![](/wp-content/uploads/2025/02/1abac5f1-a80f-4658-8f9b-80cf33dc3e3e_optimized-e1739456873114.jpg)
22 الاعلامي – صدام مقدادي – صحفي أردني
في ظاهر الأمر، بدا الجدل الذي أُثير حول الترجمة والمؤتمر الصحفي المفاجئ وكأنه عامل تشويش أو حتى نقطة ضعف في المشهد السياسي الأردني، لكن عند التعمق أكثر، يتضح أن هذا الجدل لم يكن مجرد حادثة عابرة، بل لعب دورا محوريا في تعزيز الموقف الأردني وإيصاله إلى الساحة الدولية بأقوى صورة ممكنة.
عندما انطلقت موجة الجدل حول الترجمة، كان يمكن أن ينظر البعض إليها على أنها زوبعة إعلامية أو حالة من الإرباك الدبلوماسي، ولكن في الواقع، كانت هذه الفوضى بمثابة نافذة استراتيجية عززت الموقف الأردني الرسمي والشعبي تجاه القضية الفلسطينية، وخاصة ملف التهجير. فبدلاً من أن يكون التركيز منصبًا فقط على تصريحات ترامب الاستفزازية، أصبح النقاش يدور حول الرد الأردني وموقفه الحاسم الذي لا يقبل التأويل برفضه التهجير.
لقد تحولت هذه الضجة الإعلامية “الترند” إلى فرصة ذهبية لإعادة التأكيد على الرفض القاطع لأي محاولات لفرض حلول على حساب الأردن، ورفض أي مخططات لإعادة تشكيل الخارطة السكانية للمنطقة، ومع تصاعد الاهتمام الإعلامي، وجد الأردن مساحة أكبر لتوضيح موقفه، ليس فقط على المستوى المحلي، ولكن أيضًا أمام الرأي العام الدولي.
اللغط كأداة دبلوماسية غير متوقعة.. الضجة الإعلامية التي أعقبت المؤتمر الصحفي لم تكن مجرد حالة من الجدل العابر، بل أوجدت زخما غير متوقع للموقف الأردني، فمن ناحية، تصاعد الاهتمام الإعلامي العالمي، مما جعل من الضروري تسليط الضوء على جوهر القضية بدلا من أن تبقى مجرد تصريح عابر في مؤتمر صحفي، ومن ناحية أخرى، دفعت هذه الفوضى إلى إعادة ضبط النقاش الدبلوماسي بحيث يصبح التركيز على الموقف الأردني الرافض للتهجير، بدلا من ترك المساحة لترامب لفرض أجندته الإعلامية المعتادة.
هذه الحالة من الجدل جعلت من المستحيل على أي طرف تجاهل الموقف الأردني، إذ أصبح موقف الأردن أكثر وضوحا وصلابة، وأُعيد تذكير الجميع بأن القرار الأردني سيكون عربيا موحدا وغير قابل للمساومة، وأن الأردن لن يكون طرفا في أي سيناريو يهدد وجوده أو يمس بتركيبته السكانية، وهذا كان واضحا عندما تحدث الملك صراحة بأنني سأعمل ما فيه مصلحة شعبي.
التوقيت.. لماذا كان هذا الجدل مفيدًا؟.. لا يمكن فهم أهمية هذا اللغط دون النظر إلى توقيت الحدث، جاء المؤتمر الصحفي والجدل الذي تبعه في وقت حساس للغاية، حيث كانت الضغوط تتزايد لإيجاد مخرج سياسي للأزمة، في مثل هذه الظروف، أي خطاب دبلوماسي قوي يجد طريقه بسرعة إلى العناوين الرئيسية، وهذا ما حدث تماما، بتصريحات الملك على منصة اكس بعد لقاء ترامب مباشرة، بدلاً من أن يمر اللقاء كحدث بروتوكولي عادي، أصبح نقطة تحول أعطت الأردن الفرصة لتثبيت موقفه بقوة في مواجهة الضغوط الدولية.
كيف قلب الأردن الطاولة؟.. بدل أن يكون الأردن في موقف المتلقي للتصريحات والقرارات، استغل هذا الجدل ليعيد صياغة المشهد بالكامل، ليصبح هو صاحب الرسالة الأقوى: التهجير مرفوض تماما، لا مجال للمساومة عليه، الأردن ليس ساحة لحلول الآخرين، بل طرفا فاعلا في معادلة الحل، وأي حل يجب أن يكون عربيا موحدا، ولن يُفرض علينا من الخارج.
الخلاصة أن هذه الفوضى عززت موقفنا وما بدا وكأنه مجرد جدل حول ترجمة أو مؤتمر مفاجئ، تحول إلى مكسب سياسي ودبلوماسي عزز موقف الأردن محليا ودوليا بالرفض القاطع للتهجير.