
22 الاعلامي – بقلم : المحامية المتدربة يارا العلي
في زوايا المدن، على أرصفة الشوارع، وفي عمق المصانع وورش البناء…
يقف رجالٌ ونساءٌ لا يحملون الأضواء، ولا يسعون خلف الشهرة،
لكنهم، بصمتهم، يُشيدون الأوطان، ويُطوّقون الحياة بالجدّ والتفاني.
إنه الأول من أيار،
اليوم الذي نتوقف فيه لحظة، لنتأمل عُمق الأيادي التي تُمسك بالمجرفة، والمطرقة، والمكنسة، والقلم…
أيادٍ لم تعرف الراحة، لكنها لم تتوقف عن العطاء.
العمل ليس مجرد واجب، بل قيمة إنسانية راقية،
تُترجم فيها الكرامة، وتنبض عبرها تفاصيل الحياة.
والعامل ليس فقط من يكدّ بيديه، بل هو كل من يُنجز بضمير،
ويقدّم الجهد بلا تذمر، ويزرع أثره في كل زاوية من زوايا الوطن.
لكن، في ظل واقع اقتصادي صعب، وتحديات معيشية ضاغطة،
بات الكثير من العمال يواجهون مزيجًا من الصمت والتعب،
منهم من يعمل ساعات طويلة بأجور لا تكفي،
ومنهم من يفتقد لأبسط حقوقه من التأمين والحماية،
ومنهم من يعيش غربة داخل وطنه، لا يُذكر إلا في المناسبات.
وما بين حق التعبير وحق الحياة الكريمة، يبقى العامل هو الحلقة الأضعف في معادلة الحياة،
رغم أنه الأساس في كل عملية بناء وتنمية.
من هنا، فإن إحياء يوم العمال ليس فقط لتقديم الشكر، بل لمساءلة أنفسنا:
هل يحصل كل عامل على حقه؟
هل نوفر له بيئة آمنة وعادلة؟
هل نمنحه ما يستحقه من احترام قانوني ومجتمعي؟
الكرامة العمالية ليست ترفاً،بل استحقاق،
والعدالة ليست شعاراً، بل مسؤولية.
ومن لا يصون يد العامل، لا يبني وطنًا متماسكاً، ولا مستقبلاً مستقراً
فلنحمل في هذا اليوم رسالة وعي وتقدير،
ولنجعل من هذا التاريخ وعداً بأن اليد العاملة لن تُنسى، ولا تُهمّش، ولا تُستغل.
فهم ليسوا عابرين في تفاصيل يومنا…
بل هم الثابت الأصيل الذي به تُحفظ الأرض، وتُصان الكرامة، ويُبنى الغد.
كل عام وكل عامل بخير…
وكل تعب تُضيئه العدالة، لا النسيان.