آخر الأخبار

فادي السمردلي يكتب : سياحة تحت التهديد كيف يدفع الأردن ثمن جغرافيا لا يتحكم بها؟

{title}
22 الإعلامي   -

22 الاعلامي - بقلم: فادي زواد السمردلي



ليست هذه أول أزمة تمرّ بها السياحة الأردنية، ولن تكون الأخيرة لكن ما يجعل التحدي الحالي أكثر تعقيدًا هو أن الأردن، رغم أمنه واستقراره، يجد نفسه يدفع ثمن صراعات لم يصنعها ففي لحظة واحدة، أُغلقت الأجواء، وتبدلت المسارات، وتراجع عدد الزوار. كل ذلك ليس لأن شيئًا تغيّر داخل حدودنا، بل لأن ما يدور حولنا – على بعد مئات الكيلومترات – يكفي ليُرعب السائح الغربي ويجعله يضغط زر "إلغاء الرحلة".



أمام هذا الواقع القاسي، نجد أنفسنا نسأل: كيف نحمي السياحة، وهي ليست مجرد اقتصاد بل روح؟ وكيف نروي للعالم قصة الأردن الحقيقية التي تضيع وسط ضجيج المنطقة؟



في ظل تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران، ورغم أن الأردن لم يكن طرفًا مباشرًا في النزاع، إلا أن قربه الجغرافي من بؤرة الصراع جعله يتأثر بصورة غير مباشرة فشركات طيران دولية أوقفت أو أعادت جدولة رحلاتها، وتجنبت الأجواء الأردنية التي أُغلقت مؤقتًا كإجراء احترازي.



سلسلة من الإلغاءات طالت وكالات السفر والفنادق في عمّان والبتراء والعقبة، وحتى وادي رم بدأ يشعر بالفراغ السياح – سواء ضمن مجموعات منظمة أو رحّالة أفراد – أعادوا التفكير، وكثير منهم غيّر وجهته كليًا.



هنا، لا نتحدث فقط عن خسائر مالية أو تراجع نسب إشغال، بل عن اضطراب يُصيب آلاف العاملين في القطاع، من سائق الباص إلى دليل الرحلات، من صاحب النُزل الصغير إلى شركات السياحة الكبرى.



رغم ذلك، لا تزال الدولة الأردنية تبدي صلابة واضحة.حملات مكثفة لتشجيع السياحة الداخلية، والتوجّه نحو أسواق جديدة في شرق آسيا وبعض الدول الإفريقية، محاولة لبثّ رسائل طمأنة بأن البلاد ما زالت واحة أمن في قلب منطقة مشتعلة.



لكن التحدي الحقيقي لا يكمن فقط في "طمأنة" السائح، بل في كسر الصورة النمطية التي تضع الأردن – ظلمًا – في سلة واحدة مع دول الجوار المتوترة. فالمسافر الغربي، غالبًا، لا يفرّق بين اسم دولة واسم صراع، بل يُكوّن انطباعاته مما يراه على الشاشات.



هنا يظهر سؤال محوري: هل نكتفي بالدفاع أم نعيد صياغة روايتنا للعالم؟

ربما حان الوقت لأن نبتكر خطابًا جديدًا، لا يركّز فقط على المواقع التاريخية، بل على "الطمأنينة اليومية" التي يعيشها الأردني في شوارع عمّان ومقاهي الكرك وأزقة البتراء.



في النهاية، يبقى الأردن بلدًا صغيرًا بجغرافيته، كبيرًا بثباته، يواجه واقعًا أقسى مما يبدو في العناوين. وبينما تنتظر البتراء زوّارها، ويصبر وادي رم على الصمت، علينا أن نواصل العمل، لا فقط لنستعيد الزخم، بل لنثبت أن السياحة الأردنية قادرة على الصمود، لا برغم الجغرافيا فحسب، بل بفضلها.