
22 الاعلامي – بقلم : ليندا المواجدة
لم يعد الوباء يقتصر على الأمراض الجسدية، بل أصبح الوباء الفكري والأسري والمدرسي ، أكثر فتكًا بما يخلّفه من دمار مجتمعي فالتطرف الفكري، الذي يسعى لفرض أيديولوجياته بالقوة والتربية الأسرية الخاطئة، التي تعجز عن غرس قيم التسامح والحوار، مع غياب الدور التربوي داخل المدارس، كلها عوامل تخلق بيئة خصبة للعنف والتطرف
حادثة حرق الطالب ليست مجرد سلوك فردي منحرف، بل انعكاس خطير لحالة التشرذم الفكري والاجتماعي الذي نعيشه ، المدرسة التي يفترض أن تكون شعلة للعلم والإيمان باتت تعاني من اختراقات فكرية وتربوية تفرّغ رسالتها من مضمونها، فكيف لطالب يدخل هذا الصرح المعرفي أن يكون محملًا بأفكار عنيفة بدلًا من القيم النبيلة والتي يفترض أننا تربينا عليها ، إن غياب التواصل التربوي داخل المدارس وعدم الإصغاء لمشاكل الطلبة ومراقبة سلوكهم يجعلها بيئة طاردة تنمو فيها السلوكيات العدوانية بدلًا من احتضان العقول وتنميتها وما يزيد الأمر خطورة، أن هذه الظواهر تخلق أجواءً من العداء والتجييش داخل المجتمع حيث تتحول المدرسة من منارة للعلم إلى ساحة صراع، تسعى لتشكيل أجيال لا تؤمن إلا بالعنف لقد دفعت حادثة حرق الطالب جلالة الملكة رانيا العبدالله وسمو ولي العهد للسؤال والاطمئنان ، مما يؤكد حجم الأزمة التي نواجهها إن مواجهة هذا الوباء الفكري والتربوي تتطلب جهدًا وطنيًا مشتركًا، تسلط هذه الحادثة الضوء على ضرورة تعزيز الوعي بمخاطر العنف بين الطلاب، وتفعيل دور الإرشاد النفسي والاجتماعي في المدارس، لضمان بيئة تعليمية آمنة وصحية لجميع الطلاب
الحادثة فعلًا صادمة، ليس فقط لكونها عنفًا مدرسيًا بل لأنها تعكس تفكيرًا إجراميًا مخيفًا لدى أطفال في هذا العمر فكرة أن طفلين يخططان لسكب الكاز على زميلهم وإشعال النار فيه تعكس خللًا تربويًا واجتماعيًا عميقًا ، هذا النوع من التصرفات لا يأتي من فراغ ، هناك عوامل تؤثر على طريقة تفكير الأطفال، مثل البيئة الأسرية، المحتوى الذي يشاهدونه، والتجارب التي يمرون بها.
السؤال الأكبر هنا: كيف وصل هؤلاء الأطفال إلى هذه الدرجة من التفكير والتطبيق ؟ هل هم ضحايا بيئة عنيفة؟ هل هناك إهمال تربوي؟ أم أنهم تعرضوا لمحتوى يحرض على العنف؟ مهما كانت الأسباب، يجب أن تكون هناك مراجعة جذرية لمفهوم الانضباط في المدارس، ولآليات معالجة العنف بين الطلاب، حتى لا تتكرر مثل هذه الجرائم
وإعادة النظر في الدور التربوي للأسرة والمدرسة، حتى تعود المدرسة لما يجب أن تكون عليه شعلة للعلم، لا شرارة للاشتعال