مقالات
أخر الأخبار

الجبور يكتب : الأردن واستراتيجيته المتوازنة في بيئة إقليمية ودولية مضطربة

22 الاعلامي – بقلم د. علي الجبور

لا تقتصر مواقف الأردن، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، على ردود فعل عابرة تجاه الأحداث، بل تنبع من استراتيجية شاملة تهدف إلى حماية المصالح الوطنية وتعزيز الاستقرار في ظل بيئة إقليمية ودولية مليئة بالتحديات. قدرة الأردن على الحفاظ على توازن دقيق بين سياساته الداخلية وخياراته الدولية جعلته لاعبًا محوريًا في المنطقة، حيث يسعى إلى تحقيق التوازن بين مبادئه الوطنية ومتطلبات الواقع السياسي.
إلى جانب الحفاظ على استقراره الداخلي، لعب الأردن دورًا فاعلًا في تعزيز الأمن الإقليمي، لا سيما من خلال مواقفه الثابتة تجاه القضايا الكبرى مثل القضية الفلسطينية. التزام الأردن بحل الدولتين، ورفضه للإجراءات الأحادية التي تمس حقوق الشعب الفلسطيني، يعكس دورًا دبلوماسيًا نشطًا يسعى إلى إرساء الاستقرار في المنطقة. كما أن انخراطه في الجهود الدولية لمحاربة التطرف يعزز مكانته كدولة مسؤولة تحظى بثقة المجتمع الدولي.
ورغم ذلك، تواجه السياسة الأردنية مجموعة من التحديات التي تتطلب استجابات مدروسة:
• موقع الأردن في قلب منطقة مضطربة يجعله عرضة لتأثيرات النزاعات المحيطة، سواء في فلسطين، سوريا، العراق، أو حتى تداعيات الصراعات العالمية على المنطقة. هذه التوترات تفرض عليه تحديات أمنية وسياسية تستدعي توازناً حذرًا بين التحالفات والمصالح الوطنية.
• يعاني الأردن من تحديات اقتصادية تتعلق بارتفاع معدلات البطالة، الضغوط على البنية التحتية بسبب اللاجئين، والاعتماد على المساعدات الخارجية. يفرض ذلك الحاجة إلى تعزيز الاستثمارات، وتطوير بيئة ريادة الأعمال، ودعم الابتكار لضمان استدامة النمو الاقتصادي.
• يشهد العالم تغيرات متسارعة في مراكز القوى العالمية، مما يفرض على الأردن تبني سياسات مرنة تضمن استمرار تحالفاته الاستراتيجية مع القوى الكبرى، مع الحفاظ على استقلالية قراره السيادي.
• يواجه الأردن تحديات داخلية مرتبطة بتمكين الشباب، تعزيز المشاركة السياسية، وتحقيق إصلاحات اقتصادية واجتماعية تستجيب لطموحات المواطنين، مما يستدعي سياسات تستند إلى الشفافية والتواصل المستمر مع الشعب.
إن استعداد القيادة الأردنية لاتخاذ قرارات صعبة، رغم ما قد يترتب عليها من تضحيات، يعكس نموذجًا للحكم الرشيد المستند إلى رؤية طويلة المدى لحماية المصالح الوطنية وتعزيز كرامة الدولة والشعب. ومع استمرار هذه الحكمة السياسية، سيظل الأردن لاعبًا مؤثرًا في المستقبل، خاصة في ظل التغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة.
وان قدرة الأردن على التعامل مع هذه التحديات بمرونة وديناميكية ستظل عاملًا رئيسيًا في تعزيز مكانته القيادية، مما يفتح أمامه فرصًا أكبر لتعزيز دوره الاستراتيجي في المنطقة، وتحقيق أهدافه في عالم سريع التغير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى