مقالات
أخر الأخبار

غزة والأردن: صمود ودعم

22 الاعلامي- النائب حسين كريشان
شهدت غزة خلال 466 يومًا عدوانًا إسرائيليًا غاشمًا وصف بأنه من أشد الهجمات عنفًا وقسوة في تاريخ القطاع المحاصر، وخلال هذه الفترة، عاش أهل غزة تحت وطأة القصف المتواصل والحصار الخانق الذي طال كل جوانب الحياة، وإن القصف العشوائي الذي استهدف المنازل والمدارس والمستشفيات، والدمار الذي لحق بالبنية التحتية، جعل غزة ساحة مفتوحة للألم والمعاناة الإنسانية، ولم تكن هذه الحرب مجرد مواجهة عسكرية، بل كانت اختبارًا لصمود الفلسطينيين أمام آلة حرب لا تميز بين مدني وعسكري، حيث دفعت العائلات الفلسطينية الثمن الأكبر في هذا العدوان من خلال فقدان أحبائها وتهجيرها من منازلها.

رغم كل هذه المآسي، ظل صمود أهل غزة أسطوريًا، مستندًا إلى إيمانهم بقضيتهم العادلة وحقهم المشروع في الدفاع عن أرضهم وكرامتهم، وعلى الرغم من كل الألم والمعاناة، كان هناك أمل دائم في التوصل إلى تهدئة تنهي هذا الفصل المأساوي. وقد تحقق هذا الأمل بعد جهود دبلوماسية مكثفة أسفرت عن اتفاق لوقف إطلاق النار، مما أعطى سكان غزة فرصة لالتقاط الأنفاس ومحاولة إعادة بناء ما دمرته الحرب.

وسط هذه الأزمة التي استقطبت أنظار العالم، كان للأردن دور بارز ومؤثر بقيادة الملك عبدالله الثاني، منذ اللحظة الأولى للعدوان، وقف الأردن موقفًا صلبًا داعمًا لفلسطين وغزة، حيث حرص الملك عبدالله الثاني على التحرك على مختلف الأصعدة السياسية والدبلوماسية لنصرة الشعب الفلسطيني. وظف الملك مكانة الأردن الإقليمية والدولية لتسليط الضوء على معاناة أهل غزة وكشف الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة، كما كان للأردن دور مهم في دعم الجهود الرامية إلى التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار من خلال التنسيق مع الأطراف الفاعلة في المنطقة والعالم، والدعوة إلى ضرورة إنهاء العدوان وفتح الأفق أمام حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، ولم يقتصر دعم الأردن على الجوانب السياسية والدبلوماسية، بل كان هناك دعم إنساني كبير تمثل في إرسال قوافل المساعدات الطبية والغذائية إلى غزة عبر الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية كما قدمت المستشفيات الأردنية الميدانية في القطاع خدمات طبية حيوية للسكان الذين عانوا من نقص حاد في الرعاية الصحية بسبب العدوان والحصار. أظهرت هذه الجهود حجم الالتزام الأردني بدعم صمود الفلسطينيين، وأكدت عمق العلاقة التاريخية التي تربط الأردن بفلسطين، والتي تتجاوز الجانب السياسي لتصل إلى التلاحم الشعبي والإنساني.

إن دور الملك عبدالله الثاني في دعم غزة وفلسطين لم يكن مجرد دور ظرفي، بل هو استمرار لنهج راسخ يتبناه الأردن في الدفاع عن القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية الأولى. ومن خلال الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، جسد الأردن بقيادة الملك موقفًا لا يتزعزع في حماية الهوية الفلسطينية والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ومقدساته.

اليوم، وبعد انتهاء الحرب على غزة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار، يبقى التحدي الأكبر هو إعادة إعمار القطاع ورفع الحصار الظالم المفروض عليه. هذا الأمر يتطلب تضافر جهود المجتمع الدولي والدول العربية، مع استمرار الدور الأردني المحوري في نصرة الفلسطينيين والدفاع عن حقوقهم. ويبقى الأمل أن تكون هذه المحطة بداية لتحرك أكبر نحو تحقيق العدالة والسلام، بحيث تنتهي معاناة غزة ويستعيد الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ويبقى ما حدث في غزة شاهداً على صمود شعب يرفض الخضوع لآلة القمع والاحتلال، وشهادة على دور دول عربية، وعلى رأسها الأردن، في الدفاع عن الحق الفلسطيني، فغزة لم تكن مجرد أرض للصراع، بل كانت رمزًا للصمود والتحدي، ورمزًا لوقوف الأحرار في وجه الظلم مهما طال الزمن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى