22 الاعلامي – بقلم: الدكتور محمد نصرالله فرج
تعد وزارة الشباب من أكثر المؤسسات الرسمية الأردنية التي تمر بمرحلة إعادة تعريف لدورها، وسط سياق إقليمي ومحلي يضغط بقوة على أهمية تمكين الشباب وإشراكهم في مسارات الدولة السياسية والاقتصادية. ومنذ تسلّم المهندس يزن الشديفات حقيبة الوزارة، برزت إشارات واضحة إلى وجود رغبة في قلب الطاولة، وإعادة هندسة برامج الوزارة بما يتجاوز الشكلية القديمة.
تأتي هذه التحركات منسجمة مع الرؤية الهاشمية، إذ يلعب جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين دورا محوريا في دعم قطاع الشباب، واضعا تمكينهم على رأس أولويات الدولة، باعتبارهم ركيزة أساسية في مشروع التحديث الشامل.
ويواصل ولي العهد، الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، ترجمة هذا الالتزام الملكي من خلال رعايته المباشرة لمبادرات شبابية وطنية، والتأكيد الدائم على أهمية إتاحة الفرص أمام الشباب ليكونوا شركاء حقيقيين في التنمية، لا مجرد مستفيدين منها.
وأبرز معالم هذا التحول ظهرت في حزمة البرامج التدريبية المركزية التي أُطلقت مؤخراً، وتشمل موضوعات عصرية تلبي احتياجات الشباب في سوق العمل والمجتمع الرقمي، مثل الأمن السيبراني، التسويق الرقمي، الذكاء الاصطناعي، التجارة الإلكترونية، والمرافق السياحية، وهي برامج تنتهي بمنح شهادات تدريبية معتمدة من جهات مختصة، هذه الحزمة تعبر عن توجه الوزارة لبناء قدرات عملية حقيقية، تمكن الشباب من اكتساب مهارات تخصصية حديثة، بعيدا عن الأنشطة التقليدية.
وفي ملفات السياسة والتحديث، أطلقت الوزارة برامج نوعية تستهدف بناء وعي سياسي رصين، عبر تأسيس المعهد السياسي لإعداد القيادات الشبابية، الذي يقدم تدريبات متقدمة في فهم العمل البرلماني، وصياغة السياسات العامة، ومهارات الحوار الديمقراطي، هذه المسارات تعزز إشراك الشباب في الشأن العام، بما يتماشى مع مسارات التحديث السياسي التي تتبناها الدولة.
وجاء البرلمان الشبابي الأردني ليشكل مساحة محاكاة سياسية واقعية، تمنح الشباب فرصة اختبار تجارب تشبه الحياة البرلمانية، وإتاحة أدوات المناقشة وصياغة التوصيات، دون الوقوع في فخ التنظير أو الاجتماعات الشكلية التي أضعفت الكثير من المبادرات سابقاً.
أما جائزة الحسين بن عبد الله الثاني للعمل التطوعي، فتعد واحدة من أبرز الملفات التي تعمل الوزارة على تطويرها وتعزيز أثرها، عبر تكريسها كمنصة وطنية تبرز روح العطاء الشبابي وتكرم المبادرات التطوعية ذات الأثر المستدام، بما يعكس الثقة التي أولاها سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني للوزارة في هذا الملف الحيوي.
اليوم، تقف وزارة الشباب أمام فرصة مهمة لترجمة هذه الرؤية إلى واقع يمس حياة الشباب الأردني اليومية، ويجعلهم جزءا أساسيا من مسارات التنمية والتحديث.
التطلعات كبيرة، وطريق وزارة مليء بالإمكانات التي يمكن أن تجعلها واحدة من أكثر الوزارات تأثيرا في صياغة مستقبل الأردن.