء، وتجذرت في كل مرحلة من مراحل بناء الدولة الأردنية، التي قامت على أسس العدالة والمساواة والانتماء.
نعم، من حقي كأردنية أن أعتز بهويتي، وأن أدافع عنها دون تردد أو خوف من اتهام بالعنصرية أو الإقليمية، فمن يرى الأردن بعينيه فقط قد لا يفهم ما يعنيه هذا الوطن لمن يرى العالم بعين الهوية الأردنية. فالأردن، هو بالنسبة لنا أكثر من وطن، إنه قضية وهوية وملاذٌ في عالم متغير.
وفي زمن تعصف فيه التحديات من كل حدب وصوب، يصبح الدفاع عن الأردن مسؤولية جماعية لا تحتمل التأجيل، وليس دفاعًا عن سلطة أو حكومة، بل عن وطن وكيان وشعب، فمن واجبنا أن نحمي بيتنا أولًا قبل أن ننشغل بغيره.
لقد علّمتنا الأزمات أن قوتنا تكمن في وحدتنا، وأن الجبهة الداخلية المتمثلة بتماسك المجتمع بمختلف فئاته ومؤسساته هي السلاح الأقوى لمواجهة أي مؤامرات، لكن للأسف، هناك من يحاول تصنيف الأردنيين بناءً على انتماءات ضيقة، متجاهلين أن الهوية الأردنية هي المظلة التي تسع الجميع، وأن الوطن أكبر من أي خلافات عابرة أو مصالح شخصية.
وعلمنا التاريخ أيضا أن الجبهة الداخلية هي الرهان الرابح دائمًا، فالهوية الوطنية الأردنية ليست مجرد إرث، بل هي مسؤولية نحملها على عاتقنا، وهي درع يحمينا في مواجهة التحديات، ويجعل المجتمع أكثر قدرة على الصمود أمام محاولات زعزعة استقراره أو تقسيمه.
والدفاع عن الهوية الوطنية الأردنية ليس فقط في الأقوال، بل هو التزام عملي بالمبادئ الوطنية من خلال تعزيز قيم الولاء والانتماء، والمشاركة الفعّالة في قضايا الوطن، وحماية التنوع الذي يشكل جزءًا أساسيًا من هويتنا، ويتطلب هذا الدور تعزيز أسس الهوية الوطنية عبر الأجيال القادمة.
والإعلام والتعليم يشكلان حجر الأساس في هذا المسار، إذ يُعتبران خط الدفاع الأول عن الهوية الوطنية، فالإعلام الواعي قادر على التصدي لمحاولات التشويه أو التقليل من أهمية الهوية، ونقل صورة إيجابية تُعزز الانتماء، بينما يلعب التعليم دورًا جوهريًا في غرس هذه القيم في عقول الشباب، ليكونوا حماة الهوية وممثليها في المستقبل.
كما أن دور الدولة في حماية الهوية الوطنية لا يقل أهمية، حيث يتطلب ذلك معالجة الأزمات التي تؤثر على ثقة المواطن بالدولة، مثل ملفات الفساد، وأزمات البطالة، وارتفاع كلفة المعيشة. فاستقرار الجبهة الداخلية يعتمد على تحقيق العدالة، والمكاشفة، وإعادة بناء علاقة ثقة متبادلة بين المواطن والدولة، مما يضمن مشاركة الجميع في بناء مستقبل وطني مزدهر ومستقر.
حمى الله الأردن أرضًا وقيادةً وشعبًا، وجعل هويتنا الوطنية منارةً نهتدي بها دائمًا.