22 الاعلامي - بقلم : علي سليمان النجادات
لا مبالغة في القول ان إنسان اليوم هو إنسان فكر في المقام الأول يقوده العقل والخيال، ذلك انه يَخلق من التنقيب عن أبجديات المستقبل والنبش في جذوره، توازنات ولغات تساعده في إنتاج المعرفة على نحو خلاق ومبتكر ومتجدد.
إنسان اليوم لا تجد له وصي ولا وكيل في أذهان هذا العصر، ذلك لأن هذا العصر عصر الشريك والوسيط، عصر لا يعترف بثبات أو جمود، بل بحركة وتجدد وإبتكار وتغير وتحول.
في هذا العصر المغلف بالوسائط، نجد أن الوعي والإبداع البشري هما حجر الأساس، الذي أحدث هذا التحول الجذري في نظرنا وعلاقتنا مع العالم والأشياء المحيطة والتكنولوجيا الحديثة، التي تدفع بنا بإستمرار للنظر إلى المجهول والمستبعد، متجاوزين بذلك منطق اليقينيات الجاهزة المتداولة من وقائع يومية سابقة.
عصر يتشكل أمامنا ببنيه تحتيه أساسها التكنولوجيا، يُعيد تشكل المشهد القديم بأدواته الذكية في كل شيء، في التعليم والصحة والعمل والتواصل حتى في الإنسان ذاته، نحن إذاً أمام تحول لا مفر لنا منه لأنه تطور طبيعي في مسار الحضارة البشرية ومكوناً أساسياً في بنية المجتمع الحديث.
كل يوم يمر في هذا العصر يتم فيه إجتراح خريطة جديدة للإكتشاف، ترتفع فوق الوسط المفهومي السائد، للحظة تاريخية ترتفع فيها الأفكار كسلعة قابلة للتداول والصرف.
إننا اليوم ونحن في قلب هذا العصر الذي يُعيد تشكيل العالم بكل تفاصيله، عصر الذكاء الإصطناعي والتكامل الرقمي، لا نملك ترف الوقوف على الهامش، إذ لا بد لنا من إرادة قوية لصياغة مستقبلنا بالتفاعل مع كل ما هو جديد بما يخدمنا ويخدم البشرية، فنحن أمام لحظة فاصلة تتطلب الوعي واليقظة، لا مجال فيها للتراجع أو التردد أو التغني بما هو ماضي فمن يعشق صوت الماضي لا يستطيع مخاطبة المستقبل.
في النهاية يمكن القول إن هذا العصر لهو عامل هدم لا بناء لكل الأنماط الفكرية القديمة، التي تأسست على مركزية الإنسان والثبات واليقين، كان عليه أن يتجاوزها ولا يُطيل النظر إليها لفهم الواقع الجديد والتحول القادم من رحم الغيب.
علي سليمان النجادات