مقالات
أخر الأخبار

سلهب تكتب : التضليل الإعلامي والذباب الإلكتروني .. حرب ناعمة بأدوات رقمية

22 الاعلامي – بقلم: د. آلاء سلهب التميمي

في عصر التحول الرقمي والانفجار المعلوماتي، أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي سلاحًا ذا حدين، فمن جهة تتيح للأفراد حرية التعبير والتواصل، ومن جهة أخرى تحولت إلى ساحة معركة خفية، تُستخدم فيها الأكاذيب والشائعات كسلاح لزعزعة الاستقرار وإثارة الفتن.

ولعل أخطر أدوات هذه الحرب هو “الذباب الإلكتروني”، الذي يقف خلفه جيش منظم يعمل على تنفيذ أجندات خبيثة، أبرزها زرع الفُرقة بين الشعوب وتأليب الرأي العام، خدمةً لمصالح العدو الصهيوني وغيره والذي يتبنى مبدأ “فرق تسد” كنهج استراتيجي دائم.

الطابور الخامس والهجمات الرقمية

لم يعد التضليل الإعلامي مجرد خبر زائف أو إشاعة عابرة، بل أصبح صناعة متكاملة، تديرها جهات محترفة قادرة على خلق موجات من الفوضى الرقمية.

فالطابور الخامس، وجد في الفضاء الإلكتروني بيئة مثالية لنشر سمومه، مستخدمًا وسائل متعددة مثل الحسابات الوهمية، والتعليقات المدفوعة، والبث الموجه، لتحقيق أهداف محددة، أبرزها تشويه الحقائق، وإثارة النعرات، والتشكيك في الثوابت الوطنية والعربية.

الأردن.. مجتمع واعي لا يُخدع

وفي وطني الغالي الأردن، حيث يشكل الوعي المجتمعي حجر الأساس في مواجهة الأزمات، يعدّ “الفيسبوك” أكثر المنصات استخدامًا، ما يجعله بيئة خصبة لمحاولات التضليل.

إلا أن المجتمع الأردني، بفطنته وإدراكه، لم يكن يومًا لقمة سائغة لهذه المخططات.

فيعد المجتمع الاردني نسيج متماسك، يجمع بين مختلف أطيافه بانسجام، ويقف سدًا منيعًا في وجه أي محاولة لبث الفرقة والكراهية في المجتمع.

كيف نحمي أنفسنا من التضليل؟

كمتخصصة في الإعلام، وباحثة أكاديمية نشرت دراساتي في مجلة دراسات التابعة للجامعة الأردنية العريقة ومؤلفي سراب الحقيقة، أرى أن المواجهة تبدأ من الوعي.

ثانياً، عدم الانجرار وراء العناوين المثيرة والتي غالبًا ما تُستخدم عناوين مضللة لجذب الانتباه، فكن ناقدًا واعيًا لما تقرأه.

ثالثا، تجنب الدخول في معارك افتراضية، فالذباب الإلكتروني يستهدف استدراج الأفراد إلى نقاشات عقيمة، الهدف منها إثارة التوتر والانقسام والتفرقة وبث الكراهية.

رابعاً، دعم الخطاب الوطني الجامع بدلاً من الانسياق وراء خطاب الكراهية، علينا التركيز على ما يجمعنا كمجتمع متماسك.

خامسا، تعزيز الثقافة الإعلامية لأهميتها في نشر الوعي حول أساليب التضليل الإعلامي في المدارس والجامعات، ليصبح الأفراد أكثر قدرة على التمييز بين الحقيقة والتزييف.

فالتصدي لحملات التضليل يحتاج إلى عدة أمور ونصائح منها أولاً، التحقق قبل النشر أو التفاعل بأن لا تكن جزءًا من نشر الشائعات، وتأكد من مصادر الأخبار عبر وسائل إعلام موثوقة.

معركة الوعي هي الأهم

إن أخطر أنواع الحروب هي تلك التي تستهدف العقول، فالرصاصة قد تقتل فردًا، لكن الفكرة المسمومة تفتك بالمجتمع كله.

وأمام هذه التحديات، علينا أن نكون على قدر المسؤولية، واثقين بأن الأردن، بعقول أبنائه ووعيه الجمعي، لن يكون ضحية هذه اللعبة القذرة.

فمعركتنا ليست فقط على الأرض، بل أيضًا في الفضاء الرقمي، حيث الوعي هو السلاح الأقوى في مواجهة التضليل والخداع والفتنة.

والوحدة الوطنية والاستقرار خط احمر لن نسمح بالمساس بها أبداً.

اللهم احفظ الأردن قيادةً وشعبًا، ووفِّقنا لما فيه خير وطننا وأمتنا، وأدم علينا نعمة الأمن والاستقرار، واجعل كيد أعدائنا في نحورهم، وأرنا فيهم عجائب قدرتك، إنك على كل شيء قدير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى