×
آخر الأخبار

المجالي تكتب .. يوم الصمت الانتخابي: صمت أم صرخات خفية؟

{title}
22 الإعلامي   -

22 الاعلامي - بقلم ديما المجالي



في خضم الحملات الانتخابية، حيث تتصاعد الأصوات وتشتد الحماسة، وكلما اقتربنا من موعد الانتخابات يبدأ الجميع في الحديث عن "يوم الصمت الانتخابي" كأنه الترياق السحري لوقف الجلبة الانتخابية التي تغمر حياتنا، ويأتي يوم الصمت الانتخابي كفاصل ضروري ومهم ؛لتوفير بيئة هادئة وموضوعية للمواطنين ليقوموا بقرارهم بحرية ودون تأثيرات خارجية

ولكن، إذا توقفنا لحظة لنتفحص هذا اليوم العجيب، سنكتشف أن الأمر ليس كما يبدو.

وللتوضيح أكثر وبشكل واقعي أن يوم الصمت الانتخابي هو فترة زمنية تمتد عادةً من الساعة السابعة صباح اليوم الذي يسبق يوم الاقتراع وحتى الساعة السابعة صباح يوم الاقتراع و خلال هذه الفترة، يُحظر على المرشحين والأحزاب السياسية القيام بأي شكل من أشكال الدعاية الانتخابية و يُعتبر هذا اليوم فرصة للمواطنين للتركيز على خياراتهم دون الإنزعاج من الرسائل السياسية المستمرة.



ولنبدأ بالسؤال البسيط: لماذا يُفترض أن يكون يوم الصمت الانتخابي هادئاً، بينما هو في الحقيقة مليء بالضجيج المراوغ؟

في هذا اليوم، من المفترض أن يتوقف السياسيون عن خطبهم المثيرة، وتختفي الإعلانات الكبيرة من الشوارع، ولكن الصمت الذي يُفرض يبدو غريباً كأنه سحابة ضبابية تخفي الأصوات الحقيقية.

فالواقع هو أن "الصمت" في هذا اليوم ليس سوى وقفة في خضم عاصفة من النشاط غير المرئي، يكثر الناس من المناقشات في الصالونات، والمقاهي، ومواقع التواصل الاجتماعي حول كل تفاصيل الحملة الانتخابية. تجد المتابعين يتحدثون عن الأخبار، يفسرون التصريحات الأخيرة، ويناقشون تأثير الحملة على النتائج، وكأنهم يعملون بجد لجعل يوم الصمت هو اليوم الأكثر صخبا.

وتتحول الاجتماعات العائلية إلى محافل نقاش ساخنة، حيث ينهل الجميع من كنوز المعرفة التي اكتسبوها خلال فترة الحملة، ولكنهم يُخفون آراءهم الجادة تحت قناع الترفيه، وتصبح كل جملة وكل تعليق عبارة عن تمرين في "فن الصمت"، حيث يختبر الجميع مهاراتهم في كيفية التعبير عن أنفسهم دون انتهاك القوانين.

ثم يأتي دور وسائل الإعلام تجدهم في حالة من الارتباك بعد أن قضوا اسابيع في تغطية كل حركة للمرشحين يجدون أنفسهم فجأة في عالم من السكون ، وقد يتساءلون : ماذا نفعل الآن؟ ، المتوقع أن تجد بعض التقارير التي تحلل تأثير الصمت على العقلية الجماعية أو تتناول تقنيات تحسين النوم لتقليل القلق من الحملات. ولكن الواقع بأن هناك اعلام ينتهز الفرصة لتبث برامج تحليلية حول الانتخابات، وخلالها تظهر اعلانات تجارية تعبر عن الحملات الانتخابية بشكل غير مباشر تبدو وكأنها تلعب على حافة القوانين.

ويبقى يوم الصمت الانتخابي لغزاً مفتوحاً، يختلط فيه الصمت بالضجيج، والهدوء بالفوضى، يعكس بشكل غير مباشر كافة التناقضات التي نعيشها في عملية الانتخابات، سعي لفرض الهدوء مع الاحتفاظ ببرامج النشاط الخفية. هو صمت زائف، مليء بالأصوات غير المرئية، ومليء بالإشارات الخفية التي تدل على أن عالم السياسة لا يعرف أبداً كيف يكون صامتاً حقاً



ولكي أكون أكثر إيجابية، يجب أن ندرك أن الصمت له أهمية توازي أهمية الضجيج، و أن "الصمت الانتخابي هو تذكير بسيط بأن أعظم القرارات يمكن أن تأتي في لحظات الهدوء."