مقالات
أخر الأخبار

العتوم يكتب : الإمارات الأقرب لروسيا

22 الاعلامي – بقلم : د. حسام العتوم

الإمارات – دولة عربية ثرية و ناجحة ، تتمتع بقيادة وطنية مخلصة بقيادة الشيخ محمد بن  زايد ال نهيان ، وهي عروبية ، و صاحبة نظرة  دولية ثاقبة حكيمة ، و موقعها الجيو سياسي متميز وسط الخليج ، و تتميز بعلاقة جيوبولوتيكية وطيدة قل نظيرها مع روسيا الاتحادية بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين ، ترتقي لمستوى العلاقات الدافئة التي تتقدم مثيلتها الاقتصادية و السياسية. وعندما أكتب هنا بأنها الأقرب لروسيا في الشرق القريب ، أعني ما أقول ، و علاقات رئاسية شخصية فوق العادة ،وحتى  خارج الاطار الرسمي . و في أخر زيارتين لرئيس الإمارات لموسكو عام 2024 ، قدم الرئيس بوتين تحببا معطفه الخاص لسيادته خوفا عليه من البرد الروسي القارص خارج مكان اللقاء ، و في الزيارة الأخيرة ، استضاف الرئيس بوتين شيخ الإمارات بن زايد في منزله بالقرب من قصر ” الكرملين ” الرئاسي على العشاء ، وهي مبادرة  رئاسية روسية  رفيعة المستوى و فريدة من نوعها عكست عمق الصداقة  و المحبة بينهما . و الزيارة السابقة عام 2023 للإمارات التي  قام بها الرئيس بوتين ، وصفت من قبل مراقبين بالمدهشة من حيث تميز الاستقبال ، و بالناجحة من زاوية التقدم الاقتصادي بين البلدين الصديقين الإمارات و روسيا .

ووسط خيارات اللقاء الروسي بقيادة الرئيس بوتين و الأمريكي برئاسة الرئيس ترامب بشأن ملف الحرب الأوكرانية التي تجاوز مداها ثلاث سنوات ( 2022 / 2025 ) ، وكما أعتقد ، و أراقب ، فإن الرئيس بوتين يفضل الإمارات مكانا للقاء الهام  المرتقب ، بينما يفضل الرئيس ترامب السعودية في هذه المرحلة لزيادة استثماراتها في الولايات المتحدة الأمريكية وكما صرح مؤخرا من 600 مليار دولار حسب رغبة السعودية إلى 1000 مليار ( تريليون ) حسب رغبة ترامب ، الباحث عن رفعة أمريكا  و لمعالجة أزماتها، و لوضعها في مقدمة الدول العظمى الناهضة . و بكل الاحوال مكان اللقاء بالنسبة للدولتين العظميين روسيا و أمريكا يعني الحياد من الحرب الأوكرانية ، ، و الإمارات و السعودية جاهزتان  له و بجدارة ،و لكل مهنا قدرة فائقة على  إنجاحه. 

ماذا قدمت الإمارات لروسيا و تقدم ؟ وماذا قدمت  روسيا لها و تقدم ؟ لقد بدأ مشوار الإمارات الدبلوماسي مع روسيا عبر البوابة السوفيتية عام 1971 ، و فتح سفارة للاتحاد السوفيتي في أبو ظبي عام 1986 ، قابلها سفارة للإمارات في موسكو عام 1987 ، و تضاعف الاستثمار و التجارة بينهما بعد الحرب الأوكرانية عام 2022 ، و ظهرت في الإمارات 4000 شركة بجذور روسية . و صوتت الإمارات في مجلس الأمن لتمديد حظر الأسلحة المفروض على الحوثيين في صفقة على ما يبدو لكي لا تصوت على قرارات لها علاقة بالشأن الأوكراني . و شراكة استراتيجية بدأت عام 2018 ، و 5 عقود في العلاقات  الإستراتيجية ،و 17 مليار دولار استثمارات إماراتية في روسيا عام 2023 ، وحجم تبادل تجاري وصل إلى 10 مليارات دولار عام 2023 و يتصاعد بوتيرة متسارعة بين عامي 2024 و 2025  ثلاثة  أضعاف .

و الأهم هنا ، هو دخول الإمارات و بنجاح ميدان الافراج عن أسرى الحرب  لصالح الجانبين الروسي و الأوكراني بمعدل 206 أسير عام 2024 ، و زاد العدد إفراج عن 50 أسيرا ، و الإفراج أيضا عن 300 أسير روسي و أوكراني بدايات العام الحالي 2025 . وهو الذي رحب به الرئيسان بوتين و زيلينسكي . و عرض إماراتي على عقد حوار و سلام روسي – أوكراني يساهم بقوة في استقرار المنطقة السلافية ، و من شأنه سد الفجوة بين الشرق و الغرب ، و التخفيف من لهجة الحرب الباردة و سباق التسلح على المستوى العالمي .

وفي المقابل قدمت الإمارات أكثر من 14 طنا من المساعدات الإنسانية ، و سيارات إسعاف ، و 100 مليون دولار لأوكرانيا في فترة الحرب التي لازالت تدور رحاها في الأعوام 2014 و 2025 . و تجارة غير نفطية وصلت إلى مليار دولار ، و علاقات دبلوماسية راسخة ، و تعاون اقتصادي شمل البنية التحتية و الزراعة .

و يسجل للشيخ محمد بن زايد مبادرته لوقف الحرب الأوكرانية حال فوز الرئيس ترامب الرافض للحرب ،و الناقد لسياسة بايدن تجاهها . و تتضمن مبادرته وقف اطلاق النار ، وفتح باب الحوار و المفاوضات دون شروط مسبقة ، و التركيز على الجوانب الإنسانية خاصة ما يتعلق بملف الأسرى . و المعروف هو بأن وقف الحرب مصلحة روسية -أوكرانية – غربية أمريكية رغم افتعال بريطانيا – باريس جونسون ،و أمريكا – جو بايدن لها لوجستيا بداية ، و عسكريا بعد ذلك ، و بمبلغ تجاوز 300 مليار دولار ، تحملت أمريكا منه 200 مليار دولار ، و بدأت في عهد ترامب تطالب بهن ، و تدعو الرئيس الأوكراني – رئيس دولة ” كييف ” فلاديمير زيلينسكي تزويد أمريكا بالمعادن النادرة لتعويضها عن تكاليف الحرب ، التي ثبت خسران حلف ” الناتو ” و العاصمة ” كييف ” لها . وهم من رفضوا الحوار الأوكراني – الأوكراني غربا و شرقا ، و بين ” كييف ” و ” موسكو ” و عبر الحوار ، و اتفاقية ” مينسك ” ، و حوار تركيا .

و الجديد في ملف الحرب الأوكرانية و الوساطة الأمريكية لتفكيك تعقيداتها ، هو طلب  الرئيس ترامب اجراء انتخابات رئاسية أوكرانية تفضي إلى  إفراز رئيس أوكراني قادر على توقيع السلام مع الجانب الروسي بحضور المظلة الأمريكية . و تصريح سابق للرئيس بوتين من داخل سيارته الرئاسية في موسكو أكد فيه على أن الرئيس زيلينسكي لا يملك حق توقيع السلام مع بلاده ، بسبب انتهاء صلاحية حقبته الرئاسية ، ناهيك على أن العاصمة ” كييف ” هي من بدأت الحرب ، و الأصل أن تقبل بنتيجتها الخاسرة  ، و بأن يرفع ” الناتو ” يده عنها  لتتوقف فورا . وبعد ذلك يطرح السؤال العريض هنا نفسه إن كان الشعب الأوكراني – غرب أوكرانيا يقبل بالتصويت للرئيس زيلينسكي ثانية بعد خوضه حربا خاسرة مع روسيا بواسطة اعتماده بالكامل على حلف ” الناتو ” المعادي لروسيا ؟ و نتيجة فوزه الرئاسي أول مرة عام 2019 و بنسبة وصلت إلى أكثر من 70% يصعب تكرارها ثانية الان ، فالظرف السياسي و العسكري تغير ، وما كان لن يعود ، خاصة و أن زيلينسكي هو من نادى بداية بسلام مع روسيا ، لكن الأوراق اللوجستية الغربية ذات العلاقة بالحرب الباردة و سباق التسلح قلبت الطاولة بين ” كييف ”  و ” موسكو ” ، و بدأت أمريكا – ترامب تنقلب على ” كييف ” و رئيسها ، و تدعوه لسداد تكلفة الحرب عبر المعادن الأوكرانية الثمينة ، وهي التي لا يقبل ترامب- رجل الأعمال  بأن تكون على نفقة أمريكا ،و يطالب ” الناتو ” حتى بسداد ما أنفقته أمريكا على الحرب كما ذكرت هنا أعلاه . و ستبقى الكره في ملعب الشعب الأوكراني الغربي ، بينما في شرق أوكرانيا قال كلمته عبر صناديق الاقتراع لصالح الأنضمام لروسيا و انهاء الحرب .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى