
22 الاعلامي – بقلم : الناشط الشبابي أحمد الزغيبات
اللقاء الذي تابعه العالم أجمع لمحتواه الثمين وما يحمل مضمونه كونه يشكل الحدث الأبرز لبيان اليوم الثاني لحرب غزة، وهو اللقاء الذي يعوّل عليه بالانتقال من لغة إملاءات إلى منهجية حوارات ، إلا إنّ إصرار الرئيس ترامب مع بداية اللقاء على إدخال الإعلام إلى جناح الاستقبال في البيت الأبيض نقلت الطابع العام من طابع دبلوماسي ملكي بالمضمون الى أسلوب ديماغوجي بالنهج ، فلا يعني الصمت الملكي على عبارة قالها المضيف او اقتراح موافقة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم عليها كونه ضيفٌ يحمل سمة الدبلوماسية الملكية بالطابع والمضمون، وهو ما حاول جلالته احتواءه لكي يصبح اللقاء حاملًا طابع الأهلية الدبلوماسية، هو الانطباع الذي راحت تأخذ من إيماءاته الكثير من الصحف الدولية تحليلاتها السياسية.
إنّ غاية اللقاءات الوجاهية بين القادة الوصول بها إلى جمل مشتركة حتى يستقيم النص وتصنع الشراكات البينية بين الدول ويتم تقويم السياق العام المراد إسقاطه فى المضمون المراد بيانه، وذلك عبر جملة الوصل التي ترسمها اللقاءات الوجاهية وهي اللقاءات الدبلوماسية التي من المفترض أن تضع العبارات السياسية فى نصابها القويم بدلا من محاولات التعرية والتجوية التي يجدها الكثير من السياسيين غير قويمة في بحر الأسلوب الديماغوجي الذي يجده مراقبون أنه خارج عن الأعراف الدبلوماسية، كما أنها لم تحقق الهدف المراد بيانه لقوة الردع التى يقف عليها الملك بحنكته الدبلوماسية.
ما انعكس على محتوى اللقاء بين المضيف والضيف ، والذي كان آخره أفضل بكثير من أوله عندما تبين للرئيس ترامب أنّ ما يتم بيانه والوقوف عليه من سردية قادمة من تل أبيب هي سردية مزيفة وغير صحيحة، كما أنّها لن تكون سياسة الإملاءات حواضن تجعلها واقع لا على المستوى العربي ولا على الصعيد الدولي، لكون القضية الفلسطينية ليست هى مجرد قضية شعب يبحث عن مكان يستظل فيه من هول المعارك، كونه يقوم على حركة مقاومة منذ قرن من الزمان لكنها قضية حق كفلها القانون الدولي والإنساني، وهي قضية تمثل صوت العدالة كما أنّها تمثل أيقونة للحرية عند العالم أجمع كما أن الجغرافية السياسية الفلسطينية لا تعتبر أرض يبينها عقار، بل هى حضارة أمة فلسطينية تشكل عنوان كرامة عند الأمة العربية والإسلامية كما تشكل عقيدة راسخة لا يجوز التفريط فيها أو المساومة عليها، وهذا ما يجعل من الموقف الهاشمي يشكل لها مرتكز كما تشكل الحاضنة الأردنية والعربية والدولية لها نصير وسند.
ما شكل مضمون الرسالة التى بينها الملك عبدالله في البيت الأبيض، والتي أكد عبرها على حرص الأردن على تمتين العلاقة الأردنية الأمريكية وتثمين دور الرئيس دونالد ترامب فى وقف الحرب فى غزة، كما نقل إليه تطلع المجتمعات العربية لإنجاز شراكة حقيقية تفضي إلى صيغة سلمية لحل الأزمة الفلسطينية ولا تبقى على حال تدويرها، وهذا ما يهيئ لمناخات السلام من جهة ويجعل مشروع نقل أهل غزة إلى رأس البحر الأحمر حيث العقبة وجزيرة تيران وصنافير اقتراح فاقد للأهلية من جهة أخرى ، و،إن كان بيان هذا الاقتراح يقوم على قاعدة تبادل للأراضي سيما وان هذا الاقتراح ما زال لا يملك حواضن فلسطينية وعربية أو حتى دولية وقانونية، وهذا ما يجعله فاقد للأهلية لكن الأمر يبقى بيد القمة العربية القادمة التي ستعقد في السابع والعشرين من الشهر الجاري وهي القمة التي تسبقها قمة في الرياض من دراسة اليوم الثاني فى قطاع غزة.
إن الأحداث الأخيرة وخاصة بعد لقاء البيت الأبيض ، وضعت الإعلام الأردني أمام اختبار كبير، فاللقاء الذي كان محط اهتمام واسع على الصعيدين الأردني والعربي، حظي باهتمام كبير ولكن للأسف ومع بعض الأخطاء في الترجمة على بعض القنوات الإخبارية العربية، تم تحريف بعض المعاني الجوهرية في حديث جلالة الملك، مما أدى إلى انتشار بعض الشكوك والتفسيرات المغلوطة على منصات التواصل الاجتماعي، هذه التفسيرات تم تداولها بسرعة، وتحولت إلى مادة للجدل، ونحن الآن بأمس الحاجة لاستراتيجية إعلامية واضحة بمنظور ومقاربات أخرى.
إن الخلل الذي حدث بسبب الترجمة، الذي تسبب في نقل صورة مشوشة عن مواقف جلالة الملك، أظهر ضعفًا في طريقة نقل الرسائل السياسية الأردنية للعالم، كما أن الردود السريعة من وسائل الإعلام الأردنية لم تكن كافية للتصحيح الفوري للمغالطات التي ظهرت في الإعلام العربي والعالمي، ولذا فإن الوقت قد حان لانتقال الخطاب الإعلامي الأردني إلى مرحلة جديدةٍ مؤثرةٍ وفاعلةٍ.
سيبقى الأردن عند موقفه الثابت والراسخ تجاه دولة فلسطين وقضية الأم بقيادة عرّاب السياسة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه.