مقالات
أخر الأخبار

الدكتور محمد فرج يكتب : صف واحد لأجل الوطن: التهديد يكبر… فهل نفيق قبل فوات الأوان؟

22 الاعلامي – بقلم : الدكتور محمد فرج

في خضم الأحداث المتسارعة التي تعصف بالمنطقة، لم يعد هناك متسع من الوقت للترف السياسي، ولا مساحة للمزايدات والانقسامات. اليوم، الأردن يقف أمام لحظة تاريخية فارقة، تحتم علينا جميعا—قيادة وشعبا ومؤسسات—أن نرص الصفوف ونكون على قدر التحدي. فالأخطار المحدقة بنا لا تفرق بين فئة وأخرى، ولا تميز بين جهة وأخرى، بل تستهدف الوطن كله، أرضا وهوية وكيانا، ومن يستمع إلى تصريحات وزير
المالية في حكومة الاحتلال، بتسلئيل سموترتش، حول “حدود الدولة اليهودية” التي – حسب زعمه – تمتد لتشمل فلسطين والأردن والسعودية ومصر ولبنان وسوريا، لم تكن مجرد فلتة لسان. إنها تعكس مشروعا استعماريا توسعيا متكاملا، تنفذه حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة لا تخفي أطماعها التاريخية. ولعل خطورة هذه التصريحات تكمن في أنها تصدر عن مسؤول رسمي، لا عن محلل أو متطرف عابر، ما يعني أننا أمام سياسة لا تخجل من إعلان نواياها علنا، في المقابل ، يلاحظ المواطن الأردني أن هناك محاولات داخلية لإشغال الرأي العام بقضايا ثانوية وهامشية يتم تضخيمها بشكل غير مبرر، وكأنها هي “أم القضايا”، في الوقت الذي تغفل فيه التهديدات الحقيقية. وهذا الانشغال بالهامش ليس فقط مضيعة للوقت، بل هو خطر حقيقي يبدد طاقة الدولة، ويشتت وعي المجتمع، ويزيد من قلق الناس المشروع على مصيرهم.
لقد جربنا لسنوات طويلة الاعتماد على الدبلوماسية الناعمة مع الولايات المتحدة ، واكتشفنا، للأسف، أن مصالح وأمن الكيان الصهيوني هي أولويتهم المطلقة، ولو على حساب أمن واستقرار شعوب المنطقة، وعلى رأسهم الشعب الأردني، المرحلة اليوم تتطلب ما

هو أكثر من الخطابات والبيانات؛ إنها تستدعي يقظة وطنية شاملة، تعيد ترتيب الأولويات وتضع الخطر الحقيقي في صدارة المشهد. علينا أن نستحضر التاريخ، لا لنُكرره، بل لنتعلم منه. ففي زمن التتار، شاهد أهل العراق ما حل بخراسان، ثم شاهد أهل الشام ما حلّ بالعراق، حتى وصل الدور إليهم. واليوم، إن لم نتحد، فإن الخطر سيصل إلينا دون شك.

إن القيادة الهاشمية والجيش العربي الأردني والأجهزة الأمنية يشكلان الثابت الوطني الذي يجب أن يلتف الجميع حوله. ولا مجال اليوم لتفريق الأردنيين بين “وطني” و”إسلامي” و”يساري” ، فجميعهم شركاء في هذا الوطن، وكل محاولة للتفريق بينهم لا تخدم سوى أجندات خارجية تستهدف وحدة الصف واستقرار الدولة.
لقد آن أوان اليقظة. فإما أن نصطف صفا واحدا دفاعا عن الأردن وكرامة الأمة، أو ننتظر – كما في قصص التاريخ – حتى يصل الخطر إلى أبوابنا، ويكون الوقت قد تأخر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى